19 ديسمبر، 2024 12:14 ص

حملات الحسم هي الحل.. حسم القضيتين الكردية والطائفية + 2.2/2

حملات الحسم هي الحل.. حسم القضيتين الكردية والطائفية + 2.2/2

تبين في المقالة الاولى وجوب تبني عملية حسم القضايا العالقة التي لا تمثل معوقات كبرى في طريق اصلاح الوضع العراقي سياسياً واجتماعياً واقتصادياً بل هي اساسية لتخليص العراق من واقعه المتازم وبالتالي امكانية الشروع بتنظيم وضعه كبلد مثله مثل البلدان المستقره وكذلك امكانية تنظيم استخدام طاقاته وامواله التي يتمتع بها والتي لا شك من شانها خلق بلاد متطوره وهو امر يتضح الينا اذا ما نظرنا الى وضع محافظة واحدة من محافظاته كالبصرة مثلاً وما تعانيه من واقع متردي يعاني ملوحة الماء وحرارة الجو مع نقص شديد للتيار الكهربائي وهي اغنى مدينة في العالم، وهذا لم يحدث بالطبع الا بسبب عدم وجود سياسة وادارة حكيمة لموارد هذا البلد والسبب هو هذه المشاكل التي يجب حسمها.
اننا ندرك بان النتائج مرهونة بمقدماتها فلايمكن انجاز مشروع دون الاعداد له فكرةً وتخطيطاً وما يحتاجه من اوليات او ما يمكن ايجازها بالمقدمات، وهو امر ينطبق حتى على الممارسات الشرعية فالصلاة والحج مثلاً لا تمارس الا بعد تواجد مقدماتها.
وهكذا، فحسم القضايا والملفات الشائكه في العراق هي مفتاح الحل لمشاكله، سياسية كانت ام اجتماعية ام اقتصادية ام ادارية ام طائفية، ان توفرة الارادة الصادقة لتصحيح الخلل في المنظومة السياسية.
وهذا ما يمكن اعتباره مقدمات اساسية لتهيآت الارض الصالحة الصلبة التي يمكن من خلالها الانطلاق بكل ثبات وثقة للشروع بعملية الاصلاح حيث ستتواجد آنذاك رؤية واضحة للنخبة التي ستقود عملية الاصلاح بخطى ثابته.
وقد تميز العراق بهذه المعضلة العظمى التي لم يبتلى بها بلد في التاريخ وانسحبت بشكل واضح الى كل مفاصل الدولة حتى تحولت الى حالة مقيته مزعجة لا تنم الا عن وجود الانانية وحب الذات وعدم احترام الغير او الاكتراث بحقوق الانسان والتعايش بروح حضارية مع الاخرين وهي قمة في التخلف والفشل ونعني بها حالة ( التهميش ).
وكلنا نتذكر ابسط مثال عملي الى ما وصلت اليه الدولة وبشكل مخجل يعتبر اكبر مثال صارخ للفشل هو تصريحات رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بانه يمتلك ملفات فساد وسيقوم بفتحها في الوقت المناسب ولكنه لم يفتحها حتى رحيله لانه اصبح انموذجاً حياً في طريق عدم حسم القضايا والملفات الشائكة في العراق الامر الذي اكثر من تراكمها وبالتالي تفاقم الازمة الى ما نحن عليه.
فببساطة لنا ان نتصور عزيزي القاري لو تواجدت عائلة صغيرة وفي بيت صغير ولديها مشكلة لم تستطح حسمها فسوف تتواجد مشكلة اخرى على مر الزمن وهكذا ستتواجد ثالثة بعدها لان المنطق يفضي الى صعوبة حل مشكلتين في حال عدم امكانية حل مشكلة واحدة وهكذا ستتراكم المشاكل ويصبح الامر متازم لايمكن العيش معه بسلام وهو ما نحن عليه في عراق اليوم.
انني اؤكد هنا ان القضايا الاربعة التي سنتناولها تمثل حجر الزاوية امام العراق في شق طريقه نحو المستقبل المنشود لخلاصه من بقية ازماته والتقدم نحو الامام، قضيتان يمكن تصنيفهما بانهما قضايا تكوينية وهما القضية الكردية والقضية الطائفية وقضيتان سياسيتان وهما “رؤساء الكتل السياسية “
“ومفوضة الانتخابات”. وسنبداً بالقضيتين السياسيتين وثم المعضلة الطائفية منتهين بالمعضلة الكبرى وهي القضية الكردية والتي بسببها افرزنا هذه المقالة عن المقالة الاولى لاهميتها القصوى كما اسلفنا.
فمن نافلة القول ذكر ما لمفوضية الانتخابات من اهمية اساسية في لعبها الدور الاولي لاختيارها الصحيح والغير متحيز للكوادر الفائزة في الانتخابات حسب الاحقية التي تفرزها صناديق الاقتراع الامر الذي سيبعث بالطمأنينة والراحة في نفوس الشعب لتحمل نتائج اختيارهم في الوقت الذي يسهل امكانية محاسبة النواب الجماهيرية لقربهم من هذه الجماهير وهو امر لابد من شانه الاسهام بصناعة الثقة المفقودة بين الشعب وحكومته .
لهذا فلابد من حملة كبرى لتنصيب مفوضية تتسم بهذه المواصفات واننا نقولها هنا وللتاريخ ” دون تواجد مفوضية انتخابات نزيهة لا تنصاع لاي مؤثرات مهما كانت قوتها لم تستقيم اوضاع البلد بالشكل المطلوب نهائياً ” .
ومن جهة اخرى وجوب تبني حملة كبرى باتجاه لجم رؤساء الكتل السياسية وايقافهم عند حدودهم التي تخطت كل شيء للعبث بمقدرات البلد وسحب الامور وتجييرها لمصالحم وهو كما نرى امر خطير ويمثل التحدي الاكبر كونه يمثل رؤوس المافيات الكبرى المسيطرة بطبيعة تكوينها وطبيعة دعم القوى الخارجية لها وطبيعة البلد التي تئن من كثرة مصائبها كالرجل المريض الذي لايطمع به الا من اتصف بالخسة وفقدان الشهامة.
اما القضيتان اللتان تعتبران من القضايا التكوينية لبنية الشعب واولهما القضية الطائفية فلابد من التوقف عندها بكل جدية وحزم وبكامل الوضوح والشفافية للقضاء على هذه الظاهرة التافهة في نتائجها رغم عظم مكانتها في عقلية ونفوس المعنيين بها سنة وشيعة. اننا لم نر تحرك جدي لحلحلة موضوع القضاء على الطائفية البغيضة التي لم تتواجد في عراق ما قبل 2003 وهو امر من مسؤولية رجال الدين بالدرجة الاولى ونحن نسجل هنا عدم جدية رجال الدين السنة في التجاوب مع هذا الشان رغم مواقف المرجعية الشيعية المتمثلة بالسيد السيستاني الذي اكد للشيعة من خلالها بعدم التعرض للاخوة السنة وقد ذهب ابعد من هذا في بعض خطبه بوصفهم جزء منه.
نحن ندرك امرين اولهما انه لاتواجد حقيقي للاسلام وان ما يسمى بالوحدة الاسلامية قد ماتت واعلنا موتها في سلسلة ( نحن والاسلام ) وان ما يتواجد حقيقة على ارض الواقع هو مذاهب تدعي الاسلام ولكن كل لايتبع الا مذهبه ودليل عدم اعتراف احدهم بالاسلام الحقيقي وعدم تحمل تقبل الاخر هو رفض من يغير مذهبه الى المذهب الاخر بل تتم محاربته وربما تصفيته احياناً رغم ترديد الكلام بان المسلمين اخوة في بعض المحافل والخطب وهو كلام بناءً على هذا الواقع المريض المعاش لايمكن تصنيفه الا نوع من انواع تناقض ونفاق المسلمين كما اوضحنا في مقالة سابقة.
عليه لابد من ايقاف مهزلة الطائفية وحقن الدماء باي صورة حتى لو تطلب الامر بتخلي العراق عن وصفه دولة اسلامية والتعامل معه على اساس المواطنة فقط فهذا خير من هويته الاسلامية التي تسبب له ازهاق العديد من الارواح كل يوم وعدم احساس مواطنيه بالامان وعيشهم في حالة من الرعب بسبب هذه الطائفية التي اصبحت سبة على الاسلام النظيف الذي انزله تعالى رحمة للعالمين وهذا بنص قوله تعالى بوجوب صون حرمة دم المسلم بل صون حرمة النفس الانسانية التي لم يوجب قتلها الا بالحق وان ( هدم الكعبة اهون من اراقة دم المسلم ) فاين نحن من هذه المبادئ العظمى.
فعلى الجميع مراجعة انفسهم بصدق والتخلي عن النفاق والمصالح الدنيوية الزائفة وشن حملة عظمى تتكاتف فيها كل الجهود من اجل وضع خطوط حمراء وواضحة تنهي هذه الحالة المريضة. وبدون حصول هذه الخطوة التاريخية الكبرى والتي بحاجة الى صدق واخلاص وجرأة من قبل رجال الدين لايمكن اعتبارهم رجال واجب يبتغون مرضاة الله وخدمة ابناء بلادهم بكل صراحة. وهذا بحاجة الى حملة جماهيرية جريئة كبرى سواء من المثقفين او من الطبقة العامة للدفع بهذا الاتجاه.
ولابد من التاكيد هنا ان هذه الامور لايمكن ان تتبلور وتشق طريقها وتنجح الا برفد قوي وصادق وحكيم ومخطط للماكينة الاعلامية. فنحن لم نلمس اي تحرك جدي ذي جدوى بهذا الاتجاه فهنالك الكثير من المؤاخذات على الجانب الاعلامي وفشله في الاضطلاع باي تحرك ينقذ العراق من محنته وليس لدينا الا نقابة صحفيين فاشلة دأب رئييسها على الدفاع عن اعضائها لاغير لدوافع انتخابية معروفة للبسطاء قبل الاذكياء مما امًن له الفوز لاكثر من مرة وهو امر اصبح واضح للعيان لا غبار عليه.
اما بخصوص القضية الكردية وهي باكورة هذه المقالة والمقصودة بها اساساً.
فلا حاجة للتطرق لتآريخ هذه الامة العريقة فالاكراد امة ذو تاريخ عريق ومشهود وهم كغيرهم من الاقوام العظمى يتمتعون بتاريخ غني استطاع تكوين عدة دول عبر التاريخ واشهرها مملكة كورودوخ عام 66 قبل الميلاد وقد انضم الكوردوخيون الى الاكراد ولانريد سرد هذا التاريخ فليس مجاله هنا.
وقد بدأت احداث المواجهة بين هذا الشعب والحكومات العراقية منذ زمن الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم رغم دعوته الى زعيم الحركة الكردية آنذاك الملا مصطفى البرزاني للعودة الى العراق.
ولكن قبل الغوض في امكانية انهاء هذه المشكلة لابد من التاكيد وبشكل سريع ومقتضب على امور منها: –
– ماذا تريد الدولة الناجحة ؟، وما هي موازين القوة للدولة؟، هل ما تصبو اليه هو السعة في المساحة او الكثرة في عدد النفوس ؟، ام وحدة البلاد وتجانس ابناءها وتكاتفهم لصيانة وحدة البلد وصون ترابه والتضحية في سبيل مقدساته على اساس المواطنة المخلصة وحب الوطن. هذا من جهة .
* ومن جهة اخرى كم هنالك من الدول بل قل من الدويلات الصغيرة ولكنها تعتبر كبرى لانها حققت اقتصاداً ناجحاً وارتفاعاً لعملتها وتماسكاً محترماً لابناء جلدتها الامر الذي اوجب احترامها على بقية مكونات المجتمع المدني وبالتالي حفظ مكانتها بين الدول وتحقيق سعادة وامن واستقرار تبعث على الراحة والاطمئنان لابناءها.
* ولنا ان نسال، ماذا حقق العراق من هذه الامور والمكاسب التي من الممكن ان يحقق بامكاناته اعظم منها، واين هو الان من بقية الدول المتقدمة بعد كل هذا المخاض؟!!.
* انه من العجيب الغريب ان تتقبل الحكومات العراقية توظيف وزراء وكوادر كردية قيادية كبرى في مختلف محافظات القطر ولايتواجد عراقي عربي واحد يعمل في المنطقة الكردستانية.
* كذلك يجب علينا مصارحة انفسنا وبشدة ، ماذا جناه العراق من ارتباط الاخوة الكرد بالجسد العراقي غير الاستنزاف المستمر لخيراته دون عوائد. وانني اقولها وبملئ الفم لايمكنني تقبل هذا الامر او الامر الاخر الذي يعد اشبه مايكون بالفيزا وهو طلب ما يسمى بالتصريح من العراقيين العرب للدخول لكردستان في الوقت الذي ندعي انها جزء من العراق.
ان االمواطن الاوربي يتنقل بين الدول الاوربية بمجرد ابرازه لهويته رغم ان دولها مستقلة عن بعضها وليس كالحالة الكردية العراقية.
* ثم هل سنبقى عرضة لتصريحات البعض بمطالبة الانفصال ومعارضة البعض الاخر وكانها عصا يلوحون بها لتخويفنا متى شاؤوا ؟، والى متى سيستمر هذا الوضع الهزيل؟!!.
* ثم لماذا على الجانب العربي التوسل الى الاخوة الاكراد لاسترضائهم للتعاون معهم وبشكل ذليل ومخجل وكاننا نستجدي شيئاً يملكونه ونحن بحاجة اليه.
اننا نؤكد هنا وبعد ان بلغ السيل الزبى واخذ الكثير بالتصريح بالانفصال وليس آخرهم رئيس مجلس امن الاقليم الكردستاني السيد مسرور برزاني رغم انه امر قديم مستجد ومعارضة البعض الاخر على وجوب حسم هذا الملف.
وعليه يجب شن حملة حقيقية واسعة ومكثفة لاهوادة فيها مدعمة بزخم اعلامي وجماهيري لاينضب لحسم هذا الموضوع ووضع الاخوة الاكراد امام الامر الواقع ليقرروا، اما البقاء مع العراق دون انفصال او الانفصال واخذ استقلاليتهم ان ارادوا.
انهم احق باتخاذ هذا القرار فهم كبقية الشعوب لهم ان يتبعوا مصلحتهم اينما ذهبت وليس لاحد الحق في حرمانهم من هذا المصير بعد ان ادت معاهدتي سايكس بيكو ولوزان الى مصيرهم الحالي.
وبنفس المستوى كذلك من حقنا كعراقيين عرب ان نخلص الى نتيجة واضحة لهذا الامر وعدم جعل البلد رهينة لاسقاطات هذه القضية الى الابد.
فيجب التفاهم مع القادة الكرد بعد حصولهم على تفويض تاريخي من الشعب الكردي في الارض العراقية مدعوماً بشهادة ومصادقة من الامم المتحدة لتكون شهادة تاريخية موثقة حول امر ين ، اما بقائهم مع العراق وهنا لابد من تحديد امد هذا الامر فاما بقاء نهائي حتى وان حصلت ظروف مستقبلية تفضي الى استقلال الاجزاء الكردية الموجودة في سوريا وتركيا وايران ، او اندماج معلوم الامد كأن يحدد لنصف قرن على اقل تقدير مثلاً كي يتسنى للعراق التخلص من واحدة من مشاكله الكبرى للتوجه لحل الملفات الاخرى على نهج شن حملات الحسم كما اسلفا لتلمس طريقه نحو الاستقرار والتقدم.
او اتخاذ القرار بالانفصال وباعتراف دولي معلوم مع التفاهم بتدخل دولي كذلك على بقية المناطق المتنازع عليها دون اثارة مشاكل.
فقد ملّ وتعب هذا الشعب وامسى واجب على كل ذي لب شريف ان يريحه من مشاكله ليتوجه لبناء مستقبل افضل باذنه تعالى.
وهو تعالى من وراء القصد.
[email protected]