لا ريب أنّ بريطانيا او ” المملكة المتحدة ” هي من اعرق الدول في الممارسة الديمقراطية وغيرها ايضاً قياساً الى غيرها من الدول , كما تختلف بريطانيا عن الولايات المتحدة او سواها في مجال الأنتخابات البرلمانية او التصويت لرئاسة الوزراء بأنعدام ولربما شبه انعدام تأثيرات اللوبي الصهيوني , ودور الشركات والمؤسسة العسكرية وانعكاساتها على ذلك . وبقدر تعلّق الأمر بالأستفتاء الأخير الذي أدى للأنسحاب من الأتحاد الأوربي ومع الأخذ بنظر الإعتبار أنّ النتيجة كانت 52 لصالح الإنسحاب و 48 بالضد , والتي هي متقاربة , وكان من الممكن لعددٍ من الأصوات المغايرة ” كنسبةٍ مئوية ” أن تغيّر وتقلب نتيجة التصويت بالكامل , وهذه الأصوات القليلة والمحدودة المفترضة تمثّل فيما تمثّل < المنطقة الحرجة > في القضايا الستراتيجية للدولة وعلاقاتها ومصالحها مع المجتمع الدولي , وهذا ما يقودنا الى ما هو ابعد من ذلك ,
فمن المسلّم به وبشكلٍ جازم أنّ نسبةً عاليةً ما ” او غير قليلة ” من المواطنين البريطانيين الذين شاركوا في الأستفتاء بالضد من بقاء بريطانيا في الأتحاد الأوربي , فأنهم ليسوا بمستوىً من الوعي او الثقافة ممّا يؤهلهم للتأثير بمصالحٍ ستراتيجية على مستوى الدولة , والأمر ينطبق ايضا على الذين طالبوا بالبقاء في عضوية الأتحاد , بل نذهب لأكثر من ذلك بالقول أنّ الأمر ينسحب على اية استفتاءات او انتخابات في كافة دول العالم .. إنَّ التصويت والإستفتاء والأنتخاب ينبغي أن يتفوّق فيهِ الجانب النوعي على الكمّي دون إلغاء الأخير, وبناءً على ذلك فمن المفترض ايجاد محددات موضوعية كالمستوى العلمي للناخب , ورجال الأعمال وقادة الرأي في مجالاتهم المتعددة . بل ينبغي ايضاً وضع دراسةٍ جديدةٍ للعملية الديمقراطية ” وفق منطلبات العصر العلمي الحديث ” لا مكان فيها للجهلة والعابثين وسواهم في المساهمةِ بتقرير مصير القضايا الستراتيجية لمصالح الدولة .. إنّها وجهةُ نظرٍ فكريّةٍ خاصة , عسى أن ترى النور او تضيء ولو بعد حين ..!