بعد جريمة التفجير في الكرادة ببغداد ارتفعت وتيرة المناكفات بين انصار القوى السياسية ومحاولات استثمارها، بل ان قادة تنظيمات وكتل دخلوا على هذا الخط، واطلقوا من التصريحات والعنتريات ما لا يرغب فيه شعبنا، وحاولوا تجيير الحادث والاستثمار فيه لقضم المزيد من السلطة على حساب الحكومة والدولة.
في اليومين الاولين على الجريمة البشعة، الكل اصيب بالدهشة واستنكرها والقى اللوم على الحكومة واجهزتها الامنية حتى ان الغضب والاحتقان وصل الى مديات غير مسبوقة وكشفت وعرت القوى الحاكمة وبينت مرة اخرى انها غير قادرة على قيادة البلاد وبناء الدولة، وانها ارتكبت من الاخطاء والخطايا ما لا يحصى ولا يعد منذ سقوط الدكتاتورية السوداء.
ولكن الوقت لم يطل كثيراً حتى بدأت الماكنة الاعلامية لهذه القوى وتنظيماتها تتحرك لتبرئة نفسها مما هي مسؤولة عنه وتتحمل مسؤوليته في تنصل مكشوف ما يعيب اداءها وشراكتها في ما حدث من نتائج وخيمة على شعبنا.. حتى انها لم تترك لاهل الكرادة مجالاً للحزن ولملمة جراحهم فسيرت الجموع الى مكان الحدث بدعوى التضامن والمواساة الذي كان اقلاقاً للنفوس وليس فسح في المجال لراحتها وتجاوز محنتها.
صحيح ان التضامن مطلوب ولكن الم يكن بالامكان ان يكون بطرق اخرى واساليب افضل واجدى وكل منا في مكانه لتكون الفعاليات بحد ذاتها اداة للتوعية والتثقيف السياسي والفكري ضد الارهاب والتطرف…
من المرارة التي تلمستها واسهم البعض فيها عن دراية ودونها اطلاق الشائعات والروايات التي تؤدي الى قصدية ضد الاخر، بل حتى ان بعضها ينال من بعض المتضررين وازاحة الرماد عن الجمر المتقد في محاولة فاشلة لا يقاض الفتنة او اشعالها، حتى ان ادى الامر الى حرف الانتباه عن الجاني.
لاحظنا على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً من بلدان اخرى والزعم انها من الكرادة، وكأن كل هذه البشاعة والشناعة غير كافية، وكذلك نسب تصريحات وتحريفها بحسب الاعتقاد السياسي والرغبة في تمريره وهو يعرف انه محض افتراء وكذب لا اساس له وانما التسقيط السياسي للخصوم والمنافسين يدفع نحو العمى وطمس الحقيقة للوصول الى الجاني بمساعدة الاجهزة الامنية الحكومية وعدم التشويش عليها وزيادة ضعفها وتحميلها اعباء اضافية ليست قادرة على حملها.
لقد تطوع بعض المواطنين ان يكونوا جسراً لهذه الشائعات والصراعات غير الشريفة لاسقاط هذه الجهة او تلك او التقليل من شأنها، ولا يدرك ان النيران التي تفجرت في الكرادة قد تمتد الى مسافات بعيدة وعميقة تحرق الاخضر واليابس وتحقق اهداف الدواعش الارهابيين على مختلف اشكالهم وانواعهم في ايقاع الفتنة واستكمال الصفحة التالية للجريمة.
قرأنا تحليلات عديدة والتنبؤ باحتمالات لا اساس لها من الصحة، وانما دبجت لغاية واغراض ولتكريس ادعاءات مزيفة راهن كاتبوها على تصديق السذج لها ولاجلاء ما طمر في النفوس من مواقف ضد الاخر، وجعلها تطفو على السطح مرة اخرى باستغلال هول الجريمة.
مرت ايام لندع الناس في حزن، بل لنساعدهم على تجاوز مرارته، ولكن ليس باذكائه بزعم التضامن والدعم، بل ان افضل دعم نقدمه للشهداء في الكرادة وبلد بان نضغط اكثر على الاسراع في الاصلاح الشامل وان نقترح قوانين واجراءات بالملموس لمكافحة الفساد وتشريع ما نص عليه الدستور، مثلما اقترح الناس سحب جهاز كاشف الزاهي.
نطلب الاسراع في تشكيل تعيين اعضاء مجلس الخدمة الاتحادي من دون محاصصة وتشريع قانون المحكمة الاتحادية وغيرها من القوانين، او تشديد الاجراءات ضد الارهابيين والقوى الخارجة على القانون.
ان اهالي الكرادة بحاجة الى الراحة واستئناف حياتهم الطبيعية، ولا نفع من اللطم وانما الاسراع في تعويض المتضررين والاعمار، وتركهم لمصلحتهم واعمالهم كي لا نضيف عليهم اعباء اكثر، ويمكن لمن يريد ان يتضامن يفعل ذلك بعيداً عن السكان، ولاشك في ان صوته يصل، وقبل ذلك هم يريدون فعل الحكومة.