بأرض الغري الزاكية، وعلى ربوة عالية، مطلة على حافة الصحراء الغربية، يلوح بريق قبة ذهبية تعانق السماء، في البقعة المباركة والتربة النقية، ألتي احتوت المرقد المطهر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عليه أفضل الصلواة والتحية.من النجف الأشرف، المدينة التي أنجبت الأساطين من العلماء والمفكرين، حيث معقل العلم ومدرسة الفقه، ووادي المقدس طوى، ومن عائلة الجهاد والعلم والتضحية، آل الحكيم الكرام، ولد الشهيد الخالد السيد محمد باقر الحكيم.ألمواقف هي من تخّلد رجالها، والرجال هم من يصنعون أمجاد الأمم، وبوقت قل به الرجال، واكتض الزحام بالأشباه، وزمنٍ تراجعت به المواقف وتوارت خلف جدران الخضوع، سمق الحكيم بقامته الشاخصة، كالطود الشاهق والجبل الأشم، حاملاً لواء النصر في ميادين المواجهة، شاحذاً سيف الجهاد في سوح المناجزة، متوشحاً بإزار التقوى والإيمان والعلم، على بصيرةٍ من أمره، يقود ركب المجاهدين، في طريق أبيَّ الظيم، سيد الشهداء الحسين بن علي، عليهما السلام.السيد الحكيم، إسم لا يغيب عن ذاكرة الدنيا، ولا تمحوه المدلهمات، أو تغيبه النوازل، لأنه كان مشروعاً متكاملاً، في بناء الأمة، وإعلاء عزتها ورفعة شأنها، وكان سفراً خالداً تستضيئ بنور فكره الأجيال، جيلاً بعد آخر، وقد حمل مضامين الدين بكل معانيها، ليعطينا دروساً عظيمة، في بناء المجتمعات الإنسانية، ألتي تتكامل فيها الهوية الإسلامية.الشهيد الحكيم، هو النفس الزكية، وقصة المجدٍ والخلود، ألتي احتوت بمضامينها عنان السماء، وأظلت بوهجها أصقاع الأرض، وصرخةً مدويةً اخترقت الحجب والإتجاهات، فأسقطت قلاع الطغاة، وزعزعت عروش الظالمين، أنه القول الفصل والكلمة الحق ألتي هي العليا.شهيد المحراب، هي خاتمته الحسنة، ألتي نالها حكيمنا، إذ انغمست روحه حيث ذلك الألق الإيماني، ومع تلك الأنفاس الملكوتية، عند أمير المؤمنين علي، على ذكر اسمه الصلاة والتسليم، لتكون خاتمة حياته من حيث أبتدئها، مع ذلك المعشوق والملهم، لتتناثر أشلائه متجهة إلى احضان السماء، وصوته منادياً يملأ آفاق الأرض، ها قد جئتك يا جداه فضمني اليك.