5 نوفمبر، 2024 11:41 ص
Search
Close this search box.

فوضى الخطاب الإعلامي وأسبابه في العراق

فوضى الخطاب الإعلامي وأسبابه في العراق

لابد من الاعتراف أن التدخل الأمريكي في العراق عام 2003، أطل حرية الإعلام العراقي، وهو ما ساهم في خلق مجال عام حيوي اتسم بالتنوع والانتشار وقوة التأثير، لكن هذا التدخل أو ما يسميه البعض بالأحتلال حمل نقيضه، وتسبب إلى حالة من الانفلات الإعلامي وتراجع مستويات الأداء المهني والاستسهال، والأخطر تراجع التنوع الحقيقي في الإعلام وهيمنة إعلام الفتنة والتحريض على العنف، والمفارقة أن هذا التحول حدث من دون تدخل من الدولة التي تعاني من الانفلات والفوضى وانهيار شبه شبه تام لمؤسسات الدولة العراقية.
وهنا علينا هناك تحديد الأسباب التي تفسر حالة الانفلات والفوضى في الإعلام العراقي، وهي: ضعف الدولة العراقية وعدم قدرتها على تطبيق التشريعات والقوانين المنظمة وهذا بسبب عجز السلطة التنفيذية، وعدم وجود نقابة للعاملين في الإعلام المرئي والمسموع في العراق في ظل التوسع الكبير في عدد المؤسسات التلفزيونية والإذاعية وتضاعف أعداد الكوادر البشرية فيها، أضافة إلى عدم تفعيل مواد دستور العراقي الخاصة بتنظيم الإعلام وحرية الرأي والتعبير وحق الحصول على المعلومات، كما أن هناك سبب أخر وهو هيمنة الأحزاب السياسية على القنوات والصحف الخاصة التي أصبحت الأكثر انتشاراً وتأثيراً مقارنة بإعلام الدولة الرسمي (شبكة الإعلام العراقي) الذي يعيش حالة من التخبط والفوضى، والملاحظ هنا أن هذا الانفلات في الإعلام يثير انتقادات كبيرة من قبل الشعب والحكومة وحتى الكتل السياسية والإعلاميين أنفسهم الذين يشعرون بمخاطر تراجع مكانة الإعلام العراقي ومصداقيته.
وبناءً على تلك المعطيات يمكن القول إن الخطاب الإعلامي العراقي في مجمله، وعلى مستوى القول والممارسات الفعلية له، لا ينقل الأخبار والمعلومات بمهنية للجمهور أو ينشر مختلف الأفكار والآراء وهذه مشخصة لجميع المتخصصين، ومن ثّم فإن معظم ما ينشر في وسائل الإعلام العراقية لا يحقق الوظائف الحقيقية المتعارف عليها للإعلام في مناهج كليات الإعلام وتمارس في وسائل الإعلام وتحددها مدونات السلوك والسياسة التحريرية وقواعد العمل الداخلي لإي مؤسسة محترمة، لذلك نحن نقول وبأمانة إن الخطاب الإعلامي ابتعد كثيراً عن القواعد المهنية للإعلام، وعن مقتضيات المنطق والتفكير العقلاني، ويهدد في بعض ممارساته المصالح الوطنية العراقية. باختصار، لابد من عقلنة الإعلام العراقي وتطوير خطابه وترشيده بحيث يكون قادراً على حشد الجماهير في مواجهة الإرهاب وتحقيق أهداف التنمية والاستقرارفي العراق.

أحدث المقالات

أحدث المقالات