منذ عهد الطفولة نحمل معنا كثير من الانحيازات الضحلة والاتجاهات الحمقاء ازاء بعض الظواهر .. وليست الاسرة وحدها مصدر ما نكتسبه من هذه الاتجاهات والافكار بل المجتمع المحيط بنا بسبب تخلفه عن رؤية الواقع رؤية علمية … وقد عرف الذين صنعوا المعتقدات الخرافية هذه الخاصية النفسية فإعتمدوا في نشر أفكارهم ومعتقداتهم وطقوسهم من جهل الناس بالعلم وحقيقة الأمور وكذلك إعتماد التهييج العاطفي والخرافة او الخرافات تنتشر ليس في العراق فقط بل في كل دول العالم احيانا ينظر اليها بتقدير على انها جزء من التراث الحضاري وربما تكون تافهة لكنها تضفي المتعة على الحياة لدى بعض الاشخاص .. وتختلف المعتقدات الخرافية كثيرا من مكان الى اخر في العالم ويعتمد انتشارها على امور سائدة محليا كالفلكلور والاساطير فضلا عن الظروف المحلية غير ان القاسم المشترك هو الاعتقاد بأن شخصا او شيئا ما من عالم الارواح يلزم استرضاؤه ومن المعتقدات البغدادية ان حكة اليد اليمنى تعني ان صاحبها سيحصل على مال وفير وان حكة الخد تدل على مجيء ضيف عزيز وان حكة الانف تبشر بأكلة سمك ومن الخرافات البغدادية اذا افترشت الدجاجة الارض يعني قدوم ضيف وكذلك اذا زقزقت العصافير او نزل العنكبوت من السقف واذا زحف الطفل الذي يستطيع المشي واذا كنس الطفل الارض واذا طفر العجين من النجانة واذا غسلت البزونة وذا قلبت ملعقة الشاي في القدح على غير وجهها فدلالة على تنبه الشارب بوجود النقص وخاصة في الريف واذا وضعت الملعقة في القدح لها دلاله ماسة بالشرف واذا كانت ملعقتين فانها فأل بزواج امراه أخرى واذا وقعت العصابة “الربطه او الفوطه او الجتايه” من رأس المرأة فتعتقد بان نساء اخريات قد ذكروها وعنما تضع المرأة الطحين في الصحن المعد للعجين وتبدأ بعملية العجن يتطاير بعض العجين الى الارض من بين يديها فتعتقد بانه لابد ان يأتيهم في هذا اليوم ضيف “خطار”كذلك يتشائم البغادة من صوت الغراب صباحا فيما يعتقد البعض ان وجود مجسم ” تمثال ” لفيل في البيت ” يجلب الفقر وكذلك هو الأمر إذا ما نظرنا لتلك الخرافة القائلة بالتشاؤم من البوم اذ يرجع إلى أن البوم يسكن الأماكن الخربة وأنه يختفي نهارًا ويظهر ليلاً .. وكذلك له صوتًا يختلف عن باقي الطيور إذ هو غريب ومزعج أيضًا. . وفي كثير من الأحيان تعمل الصدفة دورًا كبيرًا في نشأة الخرافة فنرى مثلاً قارئة الفنجان تقص قصصًا تنسجها من خيالها الواسع تكون بديهية في حياة الإنسان تصدف وتتحقق تلك القصص والمفاجآت وقد تخيب أيضًا مما يدفع المرء للتصديق والتشبث بلحظة أمل أو بلحظة سارة دون التركيز في قدرية وغيبية مثل هده الأحداث ..
وفي واقع الأمر أن الإنسان يبحث عن أي مخرج لينفد منه ويخفف عن نفسه حتى وإن كان مخرجًا خرافيًا .. ورغم ان الكثير من المثقفين العراقيين لايؤمنون بهذه الخرافات لكن تبقى الارادة الغاشمة للمجتمع هي التي تحرك غرائزهم في بعض المواقف وانا العبد لله تغلبت ارادة الاسرة على ارادتي عندما اصابتني ضائقة مالية حرمتني في ذلك اليوم المشؤوم من راتبي الشهري كمراسل لشبكة الاذاعة العربية في دبي بعد انهاء خدمات مراسليها خارج العراق ومن المخصصات التي اتقاضاها من نقابة الصحفيين العراقيين باعتباري عضو مجلس بسبب الوضع المالي الصعب الذي مرت به النقابة فأتكلت على الله لاستلام راتب مخصصات الهيئة الادارية لنادي الصحافة فاخبرني المتعهد ان المخصصات توقفت بأمر من النقابة فاسرعت الى دائرة التقاعد لمراجعة معاملة تقاعد زوجتي واستلام المخصصات الممنوحة لها فاخبروني ان المعاملة توقفت بسبب عدم اكمال زوجتي السن القانونية المؤهلة للتقاعد .. فندبت حظي على هذا النحس الذي لحق بي في ذلك اليوم فاخبرت زوجتي بذلك واخبرتني ان السبب يعود الى الهدية التي دخلت البيت امس وهي عبارة عن مجسمات ” تماثيل ” خشبية لافيال اربعة مختلفة الاحجام .. فطلبت من زوجتي وضعها في كيس لرميها في مكب النفايات وما ان تم تنفيذ ذلك تحسفت على قيمتها المالية فقررت اهدائها الى شخص صديق وما ان هممت بذلك شعرت في قرارة نفسي بالندم فقررت التراجع عن قراري هذا خوفا ان تكون هذه الافيال فال سيء قد تسهم في افقار صديقي وعندما اخبرت نقيب الصحفيين المرحوم شهاب التميمي بقصة الافيال ضحك وقال ” اجلبها وضعها في بوفية النقابة ” فشرعت بوضعها حسب طلبه وما ان حل الليل وانا جالس لمتابعة برامج القناة العراقية حتى ظهر ” سبتايتل ” يعلن عن قيام قوة عسكرية امريكية باقتحام مبنى نقابة الصحفيين العراقيين فنهضت من مكاني مفزوعا بهذا الفال السيء الذي تحمله هذه الافيال المشؤومة .. وسواء كانت هذه المعتقدات حقيقية ام مجرد ضرب من الخيال فهي في كل الاحوال مرتبطة بالتقاليد البغدادية.
التي مازالت سائدة رغم اندثار الكثير منها بسبب التطور الذي حصل في المجتمع وبقاء البعض منها وهي في كل الاحوال تدل على بساطة وصفاء النوايا لدى المواطن العراقي وتقع ضمن مسار عادات وتقاليد تعيد لنا ذكريات الايام الماضية قد تكون اكثر بعدا من حالات الشعوذة والضحك على ذقون العباد التي ينتهجها البعض من المشعوذين الذين يتخذون من الدين وسيلة للاسترزاق .. وكان الله في عون العباد