في الفترة الاخيرة، ارتفعت اصوات الناس بالشكوى من السيطرات على ابواب بغداد رجال اعمال ومقاولون وتجار واصحاب شاحنات ومواطنون يرمون الدخول الى بغداد التي تتشدد في اجراءاتها وصارت لا تسمح بدخول أي بضاعة الى العاصمة او تمر منها الى المحافظات الاخرى الا بعد ان يدفع صاحبها (المقسوم) وتختلف الرشى بحسب الوسيط الذي غالباً ما يكون من الباعة الجوالين في السيطرات بحسب النائب حاكم الزاملي والذي اتهم صراحة مدير الكمارك بالفساد بعد ان زار سيطرة الشعب.
اصحاب الشاحنات يئنون من المعاملة التعسفية والتأخير الذي يصل الى ايام مما يؤدي الى تلف الكثير من البضائع ومضاعفة تكلفة نقلها وبالتالي ارتفاع اسعارها في ظل الازمة الاقتصادية.
لم يؤد الى نتيجة عمل ساحة بين الخالص وبغداد لانجاز عملية دفع الرسوم والضرائب والكمارك في دولة اصحبت كل محافظة فيها لها قوانينها واجراءاتها، بل انها دولة داخل الدولة فهذه الشاحنات تدفع الكمارك في منفذ ابراهيم الخليل ومن ثم عليه ان يدفعها في سيطرة بغداد فضلا عن رشاوٍ لكي يمر بسرعة ويشتري الوقت.
من الطبيعي ان ترتفع كلفة البضائع، وكل رشوة او تأخير له ثمن يتكبده في النهاية المستهلك فضلا عن الاضرار التي تلحق بالبضائع القابلة للعطب لاسيما ان الصيف على مدى اسابيع من الان.
الخراب الاداري والعلاقة المتردية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ينبغي ان لا تنعكس على المواطنين، ويتحملون وزرها، بل ان الاقتصاد الوطني الذي يشكو من الازمة التي تلفه لن يتعافى اذا تحولت المحافظات الى دولايات يبتز فيها المواطن خلافاً للقانون والدستور بفرض ضرائب غير شرعية، هذه سيطرات للاسف يصفها المواطنون بانها مجموعات من المافيات تديرها وتشرف عليها.
والامر من ذلك ، أي شكوى تذهب ادراج الرياح، ويتهم الذي يتقدم بها بشتى الاتهامات والنعوت ولا تتخذ الاجراءات للحد من الاساليب الملتوية وتقلصيها والقضاء عليها، وانما يتم اغماض العين عما يجري، لانه ببساطة المتضررين من المرور على هذه السيطرات يشيرون الى مشاركة الجميع فيها.
منذ زمن طويل، نسمع عن التفتيش بسيارات السونار وتسهيل انسيابية حركة البضائع التي يستلزمها الاقتصاد الموحد.. بين البلدان لا توجد مثل هذه التعقيدات، هذه بلدان اوربا اصبحت بلداً واحداً، ها هي بلدان الجوار لم نر على طرقها الخارجية هكذا تشديدات الواقع ان بقاء العمل بهذه الطريقة في السيطرات تخريب مقصود للاقتصاد الوطني وتفعيله الذي يستلزم ليس حركة الاشخاص الحرة وانما البضائع لتحقيق وحدة السوق وليس تجزأتها، كلما كانت الرقعة الجغرافية اكبر مساحة واكثر عدداً من السكان صارت السوق ذات جدوى اقتصادية وتزداد فيها فرص العمل ويتضاعف رأس المال وما الى ذلك من العناصر الضرورية والاساسية لبناء اقتصاد فعال ومتنوع.
وفي الاقتصاد والسياسة والسوق الواحدة تتم الوحدة الوطنية، وتجزئة السوق بالسيطرات وما يتبعها من اثارات في كل نقطة دخول وخروج مقدمة لتقسيم البلاد، او ان ذلك الطور الجنيني الذي يقسم الارض والبشر على حد سواء.