حسن الاختيار ثقافة انتخابية، غالبا ما تجيء على غير هوى النفس؛ بهدي من وعي ونكران ذات وترفع عن الميول الشخصية والمصالح الفئوية و… لتدعيم اركان مجلس مركزي رصين، يوقر مهنة الطب، وفق نقابة نافذة الاثر في الدولة.. مجتمعا وشعبا، يجب ان يتجرد الطبيب الناخب، من المجاملة وتبادل المنافع! ناسين وجوب الثبات على الحق، بعدم إنتهاج الباطل سبيلا للإسترضاء.
يجب ان يدرك الطبيب قيمة صوته النقابي، عند مشاركته في انتخابات المجلس المركزي؛ لأن وعيه يتجلى بتلك الممارسة التي يترتب عليها مستقبل المهنة، والا يفرط بهذا “الحق -الواجب” ريثما يتضح موقف يتصدى من خلاله المؤهلون للعمل في إدارة النقابة مهنيا.
يجب الا نتحرج من صفة “المطلبية” في العمل النقابي، لأن النقابات وجدت لإستحصال مكاسب لأعضائها، لكن أحيانا.. بعض النقابات، تحقق مكاسب لأعضاء المجلس المركزي وأصدقائهم حصرا، مهملة الهيئة العامة؛ فينفرط عقدها، وتتشظى.
وإذ قال الشاعر المصري أمل دنقل.. رحمه الله: “إنفرط القلب كالمسبحة” فإن نقابة الاطباء بحاجة لجهد؛ كي تستعيد الخرزات التي شت بها النوى.. وهنا تنبري قيادة مثالية للمهنة، تتشكل في مجلس مركزي، يلملم شتات النقابة، وهذا رهين بعلو جناب يترفع عن الـ “أنا” ولا يدع الطوفان من بعده؛ إنما يترك منجزات تشف ذكرا طيبا، يخلد “كلكامش” بدل عشبة الحياة، التي أكلتها الأفعى؛ فسميت “حية”.
يتماهى النقابي مع ثقة زملائه به؛ فيسعى لأجلهم إرتقاءً بالنقابة الى مستوى تطلعات أعضاء الهيئة العامة، الذين يلتفون حلولها، مندغمين بجسدها، مثل نبت إستغلظ فإستوى على سوقه.
التأسيس الناضج، رصن طود بناء شامخ، آن لنا إعادة التوازن لمفاصل مهنتنا، من خلاله؛ كي ينتظم اداء الاسرة الطبية، كل من موقعه، و… حيثما حل مشرفا، يتحلى بمكانة مرموقة في مجتمع يشكر خدماته، ردا على معروف فضل يثبت تفانيه المخلص للمهنة، ينعكس على المرضى والمراجعين، الذين يتشكرون فيتحول الطبيب الى شخصية جماهيرية تتفداها الناس بارواحها، تثمينا لتواضع لا يسفح شخصيته.. إنما هو ميزان ذهب تكتحل به العين.
من أهم معايير ومجسات تنظيم العلاقة بين الطبيب ونقابته، هو حمايته وحفظه.. دعما وتحصينا إزاء كل ما ينال من حرمة مكانته، بصد تطاول الآخرين عليه، ومنعه من التقاصر أمامهم؛ قابلا الرشوة، وبالتالي الإخلال بشرف المهنة وآمانة الحفاظ على الارواح، وهي أصول تحقق برشاقة الاداء المهني، وفق فقرات منهجية، في جدول أعمال يجب ان تعلن عنه التشكيلة الجديدة للمجلس الذي سينتخب، مرتين.. الاولى حال فرز الاصوات وعقد الاجتماع الاول، واعدة بتحقيق برنامج واضح، من حيث المنطلقات.. وآلية التنفيذ، التي تشرك فيها الهيئة العامة بفاعلية تامة.. وانتهاءً ببلوغ نسب نجاح عالية، والمرة الثانية، عند نهاية الدورة الانتخابية، قبل ان يحل المجلس المركزي نفسه، ويسلم ادارة المؤتمر الانتخابي، للقاضي المنتدب من قبل هيئة القضاء الاعلى؛ إذ يجب ان تستعرض مقدار ما تحقق مما وعدت به، عبر سنوات المدة الانتخابية، وعرض اسباب التلكؤ عما ورد في بدء الدورة، ولم يتحقق في نهايتها.
وهذا ما لا نبلغه الا بسلطان الالهام الالهي، المترتب على دعائم متينة من ثقافة انتخابية، وحصانة ذاتية، ووعي نقابي وأداء مهني.
*د. جاسم مطشر ثامر العواد العزاوي.. طبيب ومحامٍ واعلامي