22 نوفمبر، 2024 8:08 م
Search
Close this search box.

قضاء عابر للحدود

قضاء عابر للحدود

تزدهر التكهنات حول مآل أسماء الوزراء المرشحين لحكومة التكنوقراط التي إحتواها مغلف العبادي المغلق الذي قدمه الى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري. بالمقابل، لم ترشح معلومات محددة عن موقف الأطراف السياسية المتأرجح بين الحكومة والمعارضة.
وحين يحضر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الى بغداد قبل يومين فقط من موعد الثلاثاء الحاسم الذي سيحدد الموقف من كابينة العبادي، أو بعضها، يعني ان المواقف متباينة وقد وصلت الى طريق مسدود، ما يعني الحاجة الى مبضع الجراح الأمريكي لاجراء لتجميل العملية السياسية المشوهة، ولم يكن المبضع الإيراني بعيدا عن صالة العمليات بطبيعة الحال.
الكلام عن حكومة من صنع عراقي ليس بالأمر المستحيل، لكنه يحتاج الى إرادة صانع القرار الذي يمسك بيده تلك اللحظة الدراماتيكية الفاصلة بين جمهورية الطوائف والقوميات والمافيات، وجمهورية العدل والمساواة وسيادة القانون وإحتكار القوة. من هذه اللحظة الدراماتيكية المدعومة من واشنطن وطهران، لجهة دعم العبادي بمعزل عن ملامح التشكيلة الوزارية المرتقبة، وهو ما أعلنه كيري بشكل واضح، ليس أمام العبادي سوى خيارين، إما السباحة على أرصفة الكتل السياسية ومشاريعها المتعددة والمنتجة في مختبرات المحاصصة السياسية والطائفية، أو العوم في أعماق مشاكل العراق المتجذرة منذ أكثر من عقد، والشروع بتفكيكها بمعاونة طاقم التكنوقراط الذي إن نجح في حلحلتها، فانه سيستمد مشروعيته من الشعب قبل أن يستمدها من البرلمان الكسيح.
المبادرات المتعددة التي تتسابق الكتل السياسية على طرحها، تبدو وكأنها بازار معلن للتمسك بالمناصب والمنافع، مخلفة مناخا غامضا لا يعلم نتائجه سوى الضاربين في الغيب. هي لحظة موازية حيث ينشط المنجمون وحيث يجتهد القراصنة. ليس ثمة معلومات دقيقة ولا تسريبات ذات بعد تكتيكي. هل الأمر برمته توزيع أدوار أم توزيع أقنعة؟.
جلسة مجلس النواب، غدا الاثنين، ستكون بحثا في الغيوم التي تتلبد تحت قبة البرلمان، وستكون مضمخة بالريبة والخوف الذي خلفته فضيحتا أوراق بنما و أونا أويل. قد لا تسلم الجرة هذه المرة مثل المرات السابقة. فالتحقيقات الآن تجري على قدم وساق وفي عواصم عدة. أنه القضاء العابر للحدود حيث لا رشوة تطمطم الملفات ولا محسوبيات ولا تبادل للتهم الموثقة بين السياسيين. منْ من الكتل تستطيع تحمل وزر تلك الفضائح في مثل هذه الظروف؟.
هكذا هي اللحظة الدراماتيكية الآن: دعم أمريكي وإيراني غير محدود للعبادي. مباركة من التيارين المدني والصدري لاصلاحات العبادي إن أقدم عليها بشكل جدي. خلخلة داخل الكتل والشخصيات السياسية مخافة الفضائح الدولية المتلاحقة وما يتبعها من قضاء عابر للحدود.
وهي مهيأة تماما للشروع بتشكيل حكومة تكنوقراط حقيقية وقادرة على إدارة أزمات البلد والاجهاز على الفساد والفاسدين، فهل يقتنصها السيد حيدر العبادي؟.

أحدث المقالات