ما من شك ان العراق يمر بفوضى عارمة بدأً من الشارع وصولاً الى قبة برلمانه الهزيل ، فبالاستناد اليها تمخض عنها جلسة يوم الخميس الماضي تلك الجلسة التي تمت فيها اقالة رئيس مجلس النواب بصفقة سياسية شاركت فيها اطراف سياسية عدة ، وبذلك تكون القراءة الصحيحة للوضع الحالي للعراق الذي يتسم بالمجهول القاتم والمخيف ،بمعنى ان اقالة رئيس مجلس النواب بهذه الصورة سيفتح باباً لازمات اخرى تضاف الى ازماته المستعصية الاخرى التي بقيت دون معالجة سليمة التي تصحيح المسار باتجاه اهدافها المشروعة…..لذلك ويحق القول ان المعتصمين قد اختاروا الخطأ عندما اكدوا انهم ماضون في طلب حل الرئاسات الثلاث ، والذهاب الى انتخابات مبكرة وحل مفوضية الانتحابات بعيداًعن المحاصصة لكونها غير شرعية من اجل ان تعتمد الحكومة على التوازن الداخلي وليس على توازن الكيانات السياسية ، و التي لا يحق لهم المطالبة بحل الرئاسات لكونها تتضارب مع فقرات ومواد الدستور ، ربما لن نكون على خطأ حين نؤكد عبر هذا المقال ان المعتصمين قد اضافوا كذبة اخرى الى اكاذيبهم على الشعب العراقي دون ان يشير احداً منهم الى طبيعة الصفقة التي عقدوها في هذه المسرحية الهزيلة التي لم يدفع اثمانها الا هذا الشعب المنكوب ، بمعنى ان المعتصمين الذين تتراوح اعدادهم بين 150 و174 قد وضعوا البلد على حافة الهاوية المحتومة ، ولم يعتمدواعلى ذاتهم بل رسمت لهم الطريق على هذا الاساس وبهذا ولم يعد الا انتظار المزيد من النكسات والكوارث القادمة التي اذا ما حضرت سوف تحرق الاخضر بسعر اليابس …..لقد اصبح الوضع العراقي في وضع مكشوف ولم يعد هنالك شيء مخفي ، فالرئيس العراقي تجنب الحضور الى البرلمان رغم توحيه دعوة له بهذا الشأن ، لكي يبقى بعيداً عن المشادات الكلامية التي تحصل في هكذا حالات وفضل الابتعاد عنها ، والاحتفاظ بشخصيته المتوازنة التي يتصف بها ، او ربما يعرف مسبقاً ان سليم الجبوري قد انتهى مرحلته ولم يعد بامكانه فعل اي شيء ، وليتجنب المفاجأة الغير المتوقعة من المعتصمين داخل البرلمان ، بسبب دخول اكثر من طرف اقليمي في المسالة ورهانهم على سقوط الجبوري ، والتي بدأت باعتصام النواب داخل اروقة البرلمان وانتهت باقالة سليم الجبوري ، ولهذا فان ما هو غير متوقع ان يتدخل الرئيس في هكذا حالات ، وهذا يعني ان الجبوري اراد ان يلعب باخر ورقته السياسية ، وراد ان يستخدمه املا باستثماره لصالح خطابه السياسي ……اذن …. وهذا ليس من باب الاحتمالات ، فان العراق يتعرض الى نكسة سياسية اخرى تفقده القدرة على الوقوف على قدميه رغم حاجته الى دعم مضاعف لكي يستعيد على اقل تقدير قوته الذاتية للمضي قدما بالعملية السياسسية الى امام ، وهذا يعني ان اقالة الجبوري قد يعمق الانقسام الطائفي في العراق التي يفتح ابواب المواجهة الفعلية لكون الجبوري احد الرموز السنية البارزة ، وله تأثير مباشر على سير العملية السياسية خصوصا بالاستناد الى موقعه السياسي الذي جاءه عن طريق الانتخابات الرسمية والدستورية ، وهذه دلالة واضحة ان طريقة اقالته سيفتح ابواباً اخرى لازمات لاحقة يخافها العراقيون لانها جاءت وفق صفقة مكشوفة تقف وراءها العديد من الوجوه البارزة في العملية السياسية وتختبىء راسها خوفاً من فشل خطواتها بهذا الشأن ، بمعني آخر ان المكون السني قد اصبح معرضا للتهميش والإقصاء اكثر من اي وقت مضى ، ولم يعد امام هذا المكون الا ان يعيد حساباته من جديد ويتكيف مع الواقع لحين يتفهم الشيعة ما معنى الغاء مكون له ثقله السياسي والفكري في داخل العملية السياسية الجارية ..؟؟ وما هو معنى الغاء شراكته السياسية في هذه المرحلة بالذات التي يقف ويواجه اشرس عدوان في التاريخ العراقي ..؟؟ بمعنى ان المعتصمين ارادوا ان يوصلوا رسالتهم الى كل الذين يقفون بالضد من مطالباتعد هكذا انواع من التغيير ، وان الوقت القادم ستشهد مفاجأت اخرى غير متوقعة وربما ياتي الدور على حيدر العبادي والمتعاطفون معه الذي بقي الى حد الساعة بعيداً عن المضاربات السياسية التي تضعف من قدرته على المواحهة ، بمعنى ان الضجيج المفتعل لن تقف على سكة واحدة ، وربما ستواحه معضلات اخرى الى حين ما يتمخض عنها من ازمات تفوق هذه الازمة في شكلها ولونها ، وانة ان يستقر الوضع على امر اخر سيكون لنا لكل حادث حديث……!