احتفل العراقيون امس بذكرى ميلاد محمد غني حكمت , وملئ الخبر الدنيا من صفحات التواصل الاجتماعي الى شاشات الفضائيات , احسست ان التفاعل مع الموضوع والاهتمام به فاق الاهتمام بالشخص المحتفى به بعد ان احتفل به محرك البحث العالمي غوغل , العراقيون فرحون لان العالم ذكرهم , بعد ان قبع بلدهم في ذيل القوائم التي تصنف بلدان العالم من حيث الاستقرار او الامن او الخدمات او غيرها من المعايير التي يهتم بها عالم اليوم.
ومع ان العراقيين لم يسايروا ركب العالم المتطور في كل تفاصيل الحياة الا انهم احتفلوا بحكمت بطريقة حضارية , لم يوزعوا الحلوى في الشوراع ويباركوا لبعضهم هذا الميلاد الاغر اويصفقوا فرحا او ينشدوا طربا لصاحب الذكرى , الاحتفال كان باستذكار اعمال ومنجزات الراحل وحبه لبلده وتغنيه به وتمنيه العودة له حتى اخر ايام حياته.
في جانب اخر كان هناك احتفال بعظيم اخر, لكن مع الفرق بين الاحتفالين , حيث ان هذا العظيم مر على ميلاده اكثر من 14 قرن.
لا اعتقد ان احدا يعتقد ان علي ابن ابي طالب كان يَحتفل بذكرى ميلاده , ولا اظنه فعلها مرة واحدة في حياته, ليست المشكلة هنا , فلقد تعودنا ان نكون ملكيين اكثر من الملك , ولقائل ان يقول ان بدعة الاحتفال جائت متاخرة عن ذلك العصر , فاجيبه ان انتقادي لم يكن على اصل الاحتفال بل على الطريقة.
اتجنب كثيرا انتقاد هكذا موارد , لكي لا اتقاطع مع مشاعر الجماهير التي تغلب عليها العاطفة في افعالها وعباداتها واتاسف على الدين الذي اختزل بالشعائر وترك الجانب الروحي الى اللاعودة , الا ان مايبدو ان الاسفاف لم يقتصر على العوام بل ان راس المؤسسة الدينية غارق فيه مع سبق الاصرار , البسطاء وزعوا فيه الحلوى , لكن الفقهاء البسوا فيه الذهب لضريح ابن المُحتَفل بذكراه !
علي الذي اقترن اسمه بالزهد وكفالة الايتام ,
علي الذي كان يكنس بيت المال بعد ان ينتهي من توزيع ما فيه ,
علي الذي كان يخاطب الذهب ان يغرغيره
علي يُحتَفل اليوم بميلاده ببذخ الذهب !
في بلد الشهداء والارامل والايتام , يكون احتفال الذهب , العجب كل العجب !