القارئ والمتتبع للأحداث التاريخية التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط , وتحديداً منذ سقوط دولة الخلافة الإسلامية على يد المغول عام 1258 م , وقيام الدولة العثمانية بعدها , في الفترة ما بين 27 يوليو 1299 – وحتى 29 أكتوبر 1923 م , يرى بوضوح بأن ما يسمى بالهلال الشيعي بدأ شيئاً فشيئاً تتشكل ملامحه .. وتحديداً منذ أفول شمس الامبراطورية العثمانية التي غابت مع بداية القرن المنصرم . وبعد أن تم توزيع تركتها ومناطق نفوذها بعد الحرب العالمية الأولى بشكل رسمي عام 1916 . بين القوى التي كانت مهيمنة آنذاك , وهي فرنسا وبريطانيا , والتي تكللت باتفاقية بينهما , لتقاسم مناطق النفوذ , أطلقوا عليها اتفاقية ” سايكس بيكو ” الشهيرة , ومنذ ذلك الحين بدءوا يعدون العدة ليس فقط تقسيم وتقاسم مناطق النفوذ , بل قاموا على الفور باتخاذ خطوات سريعة من أجل زرع بذور الفتنة الدينية والقومية والطائفية بين جميع شعوب المنطقة , وزرعوا ألغام قابلة للتفجير متى ما تطلب الأمر , على شكل ترك بؤر ومناطق توتر حدودية بين جميع الدول العربية والإسلامية , بالإضافة لاتباع سياسة فرق تسد , وبعد هزيمة حزيران مباشرة بدأت الدوائر الإمبريالية بالإعداد لتسقيط الإسلام بتهيئة المنطقة منذ الآن لهذا الدور , حيث سيتم منذ هذه الفترة العمل على تأسيس ( الهلال الشيعي ) الذي يتأمل الإمبرياليون مقاتلته مع بقية الفرق والطوائف من المسلمين .. وعندها وكما إنتهى دور العروبة في جمع شمل المنطقة .. كذلك سينتهي دور الإسلام ..
قرن كامل .. مر مرور الكرام والعرب يخوضون حرب وجود وحرب هوية على جبهات عدة , تطورت مع مرور الوقت إلى حروب عربية إسلامية , وحروب عربية عربية , والآن تحولت إلى حروب طائفية بين أبناء البلد الواحد , فاقت جرائمها الوحشية بشاعة حتى الحروب الصليبية , بعد أن فقدوا العرب البوصلة تماماً , وأصبحوا إلعوبة بيد القوى العظمى , امبراطورية تبيعهم وأخرى تشتريهم وثالثة تبتزهم وتضحك عليهم , صحيح أن حروب الإبادة التي استهدفت العرب المسلمين منذ عام 1096 التي قادها قادة الحملة الصليبة , والتي هيمنت على أذهان الناس لأكثر من أربعة قرون , لكن شبحها مازال موجود , فليس من باب الصدفة أو زلة لسان , وصف جورج بوش الأبن حملته عندما شنَّ العدوان على أفغانستان والعراق بالحرب الصليبية الجديدة !؟, لكن بالرغم من تراجعه واعتذاره عن هذا الوصف , لكنه كان يعني ما يقول , الحروب الدائرة الآن تختلف تماماً عن سابقاتها , وتدار باسلوب مختلف تماماً , عن أساليب الحروب التي خاضتها شعوب المنطقة مع المستعمرين .. البريطانيين أو الفرنسيين أو الايطاليين بل وحتى البرتغاليين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وبداية القرن العشرين , وصولاً للقرن الواحد والعشرين الذي تحول العرب فيه .. قادة وزعماء وشعوب إلى بيادق شطرنج وجنود أوفياء لهذه الحملات المنظمة التي تقودها أمريكا والغرب وحلفائهم كإيران وإسرائيل , التي جعلت من العرب والمسلمين شعوب متقاتلة متناحرة فيما بينها , بل وبعلم أو بدون علم سخرت الدول العربية والإسلامية جميع امكانياتها وثرواتها , وحولت أراضيها ومياهها إلى قواعد عسكرية للقوى العظمى رغماً عن أنفها , بدأت بتسهيل احتلال العراق , وانتهت بما يجري الآن من حروب واقتتال إثني طائفي , تتقاتل وتتصارع فيه الشعوب العربية فيما بينها , وكذلك أبناء البلد الواحد .. كما هو حاصل في أربعة أو خمسة دول عربية معروفة , برعاية وحماية وتسليح وتدريب أمريكي روسي إيراني إسرائيلي .. وهذا هو المطلوب . بالعودة للهلال الشيعي الذي حذر منه بالأمس القريب الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك !, وكذلك الراحل الملك حسين والملك عبد الله الثاني ملك الأردن , أصبح واقع حال منذ احتلال العراق وتسليمه إلى إيران رسمياً منذ عام 2011 , التي تعتبر هذا الفراغ وحالة التشرذم التي أصابت أمة العرب منذ أحداث الكويت والعراق عام 1990 , وما تعرضت له الأمة العربية من انتكاسات ووهن وضعف وانقسام , أدى في نهاية المطاف إلى تغول إيران واستهتارها , حتى باتت تصرح بكل وقاحة وعلى لسان زعمائها وقادتها .. بأنها باتت تهيمن على أربع عواصم عربية , وأن بغداد هي عاصمة امبراطوريتها الجديدة !؟.لكن الصحوة العربية الإسلامية ولو أنها جاءت متأخرة , عندما فاجئت المملكة العربية السعودية وحلفائها العالم وإيران بعاصفة الحزم , لإنقاذ اليمن من مخالب إيران , ثم تبعها تشكيل الحلف العربي الإسلامي الذي يضم أكثر من 40 دولة , وما تبعها من مناورات عسكرية ضخمة بالقرب من الحدود العراقية السعودية ” حفر الباطن ” , الذي أطلق عليه أسم ” رعد الشمال ” , وكذلك عزل إيران عربياً ومحاصرتها إسلامياً , ناهيك عن تبدد أحلامها بامتلاك السلاح النووي , وما يجري لحليفها في سوريا , وكذلك الحراك الشعبي والجماهيري في العراق , ناهيك عن إنهاك حليفها الاستراتيجي في لبنان ” حزب الله ” في الحرب السورية الأهلية ووضعه على قائمة الإرهاب !, كذلك تأثيرالجانب الاقتصادية على ديمومة الحرب الطائفية من تمويل وتسليح للميليشيات الشيعية المختلفة , خاصة بعد هبوط أسعار النفط , هذه وغيرها من العوامل التي يطول شرحها جعلت إيران وحلفائها , يصابون بالدوار , ويعيشون حالة نفسية مزرية , وحالة من الترقب والخوف والهلع الشديدة , والرعب الذي بات يدب في أوصالهم , ويّسود الأوساط ودوائر القرار في قم وطهران وبيروت ودمشق وبغداد حالة من الهستيريا , وبات بحق وحقيقة يقض مضاجع دهاقنة البيت والمحفل الشيعي الفارسي الصفوي الجديد , الذي يحاول جاهداً إحياء الامبراطورية الفارسية من خلال الدخول من الشباك الطائفي , بعد أن أخرجهم العرب المسلمين الأوائل من الباب الإسلامي العربي الشرقي قبل حوالي 1400 عام .ولهذا ليس من باب الصدفة عندما كشف منشق عن حزب الله عن تفاصيل اجتماع سري في العاصمة اللبنانية بيروت رأسه، حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، بحضور زعيم التيار الصدري العراقي، مقتدى الصدر، ورئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، تهدف إلى “توحيد الرؤية الشيعية” في العراق، والتفرغ لمواجهة السعودية والخليج” …وشارك في الاجتماع السري قادة أحزاب ومنظمات عميلة لايران من العراق و البحرين واليمن لترتيب البيت الشيعي و حل الخلافات وتوحيد الجهود، وإعادة تقييم تغيير سياسة السعودية منذ وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز، لانه نقل السياسة السعودية من السياسة الناعمة والمهادنة إلى مواجهة عدوان ايران . وقال منشق عن حزب الله، لـ”بوابة القاهرة” أنه منذ أن وصل الملك سلمان للحكم والنفوذ الإيراني يتلقى الضربات، اجتمعوا بالضاحية قادة الأحزاب الشيعية بطلب من الخامنئي عند حسن نصر الله، والهدف هو إعادة دفع المشروع الشيعي الى الامام و تخفيف الخسارة و النكسات التي يتعرض لها محور إيران.وأضاف “منشق”: “اتفقوا على وضع خطط لحماية الهلال الشيعي وتوسيع الهجوم على السعودية وتطويق المملكة وحلفاء السعودية، وسيتم استخدام أموال نفظ مسروقة من العراق لتمويل المخططات القادمة. وللحديث بقيـــــة