يشهد الواقع العراقي المزيد من الحراك المعقد والمتنوع بين ماهو وطني وماهو دوني وماهو بين هذا وذاك . الساحة العراقية اليوم تغلي في الشارع بعد أن وصل حال البلاد الى نقطة يصعب تحملها حيث توقف شبه كامل للحياة بعد أن انهار الواقع الأقتصادي بالكامل نتيجة لأنشغال ساسته على مدى عقد من السنوات الماضية في عمليات نهب منظم للثروات وأهمال واضح لتأمين الخدمات ما أدى وبشكل تدريجي الى أنهيار قطاعات كاملة ذات صلة بالمواطن الذي يعيش اليوم بين البطالة والعَوَز حيث توقفت جميع النشاطات الأقتصادية والعمرانية الأمر الذي أدى الى خروج الجماهير الى الشوارع أحتجاجاً على تلك السياسات مطالبين بأصلاح حقيقي مع أن الكثير منهم لايعرف حجم الكارثة فيختزلونها بتوفير الكهرباء والماء وتأمين الوظائف مع أن تلك الحاجات هي ليست مطالب وفق القانون الدولي أنما هي ألتزامات على كل حكومة تأمينها وهي مرغمة على ذلك بل هي من واجباتها .
منذ أكثر من 5 سنوات والكثير من العراقيين يطالبون المجاميع التي جائت من الخارج لتحكم يطالبونها بأن تكون على مستوى المسؤولية وأن يشرعوا في البناء وتأمين الحياة الحرة الكريمة للعراقيين الذين وثقوا بهم على انهم قادة جدد وقد حذر الكثير من العراقيين ساسة الزمن الحالي من أن الطفرة النوعية في أسعار النفط يجب أستغلالها بشكل أفضل من خلال بناء مشاريع ستراتيجية تحقق موارد للبلاد وتجعله مي مأمن فيحال أنهارت اسعار النفط . ولكن الطبقة السياسية الحاكمة فضلت تأمين أحزابها وملىء خزائنها على بناء البلاد وبالتالي وصلنا الى حالة لايمكن قبولها اليوم . فلايمكن أن يكون العراقي متسولاً في الشوارع ولايمكن قبول الأطفال وهم يعملون لأعانة عواءلهم بعد أن قتل آبائهم في نزاعات مفتعلة وأزمات شعلتها أحزاب السلطة . العراق اليوم بلد تعج فيه الأرامل وينتشر فيه الأيتام وتنتشر فيه الأزمات في كل مناحي الحياة . أزمة في السكن وأزمة في القطاع الصحي والأقتصادي والتعليمي والأجتماعي والعدلي و و و ويكاد يكون المواطن يعيش بالحسرة .
قلت في السابق وأكررها اليوم . رئيس الوزراء السابق وحزبه الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء الحالي أستخدموا خلال ولاياتهم الكارثية أكثر من 1000 مليار دولار بينما العراق في ظل حكمهم يعيش في المآسي التي أشرنا اليها وعلى هذا ونتيجه لتلك السياسات فأن أي عراقي قد مات أو يموت في أي بقعة من العالم وبما لايقبل الشك أن سبب الوفاة هو المالكي والعبادي وحزبهم الذي ادعى بالوطنية وقد تدمر العراق وخرب بالكامل في ظل حكمهم .
اليوم وفي ظل الحراك الأحتجاجي الشعبي ومع انضمام السيد مقتدى الصدر وتياره الى المطالب الشعبية نجد أن هنالك أصرار على أن يبقى العراق على حاله وماعملية تغيير بعض الوزراء سوى محاولة لقمع التظاهرات بشكل مهذب وأصرار على ابقاء مبدأ المحاصصة الطائفية التي مزقت النسيج المجتمعي على حالها . اليوم وبوقاحة لامثيل لها نسمع من الأحزاب الحاكمة على انها هي من سيختار الحكومة وهي التي ستضع برنامج أصلاحي وكأن الشعب هو الذي دمر البلاد وأذل العباد . كما أن تلك الأحزاب لم نسمع منها أي شيء عن أعادة أموال العراق والمعروف لكل عاقل أن أي تشكيلة وزارية جديدة لايمكن لها أن تنجح بينما البلاد ليس فيها موارد مالية تستطيع أن تغير الواقع المعيشي والأقتصادي والعمراني في وقت أن العراق اليوم يحتاج الى كل شيء .
البعض يتهمنا بالتشاؤم في طروحاتنا ونحن نقول انها الواقعية التي نتحدث بها فالبلاد تحتاج كل شهر الى5 مليار دولار لتأمين الرواتب والمجهود الحربي بينما الواردات الشهرية للحكومة لاتتجاوز الواحد ونصف مليار دولار . ترى من أين ستأتي الحكومة الجديدة بالمتبقي كنفقات ناهيك عن حاجة البلاد الى اعمار وتأمين خدمات ؟
اليوم هو مفترق طرق . الأحزاب السياسية التي عاثت في العراق خراباً تحاول استمالة السيد مقتدى الصدر من خلال وعود في انها ستقدم أصلاحات وفق جدول زمني يبدأ بتشكيلة وزارية جديدة قديمة وأن تزج فيها بعض مرشحي لجنة الصدر مقابل فض الأعتصامات والتظاهرات . وهنا نقول أنه فخ نصبه ساسة المنطقة الغبراء للسيد مقتدى الصدر . ترى هل سيقع فيه ؟ وهنا نذكر ببعض الحقائق التي لايمكن لعاقل أن يتجاوزها من أجل التفكير العميق قبل التعامل مع هؤلاء .
أولا. أن الأموال التي نهبت في زمن المالكي هي معلومة للسيد العبادي فهو خلال ولايتي المالكي كان
رئيس لجنة الأقتصاد في الولاية الأولا ورئيس الللجنة المالية في الولاية الثانية وبذلك يكون على علم
بكل الأموال التي نهبت ومن نهبها .. ومن هذه الحقيقة يتضح انه يماطل ويسوف أملاً في تدخل خارجي
أو غاية في نفس يعقوب. وحاشى يعقوب من أفعال هؤلاء .
ثانياً. معروف أن حزب الدعوة قد نشر ثقافة دكتاتورية واضحة وأسس لقواعد في جميع مؤسسات الدولة
من خلال وكلاء الوزراء او المدراء العامين او المفتشين العموميين او مايسمى بالهيئات المستقلة
وبالنتيجة فأن أي تغيير يعني كشف كل مافعلوه بالعراق وما تسببوا في أهداره من اموال . لذلك هم
يجاهدون في سبيل عدم التغيير والأصلاح .
ثالثاً . الواقع الحالي فرض قواعد سياسية مستقبلية جديدة تقول بأن التيار الصدري قد كسب ثقة الشارع
العراقي بمختلف أطيافة وبالنتيجة ستكون نتائجه في أية انتخابات مبكرة نجاحاً ساحقاً له يسمح بأن
يشكل حكومة . وأن اي انسحاب من الموقف الحالي أنما يمثل انهيار كامل لتلك القواعد الشعبية
وبالنتيجة ستكون خسارة التيار الصدري كارثية يصعب عليه استعادتها من جديد .. والله من وراء القصد