عندما يكون الابتلاء مفاجئا ومركبا بالتأكيد سيكون الامر بين أمرين أما أن البلد ضاع وبلا عودة من ضياعه أو ان الناس تقبلت الامر وغادرت وطنيتها طوعيا فقدرت العيش على ما هو عليه وما صار لا يهم المواطن ..شكرا جزيلا .. هكذا تكتب هذه الجملة لكن البعض ممن صار في مكانة لم يحلم بها يوما ولا يحلم ان يحلم بها اراد أن يكتب على كتبة الرسمية التي تذهب الى دوائر مدراء عامين ودوائر رصينة فقرر أن يختم كتبه بكلمة (شكرن جزيلن ) بعد ان اصبح محافظا أو وزيرا جاء بحكم الحصص او الاتفاقيات او باسم النضال والجهاد ضد الطاغوت وهو لم يعرف يوما معنى الطاغوت ولكن صار الذي صار ليأتي بشهادة لم تكن لها وجود ولم يسمع بها احد وهو يدعي أنه يحمل شهادة عليا بحب آل بيت النبي أو أنه دكتوراه في مدرسة العشق السماوي ..مثل هذه النماذج ملئت لمكاتب وأصبحوا في غضون اشهر لهم كروش وتحول شعور رؤوسهم الى الاسود وابيضت وجوهم من كثرة المساجات الشبابية ولبسوا الملابس الافرنجية والأربطة اللماعة والعطور المستوردة ولكنهم استمروا يلبسون الحذاء الصيني الرخيص الثمن .الان ينتظر الشارع العراقي تبديل هؤلاء المتمترسين خلف كتلهم بشخصيات يسميها البعض التكنو قراط كلمة من جزئين وهي (الفني أو التقني والجزء الثاني سلطة وحكم) حسب الوكيبيديا اذن هذه الكلمة تعني أن الشخص المعني هو فني واختصاص في مجال ما وفي الوقت عينه سياسي او صاحب معرفة في الحكم والتعامل مع السياسة ,,وهذا يعني ليس كل من يحمل شهادة بروف او استاذ مساعد في الذرة او الفيزياء او علم من العلوم الطبيعية يصلح ان يكون سياسي او وزيرا يستطيع أن يدير وزارته بحرفيته كما هو حال حرفية وعلوم الاختصاص الذي يحمله او كما هو حاله عندما يقدم محاضرته في احدى الجامعات العراقية ويذهب ..ابدا الامر ليس هكذا لذا يجب الانتباه الى هذا الموضوع بجدية وعلى المعنيين ان يختاروا الاشخاص الذين يمكن أن يملئوا وزاراتهم بقوة جامعا بين كل الامور الاخرى الادارية والسياسية والاختصاصية ..اي اختصاص في وزارة اختير كشخص حاملا لشهادة عليا ويعتقد السيد الرئيس ان هذا مناسبا لهذا المكان بحكم ما يحمله من شهادة تؤهله لهذا المنصب !! السؤال هل يستطيع الشخص هذا أن يتفاوض بمهنية عندما يريد ان يرفع الحضر المفروض على الملاعب العراقية مثلا ويقدم اطروحاته وشروحا ته وتوثيقاته ويفاوض ويقحم الفيفا بالصور والبراهين بأن الحضر الان وبحكم المواد والأنظمة الدستورية لنظام الفيفا غير مشروع ومجحف بحق الرياضة العراقية وبحق الدولة العراقية ومقنعا للجانب الاخر وبلباقة السياسي المحترف ليخرج مفاوضي الفيفا وقد اقنعهم هذا الوزير العراقي التكنوقراطي بحجه وبيقظة المفاوض المتدرب ,, ام يخرج هؤلاء وهم يتهامسون على هذا الوزير وقد فشل في اقناع الغير ,, صحيح أنه حاملا لشهادة رياضية او حاملا لعدة اوسمة اولمبية وبطل من ابطال العراق او له ارقام قياسية في الاركاض السريعة والاركاض البطيئة لكنه لا يستطيع ولا يعرف كيف يبتدأ لحديث في جلسة حوارية من أجل قضية ما ,,المثل هذا ليس مقصودا به أحد وليس الرياضة استثناء وأيضا الوزارات الاخرى ليس استثناء لكن الاستثناء ان نأتي كما هو حال الحكومات العراقية بعد التغيير ان تأتي بمنصب محافظ أو وزير او مدير عام أو وكيل لا يعرف ان يكتب كلمة لطفا ويكتبها ( لطفن ) ولازال توقيعه عبارة عن مهرا بخاتم يحمله في جيبه لذا من الضروري جدا أن يكون الاشخاص القادمين يحملون صفاة مشتركة بين اختصاصاتهم وبين ادارة وزاراتهم سياسيا وإداريا ويعرفون كيف يصدرون أوامر لا تتعارض من التشريع والدستور ولا يتكأ على كتلة او تيار او مكون وهو لا يعرف كيف يدير جلسة او يتحدث بلقاء او مؤتمر وبالتالي يصبح حديث المتندرين وأصحاب اللطائف ليس في العراق بل على المستوى الاقليمي وأيضا لا يمكن ان نغفل بعض الجوانب الاخرى التي لا تقل أهمية عن تلك التي ذكرناها وهي مثلا الوطنية والنزاهة وحب الناس ناهيك على اصراره وتفانيه بعبور مراحل وحرق ايام واشهر وهو يسير بوزارته نحو النجاح ويبحث عن المفسدين بشجاعة لا تأخذه بالحق لومة لائم ويقدمهم للقضاء ويطهر وزارته ودوائرها منهم وهم سيجدون الوزارات عبارة عن تجمعات حزبية ومافيات وعصابات تنهب بالأموال وتدير الوزارة حسب ما تراه كتلهم وبمقدار ما يتقاضون من اموال وحصص وتعيينات بل ان بعض الموظفين ومن هم بدرجة محافظ أو مدير عام او حتى مدير لدائرة كبيرة يضع صورة رئيس حزبه وكتلته خلفه على الجدار وهذا يعني أن ولائه لا يتعدى رئيسه وكتلته ,, من اين نأتي بهؤلاء الاقوياء الشجعان ليديروا ويقومون العراق ثانية ؟ ومن يستطيع أن يختارهم بصدق وبجدية بعيدا عن الاهواء والضغوط والميول ؟ وهل الوضع الحالي يسمح ان نستعجل بالاختيار لإسكات المواطنين والمعتصمين على ابواب الخضراء من أجل الاستمرار ؟ ومن ثم نفاجأ اننا لم نختار المناسبين ابدا وزججنا بأشخاص هم اقل شأنا من أن يكونوا من شريحة القادة التكنوقراط وبعدها نتحجج بالوقت والضغوط الجماهيرية ونقدم ايضا كابينة ندعي أنها تكنوقراط ولكن تخرج علينا بكابينة حصصقراط ..لذا لابد من اعطاء فرصة مناسبة للرئيس يختار بهدوء ويتمعن ويدقق ويستعين ويمتحن ويتأكد قبل الاختيار بعيدا عن كل شيء او ان يعتذر لأنه غير قادر وهذا ليس عيبا او مثلبة بل إنقاذا للعملية السياسية .والفشل ايضا في هذه المرحلة ربما سيؤدي بالمشروع السياسي الى متاهات ودروب غير محمودة وبالتالي فأن المتصيدين من الكتل السياسية اللذين لايريدون العمل مع رئيس الوزراء حسب ما يجري سيكون لهم دورا أخر ربما يقلل من شأن العمل القادم وسيؤذي وبجدية كل المرحلة القادمة فالحذر والتدقيق والتمعن والتمهل وعدم العجلة والانصياع لضغوط الشارع ربما يحقق نسبة من النجاح حتى لو كانت بنصف الطموح وهو بالتأكيد افضل من الفشل .
[email protected]