صفوان الجمال الكوفي من أصحاب الإمام موسى الكاظم «عليه السلام» وهو رجل صاحب تقوى ، ومن شيعته ورواة حديثة الموّثقين وكانت معيشته تعتمد على إجارة إبله. يقول صفوان : دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر «عليه السلام» فقال لي: يا صفوان كل شئ منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً، قلت: جعلت فداك اي شئ؟ قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل ( يعني هارون الرشيد).
قال: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو ولكني أكريته لهذا الطريق يعنى مكة ، ولا أتولاه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني.؟ فقال لي : يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قلت : نعم جعلت فداك. , قال فقال لي: اتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك؟ قلت : نعم. , قال: من احب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النار, قال صفوان : فذهبت فبعت جمالي عن آخرها. ؟!
بهذا الاستدلال المنطقي يخرج الامام الكاظم عليه السلام بنتيجة تبهر وتلفت صفوان الجمال الشيعي التقي من غفلته وكيف بعمله وان كان من حيث لا يشعر أو يقصد يتسبب في حبه لبقاء الظالمين حتى يحصل على أجرته فيكون مورد النار رغم تشيعه واعماله الصالحة الأخرى التي لا تشفع له مع عمله الجزئي هذا لحبه بقاء الظالمين , وبما اننا في مورد ومحل ومناسبة ذكرى استشهاد الامام الكاظم عليه السلام فهذه النصيحة لصفوان التي وصلت للحاكم السلطان بوشاية من أئمة الضلال المنتفعين المحبين لبقاء الظالمين من أجل ملء جيوبهم وبطونهم , أراد بها الامام عليه السلام امتداد تاريخي ونهج إصلاحي وحكمة وعظة يلتزم كل موالي بتطبيقها وتجسيدها بسلوك مناهض رافض للظالمين !
وبربط موضوعي مع واقعنا الحالي ومع ما نجد من ادعاء بتشيع وموالاة للامام الكاظم عليه السلام واحياء لذكراه وبكاء ولطم وزيارة , وفهم مغلوط مقلوب للتشيع وثقافة ناقصة مشوهة فمجرد ان تكون شيعي فلا بأس ولا حرج أن تقتل وتسلب وتظلم وتعين الظالم وتلعق في قصعته؟! نرى بوضوح وعلى كل المستويات من (فقهاء وقادة وساسة وعوام ) في خانة الظالمين لان كل منهم أما يكون ظالماً او محبا لبقاء الظالمين لارتباط مصلحته وواجهته ومنصبه وديناره ودرهم بالظالمين , لأنه وبكل وضوح نقول من جراء ما حصل في العراق من ظلم وجور وفساد وطائفية وقتل وتهجير وتقسيم ودمار وخراب وتمزيق لوحدة المجتمع بسبب تسلط الظالمين الفاسدين وبقاءهم لمدة ثلاثة عشر عاما ينهشون في جسد العراق وينهبون ثرواته ويهدرون أمواله ؟
فمن أفتى لانتخاب هؤلاء الظالمين رغم فشلهم وفسادهم ونفاقهم وعمالتهم أليس فقهاء وعلماء النجف وأولهم السيستاني بحجة نصرة المذهب وأهل البيت عليهم السلام ومنهم الامام الكاظم عليه السلام ! من أعطى صوته وكرر ذلك في عدة دورات انتخابية بعد أن غرر بهم وعاظ السلاطين والمستأكلين وخطباء المنبر وقالوا لهم بالحرف الواحد انتخبوهم وان كانوا فاسدين ظالمين سارقين !
ومن يخوض مع الخائضين الفاسدين السارقين الظالمين ويتقمص دور المصلحين ويحاول عبثاً أن يتبدل وجوها بأخرى تحت نفس الجهات والأحزاب والتحالفات الظالمة الفاسدة !
فاذا كان حب بقاءهم يورد النار ومعصية لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه واله ولأهل البيت عليهم السلام فكيف بمن أفتى لانتخابهم وتسليطهم وكيف بمن يدافع عنه وكيف بمن يعتدي ويعادي من يرفضهم ويخرج متظاهراً ضدهم وكيف يبيع دينه ووطنه وقيمه من أجلهم وكيف بمن يوشي وينافق ويمكر ويغدر ويقتل ويعذب ويعتقل ويهجر بمن حرم انتخابهم ويحرم تأييدهم ويحذر وينبه العباد منهم ويكشف فسادهم ويطالب بالخلاص الجذري الحقيقي منهم جميعاً , فأكيد نفس المصير الذي حصل بحق الامام الكاظم عليه السلام يصيبهم يقول المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في كتابه (نزيل السجون ) (أئمة الضلال المنتفعين من الحكام والسلاطين السبب في قتل الصالحين ….يكفي الإشارة الى أن السبب فيما حصل للإمام الكاظم عليه السلام من أئمة الضلال وتآمرهم عليه وتحريضهم المتكرر والمستمر لرؤوس السلطة الحاكمة ضد الامام عليه السلام أدى الى تلك النتيجة من السجن ثم السم والقتل )