23 نوفمبر، 2024 10:08 ص
Search
Close this search box.

والمصلحة الامريكية !

والمصلحة الامريكية !

حسب مصدر عراقي رفیع، وفي خطوةٍ هي الثانية من نوعها منذ تولی حیدر العبادي -رئاسة وزراء العراق-، تصلُ قائد فيلق القدس الإيراني «الجنرال قاسم سلیماني» رسالةً، تطلب منه مغادرة البلد. الطلبُ هذا وإن كان مشروعاً، لکنَّه يحملُ في طيّاته، العديد من الدلالات والتساؤلات و علامات الاستفهام، خاصَّة إذا أخذنا بنظر الإعتبار حجم الشراکة و مستوی العلاقة بین بغداد و طهران، و خطورة التحدیات الأمنیة التي تحدق بالعراق -کلّ العراق-. مع هذا، فالطلبُ لاقی صداه ولبّاه المتلقي، لکن لأسبوعین فقط، فسلیماني کان في بغداد مطلع الأسبوع الجاري. انها معلوماتٌ دقیقةٌ و اکیدة !.
ولمَن یسأل عن مصدر الرسالة، فعلیه بمکتب صاحب هذا العنوان العریض : “القائد العام للقوات المسلحة “
و بعيدا عن مدى مقبولیة اتخاذ هکذا قرار من عدمه في الظرف الراهن، لابد من التذكير انَّ سلیماني قاد جملة من العملیات النوعیة الناجحة وعلی مدی الأشهر العشرین المنصرمة، وكانَ له دورا كبيرا في تحریر ماصَعُبَ تحریره، ذلك حسب روایات لقادة الحشد و احزاب سیاسیة کردیة و عربیة، -لذا- فممارسة هذا النوع من الضغوط (من أيِّ جهة کانت) تبدو بعیدة عن العقل و الحکمة، بل وحتى المصلحة العراقیة.
لکنْ ما الذي یدفع القائد العام للقوات المسلحة العراقیة للمساهمة في هدم الجسور واحداً تِلْوَ الآخر، او غضِّ الطرف عن القائمین علی هدمها من حاشیته (کَي لا نتَّهمهُ مباشرة)، مع شخصیة عسکریة ایرانیة بِوَزْنِ سلیماني كان الزعيم الروسي فلاديمير بوتين قد طلب لقائها العام الماضي، وکانت سببا في وجود العبادي بالسلطة و بقاءه فیها، وهو أمر لم یَعُدْ سِراً، فالعامري قالها صراحة : “لولا سلیماني، لما کانت حکومة العبادي” و “لولاه لسقطت بغداد”. 
الا یرى السيد رئیس الوزراء اَنَّ محاربة الارهاب في العراق، و إن کان مطلبا صریحا لإيران -یُؤمِّنُ امنها القومي-، لکنَّه مطلب العراقيین وهاجسهم الأوَّل في ظروف العراق الراهنة ؟.
الا یُفترض استثمار تلاقي المصلحة العراقیة بنظیرتها الایرانیة بأفضل صُوَرِه، فیمایخص محاربة الارهاب ؟. الم یتوصل دولة رئیس الوزراء الی قناعة، اَنَّ کفة القوة في معظم العملیات القتالیة [حتی قبل اشهر!]، کانت لصالح الفصائل المسلحة -القریبة من سلیماني- ولیست لقوات الجیش “المنضویة تحت امرته مباشرةً” ؟. الم تُعطي هذه الحقیقة رغم مرارتها -حافزاً-، لیُعیدَ قراءةَ المشهد و یُراجع حساباته من جدید ؟. 
العبادي وللأسف الشديد لایَتعاملُ بذکاءْ !. ولايفقهُ سُبُلَ إقتناصِ الفرص، ولا يحُسن إستثمار اللعب على حبال تناقضات المصالح الإيرانية الامريكية وتوظيف هذه التناقضات لصالح بلده العراق، أو حتى لصالحه الخاص. في السیاسة تائهٌ مُحتارْ، فما باله في إدارة حربٍ غیر تقلیدیة، عجزت عن ادارتها الولایات المتحدة. والواضح انَّ العبادي مُحرجٌ جداً امام بعض شرکاءهِ السیاسیین، عند الحدیث عن سلیماني و انتصاراته المتلاحقة. وحرجه مضاعفٌ امام حلفاءه الأمریکان الذين یرصدون تحرکات الشبح الإيراني في العديد من بلدان المنطقة لحظةً بلحظة، و ديناميكيته في ملاحقة المجاميع الإرهابية بمختلف مسمياتها. 
المهمُّ و بعد أن بات الحديث عن وجود خلافٍ بین العبادي و سلیماني، متواترا ومتعدد المصادر، اصبح من السَّذاجة تکذیب مایشاع، رغم ان تسریبات مؤکدة، تشیر الی مساع قام بها «الجنرال» في بغداد قبل ایام لابقاء العبادي علی مسند الحکم. 
انه اسلوب ایران !. مع المالکي -الحلیف-، لم یتردد سفیرها بالقول، إن الحراك الأخیر (و هو منه)، في سحب الثقة عن رئیس البرلمان سلیم الجبوري، عقَّد المشهد. موقف لافتٌ جدا. 
الرجلان -العبادي سلیماني- وإن إتفقا علی الهدف الرئیس وهو القضاء علی «داعش»، لکنهما یختلفان علی کلِّ شيءٍ دونه، بدءا بالتحضیر و التنسیق لأي عملية عسكرية، ومروراً بآلیة العمل، وإنتهاءا بماهیَّة المشارکین. 
العبادي، لایرغب بسلیماني، قائداً، تتبادل اسمهُ الألسن في العراق، كما حصل بعد تحرير أمرلي وجرف النصر وتكريت، لسبب واحد لا غير، هو ان الأمريكان لايرغبون بذلك، فمصلحتهم تقتضي عَدَمَ السماح بتحقيق ايِّ نصرٍ عراقي على داعش، فيه بصمة للجنرال سليماني، لأسباب وإعتبارات معروفة. وبالتالي فأن أي نصر من هذا النوع سَيُشَكِّل انتهاكا لسیادة العراق، و استقلالیة قراراته !! 
هذا هو التفسيرُ الحقيقيُ لقرارات العبادي وقناعاته في دور الجنرال سليماني في العراق. بينما المفارقة التي يدركها رئيس الوزراء العراقي حتما وقبل أي مواطن عراقي بسيط، هي أن هذه السيادة منتهكة و مغتصبة صباح مساء، سياسيا و إعلاميا وعسكريا و أمنيا، -لِکُلِّ مَنْ هَبَّ و دَبْ-، من الأتراك والسعوديين والاردنيين والإماراتيين، فضلا عن القوات الامريكية و بأبشع الصور، بعد أن تجاوز عديدها المعلن، الاربعة الاف، یصولونَ و یجولون في العراق يوميا، متى و كيفما يشاؤون، دون ان يجرأ العبادي على توجيه كلمة عتاب واحدة لهم.

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات