نتيجة لعقود من فرض الثقافة العسكرية على المجتمع وسيادة منطق القوه والاساليب االشوفينية والعنصرية في التعامل مع مكونات المجتمع المختلفة والتناول السلبي لفكرة القومية العربية و السعي الوهمي لبناء الوحدة العربية واختصار الوطن والوطنية بشخص (الرئيس) و غيرها من السياسات وما تبعها من اجراات اتخذها نظام صدام الدكتاتوري أسهمت وبشكل فاعل على تلاشي الاسس الفكرية الجامعة لوحدة المجتمع وافراغ الساحة الفكرية من ثقافة الهوية الوطنية والمواطنة مع الاخر,وبعد سقوط هذا النظام وتناثر أشلاؤه بدت الساحة خالية أمام سيل من الفكر المذهبي والقومي والمناطقي دون أن يجد ما يعترضه وظهرت قوى سياسيه قوميه ومذهبيه وأتنيه انطلقت من سجن الدكتاتورية الى فوضى الديمقراطية حتى أصبحت الدولة والمجتمع سجينين لها , ومما زاد الطين بله أن هذه المستجدات التي ظهرت بعد سقوط النظام تم تنظيمها من قبل الحاكم الامريكي للعراق بقانون مجلس الحكم وقانون أدارة الدولة الذي أستند عليه في كتابة الدستور وبالتالي أصبحت حالة الانقسام قانونيه مؤسساتيه.ولأسباب متعددة شهد العراق بشكل عام وبغداد بشكل خاص جحيم العنف الطائفي في ألاعوام 2005 ـ2007التي ضاعفت من مخاوف العراقيين ودفعتهم الى البحث عن ضمانات تؤمن مستقبل الاجيال القادمة, لما ارتكبت فيها من جرائم سفكت فيها دماء غزيرة دون مبرر لا يمكن وصفها ازمة قد ذهبت بل يجب التوقف عندها للتروي والتزود بالحكمة لمنع تكرراها وأبعاد شبح عودتها بواسطة الدعوة الى صياغة أليات جديدة تضمن الوحدة الوطنية والتنمية والمساوات بين مكونات المجتمع وصولا الى تحقيق بلد أمن ومستقر وسط عالم مضطرب ,
من خلال النظر في الواقع الموجود على الارض تبدو الفجوة كبيره بين الامال العريضة والواقع السيء نتيجة الخلافات السياسية و ضعف الاداء الامني تجاه الاعمال الارهابية التي ادت الى سقوط محافظة الموصل ومناطق أخرى بيد تنظيم داعش الارهابي في 10حزيران 2014 وما تلتها من سجالات و أحداث جسام كشفت عن ضعف وهشاشة النظام السياسي الذي يواجه ضغوطا ومعاناة متنوعة أشدها الازمة الاقتصادية الحالية بسبب تدهور أسعار النفط الخام … . مما يستدعي القيام بمراجعه جادة ودقيقة تأخذ بنظر الاعتبار تنوع و اختلاف مكونات المجتمع العراقي الذي وصف باللوحة الفسيفسائية عكست تنوع و اختلاف اللون السياسي وأصبح لكل مكون توجهاته المستقبلية حتى اصبحت هذه التوجهات نفسها داخل المكون الواحد يتم تناولها بوجهات نظر مختلفة وبالتالي أحدثت فوضى سياسيه كبيره أثرت على تماسك ووحدة المجتمع وجعلت من سقف الطموحات السياسية أعلى بكثير من الحقوق مما أربك البعض ودفع أخرين لممارسة العنف أو الاستنجاد بالغير.
أن البحث في الاعمال الجدية لحل هذه المشكلة وعلى وجه الخصوص كرد فعل طبيعي على هذه الأحداث والعمل على تصحيح مسار تداعياتها والسير نحو عراق جديد أمن ومستقر؟؟ يجب ان لا يخلط بين أساليب الادارة في الازمة وبين أساليب أدارة الازمة كمفهوم سياسي
يشكل حد فاصل بين الترقيع والحلول الجزئية وبين أدارة تتخذ على عاتقها مسؤولية الوصول بالجميع الى شاطئ السلام والامان بعد ان يتم التصدي لواجب دفع الضرر عن المجتمع بنجاح استنادا الى قاعدة أساسية تتمثل بالحل السياسي بشقيه القانوني والفكري بما يشرع أحدهما للأخر وتقديمه كضامن لوحدة البلاد والعدالة فيه, على ان يؤسس هذا المشروع على ثلاث اعتبارات اساسية الاولى ضمان قيام حكومة مركزيه قويه والثانية ضمان عدم انفرادها بالسلطة والثالثة ضمان حقوق الاقاليم والمحافظات وتحديد واجباتها . ويضمن ايضا رفع ثقل سلطة مسؤول من فئه معينه عن كاهل مواطن من فئه أخرى ويبدد المخاوف ويعزز الثقة بين الشركاء في المجتمع الواحد.ومن ثم الشروع بتحديد الاولويات في عمل خلية أعادة بناء الدولة ضمن خطه استراتيجية متكاملة يتم تنفيذها على المديين القريب والمتوسط تطمح الى بناء دوله بمفهومها الايجابي, على أن لا ينظر الى المصالحة الوطنية من خلال الغاء إجتثاث البعث او توزيع الحقائب الوزارية بين السنة والاكراد والشيعة او المحاصصة في بث أذان الصلاة على قناة العراقية ولا يعتبر اصلاحا حقيقيا تغيير المسؤولين او دمج الوزارات أو النظر الى الخطط الامنية في المجتمع كحالة استعداد عسكري فارغه من محتواها التشريعي والتنظيمي والاجتماعي والاقتصادي فحسب بل يجب أن ينظر الى الاصلاح من خلال وضع الميثاق الوطني الشعبي و تطبيق نظام الفدرالية الادارية؟؟ و المقصود بالفدرالية الادارية ليس بين كيانات مستقلة وانما محافظات متكاملة اقتصاديا تشكل اقليم ضمن دولة مركزية محترمة واقرار دستور جديد وتشريع قانون أعادة الاعتبار لفض الاشباك بين الظالم والمظلوم و المضي قدما ببناء وتطوير مهارات القوات المسلحة الوطنية وأعادة النظر في وضع بغداد من كافة الوجوه الامنية والادارية والشروع بإعادة النشاط الاقتصادي من خلال دعم الصناعات التحويلية التي تحرك كافة القطاعات ابتداء من القطاع الزراعي وصولا الى مائدة العائلة العراقية الغنية والمتنوعة.وهذا ما يحلم به كاتب هذه السطور منظر رسول الربيعي.