لا خلاف ان التظاهرات السلمية ، حالة صحية وحضارية تعبر عن رقي الشعوب وتحضرها ، وتعبيرها عن رفضها لسياسات الحكومة ، كما انها تعد عامل مساعد في تقويم وتوجيه عمل السلطة التنفيذية ، وبما يحقق المصلحة المشتركة للجمهور من جهة ، وتقديم احسن الخدمات من الحكومة من جهة اخرى . ما جرى من تظاهرات وما سبقها من اعتصامات سواءً كانت من الجماهير او من النواب انفسهم في قاعة البرلمان ، لا يمكنها ان تعبر عن موقف الجمهور العراقي ، والذي يتميز بتنوع قومياته ومشاربه ، لانها اي التظاهرات كانت يقف وراها جهة واحدة وهي التيار الصدري ، وان اي حضور اخر هو تمثيل شخصي ، بدليل حجم المتظاهرين ، والذين وعلى الرغم من استمرار مطالبهم ، الا انها كانوا الأكثر انضباطاً وتنظيماً . تظاهرات التيار الصدري لايمكن باي حال من الاحوال عدها تظاهرات تمثل الجماهير ، كونها خرجت بأهداف يسعى لها زعيمهم مقتدى الصدر ، والذي ربما لايعلم ان التظاهرات يجب ان تكون تظاهر على حالة الفساد في الحكومة ،والتي يشترك فيها وزراءه ونوابه ، وان اي عملية (شلع او قلع ) يجب ان تشمل رجاله ، وان هناك ملفات خطيرة تهدد وجوده السياسي وكتلته .ما حصل يوم امس في مجلس النواب ، ودخول اتباع الصدر الى مجلس النواب العراقي ، والتجاوز على ممتلكات الدولة ، عكس حقيقة التظاهرات والمطالبات ، وان الشعارات التي رفعها أنصاره (شلع قلع كلها حرامية ) ينبغي لها ان تشمل نوابهأيضاً ، والذين كانوا حاضرين ، ويصافحهم الجمهور الغاضب ، كالنائب الزاملي ، وغيره من نواب التيار الصدري ، كما ان ما حصل في البرلمان يذكرنا بأحداث خطيرة كان انصار الصدر المشتبهين فيها ، فالاجرام يختلف في المكان والزمان ، ففي السابع من صفر وهي ذكرى شهادة الامام الحسن المجتبى ، تم قتل السيد عبد المجيد الخوئي بدم بارد ، وأغلقت القضية ضد مجهول ، واحداث كربلاء في ذكرى مولد الامام صاحب الامر (عج) ، وفي حرم الامام الحسين (ع) ، والذي حرق فيه اجزاء من الحرم المطهر ، وتهديد حياة العشرات من المواطنين الأبرياء ، مستخدمين شتى انواع الأسلحة ، وهي الجريمة الاخرى التي قيدت ضد مجهول ، واليوم الجريمة في حرم الشعب وبرلمانه ، وتاتي متسقة مع شهادة الامام موسى بن جعفر (ع) ، وتاتي التظاهرات بحجة طلب الاصلاح ، وتدخل جموع المتظاهرين الى مقر السلطة التشريعية ، وتكسر هيبة الدولة والقانون ، وبدعم مباشر من نواب التيار الصدري ، والذين كانوا حاضرين عملية الدخول ، والتعدي على ممتلكات الدولة ، وهتك حرمة البرلمان الذي كان يتمتع فيه نواب التيار الصدري بامتيازاتهم . اعتقد ان ما جرى من احداث في البرلمان خرق للامن في بغداد ، خصوصاً مع الاستنفار الامني والاستعداد لاحياء شهادة الامام الكاظم (ع) ، كما انها أسقطت هيبة الدولة ، وجعلتها مهب الريح ، وأمست مهددة باي لحظة بالسقوط ، لذا لا جدوى من اي عملية إصلاح او تغيير ، وان عملية الاصلاحات التي يقوم بها السيد العبادي لا تعدو كونها ترتيب اوضاع ، وتهدأة شارع ملتهب ومدفوع بأجندات مختلفة ، كما انها هذا التحرك اللافت يراد به تصفية حسابات ، وانتقام الصدريين من المالكي إبان صولة الفرسان ، والتي أنهت نفوذ التيار الصدري ، كما ان السؤال المطروح ، من يقف خلف هذه الأحداث ، ومن هو المستفيد منها ، وهل يقف خلفها البعثية ام انها جاءت برعاية خارجية ودعم إقليمي ، أسئلة تنتظر الإجابة قريباً ؟!!