ما حدث من في الأيام الأخير في المشهد العراقي من اقتحام للمنطقة الخضراء ودخول لمبنى البرلمان ومجلس الوزراء ومن ثم انسحاب إلى ساحة الاحتفالات والتي رافقها هروب أعضاء البرلمان المتواجدين ساعة الإقتحام بإستثناء رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي ظهر في العديد من الفيديوهات وهو يلوح بيده للمتظاهرين وهم يسلمون عليه وبعد ذلك انسحاب المتظاهرين من المنطقة الخضراء ما هي إلا مسرحية مفضوحة ومكشوفة للجميع, وما فضحها هو تصريح مقتدى الصدر الذي قال فيه إنه معتكف لمدة شهرين من جهة ومن جهة أخرى أمر بما سماها بثورة الشعب في آخر يوم من الفصل التشريعي الأول.
لماذا مقتدى الصدر قرر الاعتكاف لمدة شهرين ؟ حيث يتزامن هذا الاعتكاف مع عطلة النواب التي تمتد لمدة شهرين وهي تبدأ من 1 / 5 / 2016 وكذلك لماذا سمح لأتباعه بالدخول إلى المنطقة الخضراء في آخر يوم لهم ؟ وليس قبل ذلك الوقت بأسبوع مثلاً ؟ وكذلك لماذا اعتدى أتباعه على مجموعة من البرلمانيين وتركوا أعضاء كتلة الصدر النيابية وكذلك لم يمسوا حيدر العبادي ولو بكلمة وهو يشق صفوفهم ويحييهم مبتسماً ؟ هذه الأمور كشفت لنا وللجميع إن ما حدث هو عبارة عن سيناريو اعتده الولايات المتحدة الأمريكية مع العبادي الذي استغل مقتدى خير استغلال خصوصاً إن مقتدى أقدم على هذه الخطوة بعد زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن للعراق.
والهدف من هذا الحراك هو أما إجبار الكتل النيابية على التصويت على كابينة العبادي الوزارية وعدم الإعتراض عليها وحصة مقتدى الصدر من هذه الكابينة مضمونة, وهذه الحركة جاءت في آخر يوم من الدوام الرسمي للبرلمانيين لإعطائهم مدة كافية للتفكير خلال عطلتهم والرضوخ لإرادة العبادي وأميركا والتي أصبح مقتدى يمثل العصا التي يلوحون بها على النواب, وإذا فشل هذا الحراك في الضغط على البرلمان فإن هذه الفعالية ستتكرر مرة أخرى وسيخرج العبادي لإعلان حالة الطوارئ أو إعلانه لحكومة طوارئ عسكرية وحل الحكومة والبرلمان ومن ثم إعلان الحكومة التي تريدها أميركا.
فما حصل من حراك تصوره أغلب العراقيين على أنه سيغير من واقع العراق شيئاً, لكنه حتى وإن إستمر فهو يمثل الإرادة الغربية وليس إرادة الشعب وما تحكم مقتدى بالتظاهرات حيث أمر باقتحام الخضراء وبعد ذلك أمر بالإنسحاب خير دليل على ذلك وهذه الأوامر التي أصدرها هي من جهات أعلى منه وهي التي تحركه وكما بينا أميركا توجه العبادي والعبادي يزج بمقتدى في الواجهة من أجل تمرير المشروع الأميركي الذي استفز إيران كثيراً حتى وصل بها الأمر أن توعز إلى المليشيات المرتبطة معها إلى الانتشار في العاصمة لضرب كل من اقتحم الخضراء في حال لو استمروا بالتواجد هناك.
وهذا ما يلخصه المرجع العراقي الصرخي في استفتاء ” اعتصام وإصلاح….تغرير وتخدير وتبادل أدوار ” والذي قال فيه …
{{… وأدنى التفاتة من أبسط انسان تجعله يتيقّن أنه لا يوجد أمل في أيِّ إصلاح لان كل المتخالفين المتنافسين المتصارعين قد اتّفقوا على نفس التهديد والتصعيد وهو سحب الثقة من رئيس الحكومة وحكومته!!! وهذا التهديد ونتيجته الهزلية يعني وبكل وضوح الرجوع الى المربّع الأوّل في تشكيل حكومة جديدة حسب الدستور الفاشل وتوافقات الكتل السياسية نفسها والدول المحرّكة لها،
ـ وعليه ينكشف أن الإصلاح ليس بإصلاح بل لعبة للضغط والكسب أو للتغرير والتخدير وتبادل الأدوار قد أذنت به أميركا وإيران !!
ـ وهل تلاحظون أن الجميع صار يتحدث ويدعو للإصلاح وكأنهم في دعاية وتنافس انتخابي !! و موت يا شعب العراق إلى أن يجيئك الإصلاح!!!
ـ وهكذا سيتكرر المشهد إلى أن تقرّر أميركا تغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق…}}.
فكل ما حصل ويحصل من حراك سواء قام به مقتدى الصدر أو غيره من الجهات التي لها تمثيل في الحكومة والبرلمان هو عبارة عن تغرير وتخدير وضحك على الشعب ولا يتوقع أحد أن يكون هناك إصلاح مادام جميع المشتركين بالعملية السياسية الفاشلة في العراق هم المتصدين والمنادين بالإصلاح لأنهم يبحثون عن إصلاح وضعهم وليس وضع الشعب لذلك فلا خلاص إلا بمشروع خلاص الذي طرحه المرجع العراقي الصرخي والذي دعا فيه إلى تدويل قضية العراق وأن يكون تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة وبالتعاون مع الدول العربية, وتوجيه قرار شديد اللهجة لمطالبة إيران ومليشياتها بالخروج من العراق, وكذلك حل الحكومة والبرلمان الحاليين وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد ويكون أعضاء هذه الحكومة من العراقيين الشرفاء غير المرتبطين بأجندة أو دول خارجية, وإلا فلا يمكن أن يكتب للعراق خلاص ونجاة من وضعه الراهن بل سيؤول الوضع إلى الأسوأ والأسوأ.