ظاهرة داعش لم تكن حالة عابرة، في الواقع العربي، بمقدار ما هي انحراف مستوطن ومقيم داخل العقل العنفي، الذي لم يخلوا من ظواهر العنف يوما، وأصبحت بؤرة جذب جماعية لحالات فقدان التوازن، بسبب اختلالات دينية واجتماعية وسياسية وتربوية، حيث يمكن ان نقول ان الحراك الداعشي هو نتاج ما تمر به المجتمعات العربية، من دكتاتورية وعنف مذهبي وسياسي، أسسته العقيدة المنحرفة للدولة.
داعش أنشأت داخل المدارس الوهابية، غذتها أيادي خبيثة خارجية، زرعت بعقول الناس، وأخذت تنمو تدريجيا، وتزداد تطرفا وهمجية ووحشية، حتى أنتجت هذه المجاميع من الوحوش.. العقيدة المنحرفة؛ سلعة رخيصة الثمن، يتداولها تجار الدم والنفط، وجعلوها سيف يقطع رقاب المسلمين، ويشوه الدين الإسلامي الحنيف.
أساس الفكر يكمن في نحن الحق؛ وما عدانا هم كفرة وضالين، ويمكن وصفهم بأبشع الصفات الانحراف، من عبدة القبور ورافض، وغيرها من الصفات، التي تولد الكره والبغضاء داخل نفوس الناس، وتزرع حالة من الانقسام الطائفي والمجتمعي، ليكوّن لبنة؛ تسمح له أن يشرعن، لنفسه القتل والذبح والحرق، لأي كائن بشري، بذريعة انه ضال وكافر.
الاعتدال في الطرح ليس كافيا، ومحاولة نبذ العنف وحدها، لن تكون كفيلة في مواجهة؛ هذا الفكر النابع من رؤية خاطئة وقراءة شيطانية للدين الإسلامي، بسبب الفكر الوهابي الصهيوني، الذي صنعته السياسة لتحصين نفوذها، والحفاظ على سلطتها داخل المجتمعات الإسلامية، بحجة تطبيق الشريعة، حسب ما يتناسب مع احتياجات الحاكم لبسط نفوذه، وتشريع نظامه الدكتاتوري، داخل المجتمعات العربية، أعظمها تجلت في النظم الملكية الخليجية.
الفكر المفخخ؛ يحتاج إلى جهد هندسي فكري، لتفكيكه من داخل، وأزالت ملوثات العقل، التي تدعوا للقتل والذبح تقربا إلى رب، اليوم ونحن على أبواب نصر عظيم، في أهم مراكز الفتنة، ومنابع الفكر الداعشي، بعد عامين من الاحتلال الداعشي لمدينة الفلوجة، أصبحنا بحاجة ماسة إلى غسل أدمغة سكان المناطق المحتلة، وإعادة تهيئتها بفكر معتدل، خصوصا عند النازحين، حيث يملك الكثير منهم علاقات ومصاهرة مع أفراد التنظيم الإرهابي، ويتفق أحيانا مع أفكارهم الهدامة، هذا ما أفرزته، جوامع الفتنة، ومكاتب سماسرة الإفتاء مدفوعة الثمن، تحت لافتته (الدولة الإسلامية) لتشريع الذبح والقتل والنكاح.
إن مرحلة ما بعد داعش في المناطق المحررة، ربما ستواجه صعوبة اكبر، من اجل تحرير العقول من الفكر الداعشي، وإبعاد أئمة الكفر، من اعتلاء منصة المساجد، مع تصحيح مسار التعليم الحكومي داخل المدارس، بمناهج تنبذ العنف والطائفية وتسلط الضوء على الإنسانية والسلام الذي أكده ديننا العظيم، في احترام الرأي الآخر، والتعايش السلمي بين المجتمعات المختلفة.حقا كانت هزيمتكم ممتعه، هذا ما نقشته أنامل أبطال العراق، على جدران الفلوجة، وهي تغسل عارها وسوادها.. لن تذهب دماء شهدائنا سدى، وما نزف من دماء طاهرة على هذه الأرض، هي بصمة فخر يطرزها الزمن على جبين الوطن، وسيذكرها التاريخ، بان رجال المرجعية وأبنائها هبوا لنصرة إخوانهم وأنفسهم، فسلام لأرض تفيض عطاء، وطيب ثراها دم الشهداء، فهذا حسين وذي كربلاء، أصبح للعالم لسان وفم.