بداية وقبل الولوج في مضامين ومحتوى مقالنا هذا ومالاته، نؤكد اننا مع ابطال الحشد الشعبي الذين لبوا نداء المرجعية كونهم ضحوا بدمائهم لأجل الدفاع عن العراق، ونقول:::::صرح رئيس الوزراء السيد العبادي بعد معركة تحرير الفلوجة، بأن (لا يمكن وصف قوات الحشد الشعبي بالمليشيا، ولا يمكن الطعن فيها لأنها ترتدي زيا عسكريا رسميا وتشكلت بقرار من مجلس الوزراء…. وان خطأ يحصل هنا وهناك لا يمكن تعميمه على الجميع)…….ولو أردنا ان نخضع تصريحات السيد العبادي مع التقرير الذي أعدته الحكومة المحلية للأنبار المرقم 11/1904 والمؤرخ في 9/حزيران/2016 عن انتهاكات نسبت للحشد الشعبي، نجد ان كلام السيد العبادي لا يلامس الحقائق القانونية وفيه قفزا على الوقائع بطريقة لا تنسجم واطر الدولة المدنية، وهناك قصدية بإعطاء عنوان أخطاء بدل جرائم حرب، وتلك استهانة بأرواح المغدورين والذين تم تعذيبهم، وهؤلاء رعيتك يا سيادة رئيس الوزراء، أنت مسؤول عن حمايتهم وراع لأمنهم وسلامتهم امام الله والقانون……
ان تقرير حكومة الانبار يتحدث عن جرائم مروعة، فهو يذكر بان هناك(اكثر من (49) مغدور و(643) مفقود بالإضافة إلى وجود 19 ألف معتقل مما يعني هناك اعتقال تعسفي لكل من خرج من الفلوجة من سن 16 إلى 45 عاما، ويؤكد التقرير تعرض جميع المحتجزين الى(( تعذيب جماعي شديد بمختلف الوسائل والاصابات بينهم تتراوح من خطيرة الى متوسطة)) أي ليس هناك خفيفة، عدى السب والشتم والمس بالكرامة، أي انها ليست أخطاء فردية كما جاء في تصريحات العبادي، وإنما جرائم ضد الإنسانية بشكل ممنهج ارتكبت من أفواج وسرايا وفصائل، ولا يمكن لفرد او حتى مجموعة صغيرة ان تقوم بذلك، وتحتجز هذه الاعداد الكبيرة وبأماكن معلومة كونها ساحة عمليات عسكرية، ولو اردنا جمع التقارير والتصريحات الأممية والفديوهات التي تم تداولها وتصريحات كتل سياسية ونواب خصوصا تصريحات النواب(حامد المطلك وعبدالكريم عبطان وكمال الغريري) سنجد اننا امام سلوك اجرامي سادي تمخض عنه أفعال جنائية وحشية منها: الإعدام والتمثيل بالجثث والتعذيب والتنكيل والسحل والضرب بالبواري، والإخفاء القسري، ونقل الأحداث من تحرير الأرض من الدواعش إلى قتل وتخريب وإساءات وفوضى؛ والجناة أدوات وليسوا الفاعلين الأصليين، كل ذلك تضمنته تقارير اممية ومنها منظمة هيومن رايتس التي صنفتها بأنها جرائم حرب ترتكب بدعم حكومي وعلى أساس طائفي، وطالبت الحكومة العراقية بمحاسبة الجناة، وليست أخطاء كما وصفها السيد العبادي، هذا التصريح يناقض وقائع وتصريحات للسيد العبادي سابقة أبرزها:::::
أولا- قال العبادي في كلمة ألقاها مساء الأربعاء 25/5/2016، إن الحشد الشعبي في العراق أنشئ بقرار من الحكومة وهو جزء من المنظومة العسكرية، مشيرا إلى أن هناك أكثر من مئة فصيل ينسب نفسه إلى الحشد وهو ليس كذلك، على حد تعبيره، مؤكدا حملهم هويات مزورة وأن الحكومة ستغلق كل مقرات تلك الفصائل…..
ثانيا- كلمة رئيس الوزراء حيدر العبادي تصريحه في مؤتمر ميونخ للأمن والدفاع في الشهر الثاني من عام 2016 (.. أن الحشد الشعبي افرز جماعات خارج اطار الدولة، واننا لا يمكننا القبول بذلك..) وأيد القيادي في الحشد الشعبي كريم النوري تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي بشأن الحشد في مؤتمر ميونيخ……
ثالثا- في معركة تكريت صرح رئيس الوزراء بوضوح بانه هناك اكثر من 180 منزل ومحل تم تفجيره وقبله كان هناك تصريح لرئيس مجلس محافظة صلاح الدين على قناة العربية الحدث بانه كانت هناك عمليات قتل وحرق وتفجير وسرقات حتى للمستشفيات ورافقها تصريحات صدرت من رئيس مجلس النواب ونواب رئيس الجمهورية والسيد مقتدى الصدر، كلها تؤكد بان هناك جرائم جنائية وليست أخطاء فردية(حدث نفس الامر في معركة الفلوجة)……
رابعا- اكد السيد العبادي في مؤتمر لحزب الدعوة يوم 9/4/2015 بان(..هناك جيش من المسيئين وضعاف النفوس والمدفوعين من داخل الحشد الشعبي ممن يحاولون الإساءة الى القوات الأمنية..)وتلك شهادة خطيرة لان الامر تحول الى وجود جيش وليس عناصر مندسة كما يصفها البعض، كلما خرج على القنوات الفضائية بطريقة تجعل المتلقي لا يبذل عناءا في كشف زيفها لسذاجة وسطحية الطرح، وكما في التصريحات التي صدرت بعد تفجير الكرادة المأسوي، بانها كانت ردا على انتصارات الفلوجة، وتلتها معزوفة ان القوات الأمنية القت القبض على المنفذين، وكأن المنظومة الأمنية لا تعمل الا بعد إتمام التفجيرات، أي ان عملها تحسسي وليس وقائي……
خامسا- ان الأفعال والجرائم الوحشية والتخريبية التي ارتكبت في الفلوجة وقبلها تكريت وغيرها؛ تشير قطعا بان مرتكبيها فصائل وسرايا يعملون ضمن وحدات كبيرة، وكما شخصها وزير الدفاع في تصريحه في عمان بعد معركة تكريت، 8/4/2015 عندما شارك في مؤتمر التحالف الدولي ضد “داعش حيث قال (.. بعد تحرير تكريت بساعتين دخل 2000 مندس إلى المدينة وقاموا باستهداف وحرق وتفجير بعض المنازل)، وأكد أن القوات “غير المنضبطة” لن تشارك في العمليات العسكرية التي ستنفذ مستقبلاً…..
سادسا- تصريح السفير الأمريكي، بان هناك 20% من فصائل الحشد الشعبي تعمل بأمرة ايران ولا تتبع لسيطرة الحكومة أي حوالي خمسة وعشرون الف عنصر من الحشد الشعبي يعمل خارج سيطرة الدولة، وهو وفق العرف العسكري يعتبر فيلق.( وتلك كارثة عسكرية وفاجعة أمنية في كل المعايير والنظم)…..
سابعا: بعد حدوث الجرائم المروعة التي ارتكبت من بعض فصائل الحشد الشعبي ووصول الامر الى مناحي لا تؤسس لدولة القانون، واثناء لقائه مجموعة من أساتذة كلية الطب في النجف في 15/6/2016، قال السيد السيستاني وعلى شكل وصايا «عندما هجم عناصر داعش ومن يدفعهم على مدن العراق، وقتلوا وعاثوا فساداً أفتيت بوجوب الدفاع عن النفس والمقدسات وجوباً كفائياً ضد الأجانب وليس ضد العراقيين من إخواننا أهل السنة. وأنتم الآن حينما تقاتلون في الرمادي وغيرها إنما تقاتلون دفاعاً عن إخوانكم لكي تخلصوهم من داعش ولستم فاتحين، بل تضحون بأرواحكم ودمائكم كي تنصروا إخوانكم ضد الدخلاء»….
وعند استجلاء مضامين وصايا السيد السيستاني نجدها خرجت بسبب ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وليست أخطاء…..ثامنا- بادر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى وصف بعض فصائل الحشد بالوقاحة، ولأكثر من مرة، وحمّلها مسؤولية الانتهاكات ضد المدنيين واعتبر الحشد الذي يشير اليه السيد هادي العامري لا يمثله…..
والاسئلة التي تثير الغثيان::::
س/ اين خطط القائد العام للقوات المسلحة، لمنع حدوث مثل هذه التجاوزات والجرائم التي تسيء للجيش والحشد الشعبي؛ لاسيما غالبيتهم ترك بيته واسرته ومحيطه لأجل الدفاع عن الوطن؟؟؟؟؟
س/ هل يجوز ان نسقط اعمال هذه الجموع الغفيرة التي ضحت بدمائها تطوعا بسبب تلك الممارسات؟؟؟؟؟
س/ اين القيادات الاستخبارية والأمنية من عمل هذه المجاميع وبهذه الاعداد الكبيرة؟؟؟؟؟
س/ كيف يدخل هؤلاء وهم بتشكيلات الوية وافواج الى ساحة معركة وفيها وحدات مهاجمة ووحدات ساندة؛ أي هناك مساحات شاسعة خلف القطعات المهاجمة هي مشغولة من الوحدات الساندة؟؟؟؟؟؟؟.
س/ كيف تدخل هذه المجاميع وبعمل ممنهج الى داخل المدن بعد تحريرها بساعات وترتكب هذه الجرائم؟؟؟؟؟
س/ كيف يسمح لتلك الالوية والسرايا باحتجاز المدنيين وتعذيبهم وبتلك الاعداد الكبيرة، ووفق أي نص قانوني يمارس هؤلاء انتهاكاتهم؟؟؟؟ انها جرائم ضد الإنسانية……
س/ لماذا لم يتم لحد الان محاسبة أحد من المرتكبين لهذه الجرائم وهم معلومون، بخاصة انهم يظهرون مكشوفي الأوجه ويتباهون في إقامة حفلات التعذيب والقتل؟؟؟ وبقت تصريحات لفظية لم تتحول الى محاكمات عادلة…..
ان الامر فيه غموض وتواطئ كبير لا يمكن تجاوزه؛ لأنه بات يسئ لأي انتصار وبطريقة عظمت من حجم التجاوزات، وتحتاج الى وقفة وخطط تردع تلك التجاوزات، لان في ذلك هدر كبير لروح الجندية والعقيدة للجيش العراق وسحق للروح المعنوية لأبناء الحشد الشعبي، فكيف نسلبهم هذه النشوة والروح القتالية الوطنية؟؟؟؟؟
ان التركيز على انتصارات الجيش والحشد الشعبي مهم والاهم؛ ان يصبح الحشد تجمعأ وطنياً قانونيا منسجماً ممثلاً لمكونات المجتمع، بذلك؛ يمكن ان تكتسب الانتصارات نكهتها الوطنية…..لا يجوز ان نتحدث عن اعمال إجرامية ونصفها أخطاء فردية؛ لمجرد ان نكذب الاخرين، لان في ذلك اضعاف للحقيقة والباس المنكر زي طاعة والمعروف زي منكر، ونتحدث عن كائنات مجهولة تقوم بهكذا جرائم مروعة وانتهاكات وسرقات وتفجيرات…..
ان للحفاظ على زخم الحشد الشعبي، يتم بفضح الجرائم البشعة التي ترتكبها المليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي، مع توفر الأدلة والشواهد الموثقة التي حصلت عليها المنظمات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان، والمجتمع المدني، وصارت حديث الأسرة الدولية، وتناقلتها تصريحات المسؤولين والمراقبين والمتابعين المحليين والدوليين، وهنا لم يبقَ شماعة لتبرير الجرائم والانتهاكات وتبرئة مرتكبيها بان الزعم بأن مَن يقوم بها هم عناصر مندسة، هدفها تشويه صورة الحشد الشعبي، فحصولها بهذه الصورة والكيفية والديمومة والاستمرارية لا يمكن تفسيرها أنها أخطاء فردية وصدرت من عناصر مندسة، او أنها تمثل حالات شاذة، لأن الحالة الشاذة لا تتكرر بكثرة ولا تستمر بنفس المنهجية والجهات، خاصة أن تلك العناصر المندسة باتت تشكل حالة مستمرة وممنهجة مع كل تحرير ولها سلطة ونفوذ وتتحكم في بعض مفاصل الحشد الشعبي الذي تحول في قسم منه إلى حاضنة لهم ولجرائمهم الجنائية، وبذلك نكون امام جريمة التستر بركنها المادي والمعنوي، ونكون تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005، ودور الحكومة أن تلقي القبض عليهم وتعلن عنهم وتقدمهم للعدالة، وهم معلومون للحكومة.