قبل عدة أيام, سرب ناشطون عرب في إيران وثيقة تدعى ” المشروع الأمني الشامل لمحافظة خوزستان” وهي عبارة عن “خطة أمنية شاملة ” تهدف لإجهاض الحراك العربي في الإقليم الأحوازي بمختلف الطرق، منها: قمع الحركات السياسية, استمرار بمخطط التغيير الديمغرافي وتهجير العرب من مناطق سكناهم, جلب المزيد من الفرس وغير العرب من باقي المحافظات وتوطينهم في إقليم خوزستان, وخوزستان هو الاسم الذي يطلقه الفرس على إقليم الأحواز العربي, وبحسب ما جاء في الوثيقة، فقد تمت المصادقة على المشروع خلال اجتماع اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ المشروع في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بتاريخ 27 إبريل 2014 ترأسه عبد الرضا رحماني فضلي، وزير الداخلية الإيراني بحكومة حسن روحاني.
ولعل أبرز ما جاء في الوثيقة هو إشراك مليشيا الحشد ” في العراق” وحزب الله اللبناني وعدد من المليشيات العاملة في سوريا من أجل تنفيذ هذا المشروع الذي يروم إلى إبادة وقمع العرب في إقليم الاحواز وتغيير الطبيعة السكانية, وهذا المشروع جاء بعد توالي الاحتجاجات المناهضة لحكومة طهران الفارسية والمطالبة بحكم ذاتي على أقل تقدير من قبل العرب الأحوازيين, بالإضافة لتلقي حكومة طهران الضربات الموجعة من الثوار الأحرار, وهذا ما دفع بملالي إيران لوضع هذا المشروع.
وهذا الأمر إن دل على شيء فأنه يدل على ثلاثة حقائق موجودة في إيران والتي استقرأها المرجع العراقي الصرخي منذ مدة من الزمن, الحقيقة الأولى هي إن ” إيران حكمت وتحكم الشعب الإيراني بقبضة من حديد ونار حيث سلطت عليه الإطلاعات ومليشيات البسيج المرتبطة بالنظام والمحامية عنه ومواجهة كل صوت معارض لها ورافض لسياستها القمعية بحق معارضيها من الأقليات غير الفارسية كالعرب والبلوش وغيرهما، كما أنّها تفتعل الأزمات والصراعات المذهبية والعرقية في الدول المجاورة لها كل ذلك من أجل تنفيذ مشروع توسعي إمبراطوري وكما صَرَّحَتْ عنه مؤخرًا بإنشاء إمبراطورية فارسية وعاصمتها بغداد “, وهذا ما جاء على لسان الدكتور “طالب الشمري ” المتحدث الرسمي باسم المرجع العراقي الصرخي في تصريح خاص لصحيفة المدينة السعودية بتاريخ 19 / 2 / 2016.
الحقيقة الثانية وهي, إن مليشيا الحشد التي تشكلت بفتوى من السيستاني هي من أجل خدمة إيران مشاريعها في العراق وسوريا وحتى في إيران, فهذه المليشيا وكما يقول المرجع العراقي الصرخي في حوار له مع صحيفة الشرق بتاريخ 17 / 3 / 2015 ” هو ليس حشداً شعبياً بل هو حشد سلطوي إيراني تحت اسم الطائفية والمذهبية المذمومة شرعاً وأخلاقاً، إنه حشد مكر وتغرير بالشباب العراقي وزجهم في حروب وقتال مع إخوانهم في العراق للقضاء على الجميع ولتأصيل الخلاف والشقاق والانقسام ولتأصيل وتجذير وتثبيت الطائفية الفاسدة لتحقيق حلم إمبراطوريات هالكة قضى عليها الإسلام، فنسأل الله تعالى أن يقينا شر هذه الفتن والمفاسد العضال “.
أما الحقيقة الثالثة فهي, إن إقدام السلطات الفارسية في طهران على هذا الفعل هو دليل على قرب تشظي إيران وتفككها داخلياً, وهذا ما يعجل سقوطها وكما يقول المرجع العراقي الصرخي في إحدى المحاضرات العقائدية والتي ألقاها بتاريخ 5 / 10 / 2014م ” القادم سيكون على إيران، ستتشظى إيران وتنتهي وتنهار أسرع من انهيار الموصل أمام الدواعش.. الشعوب الإيرانية بعرقياتها وأجناسها تعيش تحت حكم وسلطة قابضة عليها وعلى أنفاسها، وأي خلل أو مواجهة مع إيران سيكون فيها انهيار إيران أسرع من انهيار العراق وسوريا… فالرهان على إيران خاسر، وستشهد الأيام “.
الواجب الشرعي الإنساني الأخلاقي يفرض على الجهات المعنية بحقوق الإنسان وغيرها، وبالخصوص الدول العربية والخليجية يفرض عليها القيام بمسؤولياتها باتخاذ الإجراءات والخطوات التي من الممكن تفعيلها على المستوى الداخلي في إيران لتحجيم ممارسات القمع والاضطهاد والتهميش التي تمارس بحق تلك الأقليات ويكون ذلك عبر الدعم للأقليات المظلومة المقهورة غير الفارسية ماديًا ومعنويًا وتمكينها من المطالبة بحقوقها ومواجهة النظام ومنهجه القمعي الاستبدادي، والوقوف معهم في المحافل الدولية لانتزاع قرارات دولية تحقق لتلك الأقليات الاستقلال والأمن والحرية بحماية دولية، ومنع اعتداءات إيران وعنجهيتها وغطرستها وأجهزتها القمعية، وتأمين ممارسة الطوائف والأقليات حقوقهم القومية والوطنية والدينية وحقهم في حرية التعبير والفكر والمعتقد، ودعم المعارضة الداخلية وكل صوت حر يرفض منهج وسلوك النظام وجبروته وطغيانه ومشروعاته, وعلى العرب بالتحديد أن يستغلوا تلك الفرصة لقلب الطاولة على إيران ويردون على تدخلها في شأن الدول العربية بالمثل, وهذه فرصة سانحة لهم ومهيأة ومعدة ومقدمة لهم على طبق من ذهب, فعليهم استغلال تلك الفرصة, لأن ضياع الفرصة غصة.