18 ديسمبر، 2024 11:10 م

القوانيين الجائرة والنصوص الانتقامية وانعكاسها على الامن الاجتماعي

القوانيين الجائرة والنصوص الانتقامية وانعكاسها على الامن الاجتماعي

صوت مجلس النواب بجلستة (23) على مشروع قانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة الى أركان النظام السابق وجاء بنص المادة

اولا:- مع مراعاة احكام المادة (2) من هذا القانون تحجز الاموال المنقولة وغير المنقولة العائدة الى المحافظين ومن كان بدرجة عضو فرع فما فوق في حزب البعث المنحل ومن كان بدرجة عميد او مايعادلها (فما فوق) ومن كان منصب مدير امن المحافظات والاقضية ومدراء الاقسام التحقيقية في الاجهزة الامنية للنظام السابق (جهاز المخبارات,الامن الخاص ,منظومة الاستخبارات,الامن العام) وفدائيي صدام.

في احكام هذا القانون نجد انه تولى حجز الاموال المنقولة وغير المنقولة لمن كان برتبة عميد فما فوق سواء كان عميدا في الشرطة او عميدا في الجيش اي ان جميع من كان برتبة عميد زمن النظام السابق والمطلق جاء على اطلاقة وهذا يفسر بان اي عميد منذ عام 1968 ولغاية 2003 مشمول بهذا القرار الجائر.

تساؤل منطقي هل هناك دولة بالارض لا يوجد فيها ضباط للمرور اوالدفاع المدني ( الاطفاء ) اوضباط الجنسية او جوازات والادلة الجنائية ومكافحة الاجرام والشرطة المحلية والحدود، وضباط اطباء والمهندسين والاداريين وغيرهم من باقي الصنوف ، وكيف يعد هؤلاء الضباط من أركان النظام السابق ؟؟؟ هل فعلت الانظمة السياسية الجديدة بالربيع العربي برجال دولتهم ، كما فعل النظام السياسي بالعراق ، لو تناولنا الموضع من جانبين القانوني والاخلاقي ،

الجانب القانوني

– المادة ١٩/ثاني عشر من الدستور ( يحظر الحجز )وهي قد جاءت بالمطلق فالبعض يرى انها تشمل منع وحظر حجز الأشخاص وحجز الأموال .

– المادة ١٢١ من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ٢٣ لسنة ١٩٧١ المعدل نصت على حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتهم الهارب الصادر بحقه امر قبض لاتهامه بارتكاب جناية

– المادة الخامسة من قانون تحصيل الديون الحكومية رقم ٥٦ لسنة ١٩٧٧ المعدل والمتضمنة حجز أموال المدين للدولة عند عدم تسديده للدين

– المادة ٥٤ من قانون التنفيذ رقم ٤٥ لسنة ١٩٨٠ المعدل بحجز أموال المدين لغرض سداد الدين الذي بذمته  للغير

خلاصة القول ان الدستور والقوانين العراقية النافذة لم تسمح بوضع الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة الا في حالتين محددتين هما ( حالة المتهم الهارب ) بعد صدور امر قبض بحقه من محكمة مختصة عن جناية والحالة الثانية هي ( حالة المدين للدولة او للأشخاص ) والممتنع عن سداد ديونه ، وفي المنظومة القانونية يوجد تلازُم بين القانون والمجتمع، من جهة كما أن القانون ، في منطق أشبه بالرياضيات ، على أن كل جرم تقابله عقوبة، مع الإحتفاظ للقاضي بسلطة التقدير والضمير بشأن مراعاة الظروف نحو التشديد أو التخفيف ، فإن هنالك تلازمًا بين الفعل والعقوبة حيث هذه الفئة لم تقترف جريمة ، فكيف يتم تجريمها بدون تهمة ، وهذا اعلى مراحل الظلم ،

الجانب الاخلاقي

العقوبة الانتقامية  تؤدي إلى إثارة الكراهية والبغضاء والثأر والأحقاد، وتعطّل وتعرقل عملية الانتقال للحياة الكريمة للمواطن ،ولم يحصل في التاريخ مجرد انهيار النظام التسلطي يعني الاقتصاص من جميع عناصره، وتجاهل الإجراءات القانونية والقضائية لعدالتها، وعدم وضع معايير اخلاقية تتجانس الفعل مع العقوبة ، لقد مارس مجلس النواب العراقي دورالطغاةٌ المستبدون في الظلم ، يتأتى من تجاهُل القواعد القانونية وإهمالها، ومن تسلُّط عصابات تنتهك حكم القوانين وتبتز شعوبها بتحريف مسار الحياة للاسؤا ، جاهلوا المنظومة الأخلاقية الربانية التي اوصى بها الباري ،العدل شريعة الله ومن اسماءه الحسنى  ، { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ}  90 النحل ، {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا} (النساء 58) ، { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (المائدة 8)

لا إنسانيةً في هذا القانون الجائر ولا يمت للحقِّ والعدالة بصلة ، حيث لا يعتبر الوزراء ومن بدرجتهم  ووكلاء الوزارات والسفراء وذوي الدرجات الخاصة والمدراء العامين من أركان النظام السابق حيث لايشمل قرار الحجز هذه الفئات ،  فهل ان ضابط المروروالجنسية والشرطة المحلية ، يشغل منصب اكثر حساسية او لديه سلطة  اكبر من سلطة من كان يشغل منصب رئيس الوزراء ورئيس المجلس الوطني او منصب وزير الداخلية او رئيس ديوان الرئاسة او وزير الصناعة او الخارجية او المالية اوغيرها من الوزارات في ظل النظام السابق؟؟

هل قدر العراقيين ان تحكمهم  طبقة سياسية مشغووولون باشعال الحرائق ، ومجلس نواب اغلبهم من والحاقدين او الاغبياء والخائفين والقلة القليلة جدا من الشرفاء لاأحد يسمعهم او يهتم بهم ، هذه القوانين التي يُفترَض أن تطبيقها على الجميع دون استثناء يحمل سمات العدل الذي هو رديف القانون ،  ما مصير من استشهد من الفئات التي اعيدت للخدمة بعد2003، اوممن اصيبوا وحاليا مقعدين وبلغوا بالعشرات.

تدعي مجموعة من أعضاء مجلس النواب بان (النص الاصلي للقانون كان ينص عن رتبة عميد في المخابرات والأمن والأمن الخاص والفدائيين) ولكن تم تحريف الصياغة من قبل مجموعة من أعضاء مجلس النواب من الأحزاب المتنفذة وممن استولوا على عقارات وأملاك تعود للضباط السابقين او تلاعب بسجلاتها ولغرض تاخير اومنع انكشاف هذه الممارسات قاموا بتغيير صيغة النص ولَم ينتبه  في مجلس النواب لهذا التغيير

الخلاصة

القانون انف الذكرلا يتناسب مع المرحلة ، وقانون جائرا ، وان الفئة المشمولة (عميد) بلغت فئاتهم العمرية اكثر من السبعون عاما ، اصبح لزاما على رئيس الجمهورية بكونه حامي الدستور بان لا يصادق على هذا القانون وفقا لصلاحيته الدستورية (ثالثاً :ـ يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب، وتعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمها).