ما اشبه اليوم بالبارحة .. وما اشبه ماساة الكرادة بماساة ملجأ العامرية .. بالامس وبتاريخ 13 شباط عام 1991 قصفت الطائرات الامريكية من نوع اف 17 ملجأ العامرية وهو ملجأ آمن يختبيء فيه اطفال وشيوخ ونساء ليس لغرض التمتع باجواء رومانسية والرقص على انغام موسيقى ” التانكو والروك والزوربا ” كما يفعل الاطفال المدللون في الدول التي تطلق على نفسها دول متقدمة ومن ضمنها امريكا .. بل طلبا للنجاة من قصف الطائرات الامريكية خلال حرب الخليج الثانية .. فقد اطلقت طائرتان امريكيتان صواريخ ذكية اخترقت سقف الملجأ المحصن مما ادى الى مقتل اكثر من 400 مدنيا عراقيا وهو الرقم المقارب لعدد ضحايا الانفجار الذي وقع في منطقة الكرادة .. وطريقة القتل واحدة ملجأ العامرية استهدفه صاروخ ذكي مصنوع في احدث مصانع الاسلحة الامريكية والمادة المستخدمة في استهداف سوق تجاري في حي الكرادة مادة كيمياوية شديدة الاحتراق ..
المأساة واحدة فهو قتل متعمد مع سبق الاصرار والترصد سواء كانت طريقة القتل بصاروخ ذكي حسب ماتدعي القوات الامريكية وهو في كل الاحوال لم يكن صاروخا ذكيا بقدر ماكان صاروخا غبيا لانه لم يميز بين هدف عسكري يقع ضمن خطة الاستهداف المرسومة وهدف مدني يتحصن فيه اطفال ونساء وشيوخ .. والانفجار الذي وقع في منطقة الكرادة كان يحمل ذات مواصفات الصاروخ الامريكي فهو في كل الاعتبارات استهداف غبي ايضا لانه اخطأ هدفه واستهدف مواطنين مدنيين بينهم نساء واطفال كل ذنبهم انهم تحدوا حالة الرتابة التي تلازمهم في البيت فخرجو ليتمتعوا باجواء رومانسية جميلة .. ومهما يكن الهدف من جريمة انفجار الكرادة فانه قد خلق حالة من الذعر والخوف حال وقوعه جعل الضحايا يصابون بفوضى عارمة وهستريا كل يبحث عن مخرج ينقذه من نار ملتهبة عمت المكان بصورة سريعه وجعلت البحث عن منفذ او منقذ امرا صعبا وهي نفس الحالة التي حدثت في ملجأ العامرية حيث احدث احد الصواريخ الغبية فتحة كبيرة في سقف الملجأ المحصن فيما دخل الصاروخ الثاني وهو يحمل معه ملك الموت وبدأ بنشر حالة الرعب بين المتحصنيين بعد انفجاره مخلفا لهب من نار مستعرة اشبه بنار جهنم لكنها من نوع خاص احرقت اطفال ونساء وشيوخ ابرياء علا صراخهم وهم يناجون ربهم ان ينقذهم من هذا الجحيم .. بعد ان غلقت ابواب الملجأ المحصنه وهي تشبه في حصانتها ابواب الخزائن من شدة الحرارةالمنبعثة من الانفجار فحرقت نار جهنم اجساد الاطفال والنساء والشيوخ فاصبحوا خلال دقائق اكوام من الفحم .. كان المتحصنون داخل الملجأ مطمئنين انهم في مأمن من الموت الذي حصد الاف العراقيين خارج اسوار الملجأ خاصة وان جدران الملجأ صممت لتعزل من هم بداخله من اي انفجار يقع في الخارج لكن ملك الموت الذي يعتلي مقدمة الصاروخ الغبي كان مصمما ان يحصد اكبر عدد ممكن من المتحصنيين ليلقوا حتفهم بالموت حرقا وهي ذات الحروق التي حدثت خلال انفجار الكرادة .. اربعمائه وثمانية اشخاص لقوا حتفهم في ملجأ العامرية بينهم مائتان واحدى وستون امرأة واثنان وخمسون طفلا رضع اصغرهم طفل عمره سبعة ايام لم يتم العثور على جسدهِ ولا صورة لصراخه اضافة الى 26 مواطنا عربيا يعملون في العراق ليس لتدميره كما يفعل عربان او بعران السعودية بل لتعميره جنبا الى جنب مع السواعد العراقية التي كتب عليها ان تعيش سمفونية الموت التي تعزف على اوتار اجهزتها الموسيقية قوى خارجية تسعى لتفتيت وتدمير شعب آمن كل ذنبه انه يعشق الحياة بطريقته الخاصه ..
ولم يكن انفجار الكرادة هو الانفجار الوحيد الذي يقع في العراق لكنه الانفجار الاعنف في عدد الضحايا فقد بلغ حسب اخر احصائية 292 شخصا تم التعرف على هويات 115 منهم فيما لم يتم التعرف على 177 اخرين بسبب الحروق التي لحقت بهم جراء الانفجار وما زال البحث جاريا .. اضافة الى اصابة بحدود 300 شخص اغلبهم اصاباتهم شديدة ويقال ان الحريق الذي الحقه الانفجار جاء نتيجة استخدام الارهابي مواد حارقة شديدة الاشتعال من المحتمل ان تكون مادة السيفور او النابالم .. وايا كانت المادة المستخدمة فهي توشر وجود خلل كبير في طبيعة عمل الاجهزة الامنية التي باتت مشلولة وغير قادرة على حفظ الامن في البلاد نتيجة فقدانها الخبرة والدراية في ملاحقة منفذي جرائم التفجير اضافة الى وجود تراخي في الواجبات المكلفين بها او خلل في نوعية الاجهزة المستخدمة في الكشف عن المتفجرات وخاصة جهاز الكشف المستخدم في نقاط التفتيش الذي اصبح محط سخرية المواطنينن حتى اسموه جهاز كشف الزاهي لفشله وعدم قدرته على اداء الغرض من شراءه وباسعار خيالية.. ويطالب غالبية المواطنين باجراء تحقيق لكشف ملابسات حادث الكرادة الذي مازال يؤرق مضاجع العراقيين خاصة وان اغلب الضحايا هم من الاطفال والنساء .. وهو ذات الحادث الذي وقع في ملجأ العامرية الذي يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته بسبب عدم جديته في ملاحقة ومحاسبة منفذيه وفق القانون الدولي باعتبار الجريمة تندرج ضمن جرائم الحرب فيما تتحمل الحكومة العراقية مسؤولية الكشف عن ملابسات انفجار الكرادة الذي سيبقى ناقوسا يدق لايقاظ الضمائر الميته للقيادات المحلية والاقليمية والدولية التي تضمر الشر بالعراق للتحرك لايقاف نهر الدم من الجريان الذي استفحل وقد يؤدي الى حدوث طوفان يحرق الاخضر واليابس عندها لن ينجو منه السراق والخونة والافاكون .. وان غد لناظره قريب .