السؤال الأول الذي أطرحه عليك عزيزي القارئ,هو:هل تصدق أن تنظيم داعش يعتقل طاقماً دبلوماسياً لدولة تشارك في الحرب ضده,ثم يطلق سراحه ؟
بالتأكيد ستجيب بـ”لا”هذا غير قابل للتصديق,كون داعش المتطرف يود إعدام حتى الأشجار والآثار والطيور والحجارة وحتى إنه يعدم بعضاً من عناصره لأسباب تافهة,تتعلق باستخدام الموبايل أو سماع أغنية أو لبس قميص عليه كتابة أجنبية.
المفارقة هي أن داعش الذي تم لصقه لصقا بالإسلام وبالمذهب السني تحديدا,أطلق سراح الطاقم الدبلوماسي التركي بعد اعتقال القنصل وطاقمه في الموصل,فكيف حدث ذلك ؟
لم يهتم الإعلامي العراقي كثيراً,بتصريح مر مرور الأفعى في كومة القش للجنرال الأميركي وقائد عمليات الناتو السابق في أوروبا,ويسلي كلارك والذي قال فيه”أصدقاء أميركا و حلفاؤها دعموا ومولوا داعش”.
ولم يهتم الإعلام العراقي أيضاً,بتصريح وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والمرشحة الرئاسية الحالية هيلاري كلينتون,التي قالت قبل فترة”نحن صنعنا القاعدة و بن لادن”.
وبالعودة إلى دمائنا التي تراق في شوارع العاصمة المغضوب عليها من الجميع نجد أن موجة التفجيرات الأخيرة مقدمة لخطة تعرف بـ”الصيف العراقي الأحمر”تم الحديث عنها في نطاق ضيق داخل أجهزة مخابرات إقليمية تحت إشراف أمريكي وهي المرحلة الأولى من عملية تغيير إقليمي كبرى بمناسبة مرور 100 عام على سايكس بيكو,تلك المعاهدة التي اصفرت أوراقها ولم تعد خاضعة للتوازنات الدولية الحديثة.
من وجهة نظر غربية,المنطقة لايجب أن تظل بهذه الحدود,فمن غير المسموح أن تظل دول تعداد سكانها 20 مليون أو أكثر وتمتلك ثروات نفطية وجيوش قوية والمقدمة هي افتعال صراعات طائفية وعرقية تنتهي بالأقاليم في العراق وسوريا ومن ثم تنتقل حمى الذات المذهبية والعرقية إلى دول أكبر في الإقليم.
اسألوا هذا محمود علوي,وزير إطلاعات الإيرانية والذي سافر من النجف إلى السليمانية والتقى المراجع والسياسيين والانفصاليين من صغيرهم حتى كبيرهم,ماذا تريد ؟
قيل أن علوي يزور العراق لأسباب دينية,زيارة المراقد والعتبات,لابأس,لكن..هل في أربيل والسليمانية عتبات مقدسة ؟ أم مشاريع سياسية”مقدسة”؟
الحقيقة التي يغفل عنها بعضنا هي أن إيران دخلت في مرحلة الإنذار الأخير أو الإنذار”ج”كما يسميه العراقيون للدالة على خطورة الوضع ومنذ العام 2011 في ذلك العام تحديداً انقلبت الآية من صراخ الأحزاب الموالية لها في العراق بضرورة إقامة إقليم شيعي,إلى التباكي على العراق ووحدة العراق,بعد يقينها بأن الدور قادم إليها مع بداية تحريك الأقليات غير الفارسية في إيران.
الحديث عن دور لشخصيات مثل سليم الجبوري ونوري المالكي وسياسيين عراقيين في تفجيرات بغداد وديالى والتاجي ومحيط بغداد غير دقيق لأن واحدهم رجل الدجاجة ميحلها بدون الغطاء الإقليمي اللي يتحرك من خلاله.
والصراع الآن لايتعلق بحماية الأعراض والمقدسات,هذه الشعارات الجماهيرية وضعت فقط ليساق من خلالها “ولد الملحة” من أجل ترسيم حدود جديدة للشرق الأوسط الجديد.
أنظر إلى البيشمركة والحشد في كركوك,أنظر إلى الحشد وداعش في محيط بغداد وانظر إلى القوات التركية في الموصل هذه لعبة ترسيم حدود والأقوى من ينتزع أكثر عدد من الكيلومترات الإضافية لاسيما إن كانت داخل أراضٍ نفطية أو استراتيجية وانظر إلى حمى بناء المطارات في محافظات ومناطق لاتحتاج إليها فعلياً,المطارات هي الوحيدة التي تنجز كمشاريع بينما المشاريع الخدمية تسرق أموالها ومخصصاتها.
لو نظرنا للعراق الآن نجد أنه دولة مفلسة ضعيفة قرارها الخارجي رهينة تصريحات وزراء خارجيات دول إقليمية ودول عظمى,بينما نجد فيها سطوة لجماعات وأحزاب طائفية غنية قادرة على تمويل مشاريعها في مناطق نفوذها,مايعني ان الدولة المركزية انتهت فعليا والحل والربط الآن بيد تيارات سياسية أقوى من الدولة ولديها مليشيات وأسلحة.
إذا كانت أي حوالة مالية تزيد عن 5000 دولار لاتتم إلى بعد إرسال نسخة منها إلى وزارة الخزانة الأمريكية والبنك المركزي في الدولة التي تتم فيها.
سؤالي الأخير هو : من يمول ويجهز ويستورد سيارات وأسلحة وملابس جديدة وأزياء عسكرية موحدة لداعش وغير داعش؟
رحم الله ضحايا الشرق الأوسط الجديد الذي بدأ بالصيف الأحمر العراقي وبرد عنهم نار هذا الصيف.