بناء الدولة العراقية الجديدة بمؤسساتها كافة، يحتاج لجهد ووقت منظمين تماماً، حيث لايمكن للفوضى التي خلقها الفاسدون والفاشلون، أن تنتج وطناً، ومواطناً، ومواطنة في الوقت نفسه، لأن توفير مستلزمات كل واحد من هذه الثلاث، يتطلب جهوداً إستثنائية بمرحلة عصيبة كالتي تمر بعراقنا خاصة، وأن الشارع العراقي مهيأٌ تماماً للنقد والإعتراض على كل شيء، رغم وجود بعض الإيجابيات التي ألقت بظلالها على الشعب، لكن المشكلة ليست في الشعب، بل في الطبقة السياسية المتصارعة داخل البيت الواحد! إن الجماعة عندما تكون ممزقة متناحرة، تعطي لمصالحها الشخصية والفئوية رصيداً كبيراً، بعيداً عن الوطن والمواطن، فأن عوامل الفطرة التي أودعها الباريء عز وجل عند الإنسان، تتوقف بفعل شدة الإنحراف، وتصبح غير قادرة على التحرك الوطني والإجتماعي البناء، بسبب سيطرة عوامل حب السلطة والمال، فتختفي الأطر الإصلاحية، ويستحيل مع أمثال هؤلاء المتمنطقين بدعاوى الإصلاح، جمع العراق بكتلة واحدة وكلمة واحدة، لأنهم بعيدون عن الثوابت والمبادئ، والقيم الدينية والوطنية، وهذه إحدى صور تشظي التحالف الوطني حالياً.
بناء العلاقات المتوازنة بين القوى السياسية، يجب أن ينبع من قوة طرح المشروع العابر للمكونات والطوائف، فمَنْ يمتلك الرؤية والبرنامج، يملك معها الرغبة والمثابرة، ومواجهة التحديات التي تعترض أي مشروع، يتعارض مع مصالح بقية الأقطاب السياسية، التي لا تتوافق رؤاها مع المشروع الوطني الجامع، محاولاً لملمة الشتات بميدان عراقي كبير مؤثر، لأن قوة التحالف الوطني تتناسب طردياً، مع القدرة على رسم خارطة فاعلة لدور العراق، محلياً، وعربياً، إقليمياً، ودولياً، وهذا يحتاج لرجل قوي جريء معتدل!
أحد أهم الأمور الواجب إتباعها، لتحقيق إجماع سياسي داخل التحالف الوطني، هو تسويق مفردات دفع الضرر وجلب المنفعة ونسبهما، حيث يرتقي الأبناء المعتدلون الأكفاء، على منصة نسب الإنجاز المتحققة على الأرض، وبين نسب الأضرار التي دفعت عن العراق، بسبب مواقفهم المعتدلة، مع الإشارة الى إضرار حزب الدعوة، والتيار الصدري بالعملية السياسية، وعدم مقدرتهما على درء المفاسد، حيث إزدادت يوماً بعد آخر، وكأن الهدف دغدغة عواطف الجماهير رغم نار الإرهاب والفساد فبُح صوت المرجعية منها فكنستهم.التحالف الوطني عاش محنة كبيرة بعيدة عن مضمون إسمه، لكن آلية التخاطب والإعتدال والحوار المتفتح، التي إمتلكها السيد عمار الحكيم أتت أُكلها، لجمع القوى السياسية الشيعية، ليتبعها تشكيل كتلة وطنية عابرة للمكونات، لأنها الطرف الأقوى بمعادلة اليوم، فمشروع الحكيم قابل للتمدد، ويعيش إنفتاحاً على جميع الأطراف، والأقدر على دفع المسارات بإتجاهها الصحيح، خاصة مرحلتي ما بعد تحرير الموصل، والإستحقاق الإنتخابي القادم، وتنفيذ عناوينها البارزة في إزالة الفقر، وتمكين الشباب، ومكافحة الفساد، لينهض العراق من جديد.