وانا احاول ان ارتب افكاري حول كتابة موضوع عن حكومة التكنوقراط التي اعلن عنها رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي الخميس تحت قبة البرلمان وهو ما اطلق عليها بالتغيير الشامل بعد ان دمج عدد من الوزارات وغَير الكثير وابقى على وزيري الداخلية والدفاع تبعه انسحاب السيد مقتدى الصدر ومن معه من المعتصمين في المنطقة الخضراء مقدما الشكر للمعتصمين وللعبادي الذي كان ناجحا في المضي بالتغيير على حد اعتقاده.
مواقف متباينة صدرت هنا وهناك اما مرحبة او مشككة او معترضة حتى اعلن، نزار محمد سليم النعمان احد المرشحين للوزارت السيادية انسحابه من الكابينة الوزارية الجديدة،والذي عزى انسحابه من الترشيح لوزارة النفط، الى عدم وجود التوافق السياسي على الكابينة الوزارية الجديدة،فاتحا الباب على مصراعيه لانسحابات اخرى ومشككا باحتمال تصويت الكتل الاخرى او موافقتها على ما اعلنه العبادي وباركه الصدر.
اكثر المواقف تشددا وتشكيكا بحكومة التكنوقراط هو ما جاء بوصف الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري الذي قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة “الفايننشال تايمز”، ان “أي اصلاح سيجريه العبادي هو كذب لانه لن يتمكن من حل الازمة المالية والاقتصادية.ورفض العامري وتشكيكه يعني زرق مضاد الشجاعة الحيوي لاخرين سيصطفون الى جانبه ضد العبادي وحكومته المقترحة.
حركة الحل المنضوية في تحالف القوى العراقية كشفت عن تخوفها من أن تكون الدعوة للتكنوقراط محاولة جديدة للإقصاء والتفرد في الحكم”، مشيرة الى أن “مطلب التكنوقراط في العراق اليوم لم يعد مطلبا إداريا لحل معضلة إدارة الدولة، بل تحول الى مطلب حزبي ذي جوهر سياسي يتخفى بعباءة التكنوقراط، وهو ما أثبتته حكومة التكنوقراط التي اقترحها السيد العبادي ودعمها سياسيا ائتلافه”. هذا التشكيك مدخل للعودة الى الحرب الباردة بين السنة والكرد والشيعة بما يتعلق بتقسيم الكعكة وعدم التخلي عن المصالح الحزبية والطائفية.
التشكيك بحكومة التكنوقراط والخوف من فشلها او تحولها الى سلاح للاقصاء والتهميش لم يكن هو التحدي الاول بل ان هيكلة الوزارة ودمج المتناقضات شكل مدخلا اخر لاعادة النظر في كابينة الاصلاح حيث اعتبر رئيس لجنة الشباب والرياضة النيابية النائب جاسم محمد جعفر البياتي، الجمعة، قرار دمج وزارة الشباب والرياضة مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار بـ”غير المدروس”وطالب بإعادة النظر لهذا الدمج لعدم وجود “أي صلة بينهما”.هذا الاعتراض على الدمج سيعيد العبادي الى المربع الاول وسيجعله يعيد ترتيب الاوراق من جديد في فك او دمج الوزارات الاخرى وبالتالي فانه يحتاج الى فترة زمنية اخرى لم يحسب حسابها تتعلق بترتيب بيادق حكومته على رقعة الشطرنج المتحركة.
غياب فرص النجاح بسبب الازمة المالية والاقتصادية خيم بضلاله على منسوب التفاؤل لدى المتابعين ممن يوازنون بين الفرص والتحديات بعد ان اظهر معدل التحديات تفوقا كبيرا لا يمكن للعبادي العاجز ولا لفريقه الخائف من الوصول الى شاطئ الامان او الاستمرار طويلا.
عدم الكفاءة والمقدرة لدى بعض المرشحين امر واقعي بل ان بعضهم اسوء من كثير من الوزراء في الحكومة التي ستقال بعد ايام وهذا الضعف سيؤدي الى شلل في حكومة التكنوقراط المحتملة.
ايضا غضب الكتل السياسية وعدم ارتياحها مسبقا على وجود واداء المستقلين سيجعل هؤلاء الوزراء ام خائفين مرعوبين او سيؤدي بهم الى اللجوء الى خيمة السيد مقتدى الصدر او الاختباء تحت جلباب العبادي القصير وعندها تحققت مخاوف الكتل والحجة الدامغة للاطاحة بالعبادي وبخيمة الصدر وهذا ما يخطط له الكثير والمحتمل حدوثه عاجلا او اجلا.
اذا كانت حكومة العبادي الاولى لم تنجح رغم وجود غطاء سياسي كبير لها من قبل جميع الكتل السياسية…كيف ستنجح اذا وقد رفع هذا الغطاء عنها وهل سيكفيها غطاء خيمة السيد الصدر وامنيات الشيوعيين.