أصبح الانترنيت في عالم اليوم أمرا ضروريا لايمكن الاستغناء عنه لساعة واحدة، بعد دخول العولمة الى هذا الكون الفسيح، حتى غدا العالم قرية صغيرة ينتشر أي حدث فيها في شتى أصقاع الارض خلال دقيقة واحدة.
وأصبح وصول الانسان للانترنيت وإستخدامه من جملة حقوق الانسان نظرا لتحوله الى حاجة ملحة ومجانية مما يساعد في التعليم والعمل والابداع والتغيير وتعزيز حرية الرأي والتعبير، وسمّي هذا الحق بالحق الرقمي (Digital Right ) وسميت الحقوق المتفرعة عنه بالحقوق الرقمية ( Digital Rights).
وعلى الرغم من التأثير الكبير لقضايا الحقوق الرقمية على الشباب في العالم العربي، فإن هذه المواضيع غالباً ما تُناقش بشكل عام في المدارس والجامعات أو في الاعلام. مما يترك الشباب العربي على وجه الخصوص غير مطلع بمعرفة حقوقه الرقمية على شبكة الإنترنت.
فكثيراً ما نسمع أسئلة عديدة من الشباب حول كيفية حماية خصوصيتهم وأمنهم على الشبكة، او عن طرق التأكد من صحة المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، او عن طريقة تجنب التشهير بأحدهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذا الاسئلة لا تجد لها أي صدى.
وإذا كان دول الغرب قد سبقتنا في هذا المجال بحكم إحتكارها لصناعة التكنولوجيا الرقمية ، إلا انه قد ظهرت في عالمنا العربي بعد الثورة التكنولوجية التي رافقت ظهور الانترنيت عدة جمعيات معنية بهذه الحقوق مثل جمعية الحقوق الرقمية في المغرب وغيرها.
يصف المصطلح الحقوق الرقمية حقوق الإنسان التي تسمح للفرد بالوصول إلى الإعلام الرقمي واستخدامه وإنشائه ونشره أو الوصول إلى أجهزة الحاسوب وغيرها من الأجهزة الإلكترونية أو شبكات الاتصال واستخدامها. ويتعلق هذا المصطلح بشكل خاص بحماية وإعمال الحقوق الموجودة، مثل الحق في السرية أو حرية التعبير في سياق التقنيات الرقمية الجديدة، وخصوصًا شبكة الإنترنت. ويتم اعتبار الوصول إلى شبكة الإنترنت حقًا تكفله قوانين الدول المتعددة.
لقد تم تحديد مجموعة من حقوق الإنسان على أنها ذات صلة بالأمر فيما يتعلق بشبكة الإنترنت. وهي تشتمل على ما يلي: حرية التعبير وحماية البيانات والخصوصية وحرية التنظيم. وبالإضافة إلى ذلك، تم تحديد الحق في التعليم والثنائية اللغوية وحقوق المستهلك وبناء القدرات في سياق حق التطوير كذلك. وقد تم وصف حقوق الإنسان بأنها “الرابط المفقود” بين المنهجيات المعتمدة على التقنيات وتلك المعتمدة على القيم فيما يتعلق بشبكة الإنترنت.
– ظهور الانترنيت
بدأت شبكة الإنترنت في عام 1969 عندما قررت وزارة الدفاع الأمريكية إنشاء وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة (ARPA) وكان هدفها حماية شبكة الاتصالات أثناء الحرب ونتيجة ذلك ظهرت شبكة ARPA net وتطورت الإنترنت خلال الثمانينات بصورة سريعة ففي عام 1983 انقسمت شبكة ARPA net إلى شبكتين مختلفتين هما :شبكة ARPA net وخصصت للأستعمال المدني وشبكة mil net والتي خصصت للأستعمال العسكري، الا انهما كانتا متصلتين بحيث يستطيع مستخدمو الشبكتين من تبادل المعلومات فيما بينهم.في أوائل الستينات افترضت وزارة الدفاع الأمريكية وقوع كارثة نووية ووضعت التصورات لما قد ينتج عن تأثير تلك الكارثة على الفعاليات المختلفة للجيش، وخاصة فعاليات مجال الاتصالات الذي هو القاسم المشترك الأساسي الموجه والمحرك لكل الأعمال.
كلفت الوزارة مجموعه من الباحثين لدراسة مهمة إيجاد شبكه اتصالات تستطيع أن تستمر في الوجود حتى في حاله هجوم نووي، وللتأكد بأن الاتصالات الحربية يمكن استمرارها في حاله حدوث أي حرب ,وأتت الفكرة وكانت غاية في الجرأة والبساطة، وهو أن يتم تكوين شبكه اتصالات Network ليس لها مركز تحكم رئيسي، فإذا ما دمرت أحدها أو حتى دمرت مائه من أطرافها فان على هذا النظام أن يستمر في العمل. وفي الأساس فان هذه الشبكة المراد تصميمها كانت للاستعمالات الحربية فقط. في ذلك الوقت لم يكن أي نوع من الشبكات Networks قد بنيت على الإطلاق ولهذا فان الباحثين تركوا لخيالهم … وأسسوا شبكه أطلق عليها اسم شبكه وكالة مشروع الأبحاث المتقدمة Advanced Research Projects Agency Network (ARPANET) وذلك كمشروع خاص لوزارة الدفاع الأمريكية، وكانت هذه الشبكة بدائية وتتكون من أربعه كمبيوترات مرتبطة ببعضها بواسطة توصيلات التلفون في مراكز أبحاث تابعه لجامعات أمريكية.
بدأت تقديم خدمه الانترنيت للناس عمليا في سنه 1985 وكان عدد المشتركين يتزايد بشكل كبير وأصبح الانترنيت الآن وكما هو جلي أكبر شبكه في تاريخ البشرية. الانترنيت يعتبر حقيقة أحد الظواهر… ولربما يعتبر انه أكثر التطورات التي حدثت في وسائل الاتصالات البشرية بعد اختراع التلفون. لا تحاول البحث عن المركز الرئيسي للانترنيت في أي مدينة بل وفي أي مكان في العالم لسبب بسيط هو أن الانترنيت ليس له إدارة أو مركز رئيسي على الإطلاق. ويبدو أن ذلك غير مقنع لكثير من الناس ولكن الحقيقة أنه لا توجد إدارة مركزية للإنترنت وبدلا من ذلك فإنه يدار من تشكيلة من آلاف شبكات الكمبيوتر التابعة للشركات والأفراد كل منهم يقوم بتشغيل جزء منه كما يدفع تكاليف ذلك. وكل شبكة تتعاون مع الأخرى لتوجيه حركة مرور المعلومات حتى تصل لكل منهم وبمجموع هؤلاء تتكون الشبكة العالمية ولهذا لا يملك أحد الانترنيت… هناك ملايين خلف هذه الشبكة يتشاركون في مكوناتها، وهؤلاء سواء كانوا أفرادا أو منظمات أو شركات غير مستقرين في الغالب، ودائما يقومون بالتغيير بل ويتبدلون أنفسهم ولكنهم دائما في نمو وتزايد دائم كل لحظه… وهناك مواقع تضاف دائما ومواقع تتغير عناوينها أو تندثر.
أن أفضل تعريف للانترنت وابسطه هو أنه أكبر شبكه كمبيوتر في العالم، ففي سنه 1997 قُدرت شبكة الانترنت بأنها مكونه مما لا يقل عن ستة عشر مليون مشترك، بينما قبلها بعام واحد فإن العدد لم يزيد عن خمسه ملايين، أما سنه 1998 فلقد تخطت أعداد الكمبيوتر المشتركة عدد الخمسين مليون. وساهمت السرعة الكبيرة في انخفاض أسعار أجهزه الكمبيوتر والعدد الكبير المتزايد من الذين يزودون خدمه الإنترنت في الارتفاع المتواصل والمستمر في أعداد المشتركين. إن كل ما يحتاجه المشترك هو أن يكون جهازه مزودا بقطعه المودم، وهي أداه إلكترونية تجعل الكمبيوتر قادرا على التعامل مع خط التلفون. لقد ساهم في سرعة نمو الإنترنت قدرته على أن يصل شبكات مختلفة التكوين والمصادر مما أعطى المستخدمين الحرية في اختيار الأجهزة وبدون قيود. إن تكاليف المشاركة في استخدام الإنترنت تختلف من بلد لآخر، ولكنها في البلاد المتطورة مخفضه سواء كان ذلك للفرد العادي أو للمؤسسات الكبيرة. بالنسبة لاشتراك الأفراد فالتكلفة رمزية أما بالنسبة للمؤسسات الكبيرة فان الاتصال بالإنترنت بواسطة استئجار الخط لا يزيد عن بضع مئات من الدولارات وإذا كان لدى المؤسسة شبكه محلية وتم وصل هذه الشبكة بالإنترنت فانه فورا سيكون كل مستخدم لهذه الشبكة على اتصال بالإنترنت. يضاف لذلك كله أجرة الخط التلفوني الذي يتم حسابه على تعريفة المكالمات المحلية. الانترنيت من ناحية واقعية عبارة عن شبكه تتكون من آلاف الشبكات الصغيرة المنتشرة في أنحاء العالم ولكن ماذا يفعل الناس في حقيقة الأمر على الانترنيت ؟ الجواب انهم يتبادلون الرسائل من خلال هذه الأجهزة الإلكترونية فيما يسمى بالبريد الإلكتروني e-mail … لقد أصبح الإنترنت وبسرعة جهاز البريد الحقيقي للعالم كله … إن مستخدمي الإنترنت يستطيعون تبادل البريد إلكترونياً وبتكلفه وسرعة أفضل بكثير من البريد التقليدي.
– مفهوم حرية الرأي وحرية التعبير
ترجع بدايات المفهوم الحديث لحرية الرأي والتعبير إلى القرون الوسطى في المملكة المتحدة بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688 ونصبت الملك وليام الثالث من إنكلترا والملكة ماري الثانية من إنكلترا على العرش، وبعد سنة من هذا أصدر البرلمان البريطاني قانون “حرية الكلام في البرلمان “. و بعد عقود من الصراع في فرنسا تم إعلان حقوق الإنسان و المواطن في فرنسا عام1789 عقب الثورة الفرنسية الذي نص على أن حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من حقوق المواطن وكانت هناك محاولات في الولايات المتحدة في نفس الفترة الزمنية لجعل حرية الرأي والتعبير حقا أساسيا لكن الولايات المتحدة لم تفلح في تطبيق ما جاء في دستورها لعامي 1776 و 1778 من حق حرية الرأي والتعبير حيث حذف هذا البند في عام 1798واعتبرت معارضة الحكومة الفدرالية جريمة يعاقب عليها القانون ولم تكن هناك مساواة في حقوق حرية التعبير بين السود والبيض.
ويعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقيا في نظر البعض، حيث قال “إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة” وكان الحد الوحيد الذي وضعه ميل لحدود حرية التعبير عبارة عن ما أطلق عليه “إلحاق الضرر” بشخص آخر، ولا يزال هناك لحد اليوم جدل عن ماهية الضرر ، فقد يختلف ما يعتبره الإنسان ضررا ألحق به من مجتمع إلى آخر.
وقد عرفت موسوعة السياسة حرية التعبير بأنها تعني: ( حرية المواطن في التعبير عن رأيه في الأمور العامة كافة دون التعرض لأي عقاب).
– الحق في الرأي والتعبير في المواثيق الدولية
يعد الحق في التعبير من الحقوق الاساسية لحقوق الانسان الواردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة لعام 1948، حيث نصت المادة 19 منه على مايلي:-لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.ويبدو من صياغة المادة المذكورة إن المشرعين لها انذاك قد ضمنّوها فكرة متقدمة على ذلك الزمن، والمتمثلة في تجاوز ممارسات هذا الحق في التعبير والتلقي والنشر دون التقيد بالحدود الجغرافية.
ثم جاءت المادة 19 ايضاً من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 لتفصل هذا الحق بقولها:-
1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة ٢ من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
وعلى الصعيد الإقليمي، أكد الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان سنة 1950على حرية الرأي والتعبير، وكذلك الميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان سنة 1969 ، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب سنة 1979، والميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي اعتمد في القمة العربية السادسة عشرة سنة 2004.
– حدود حرية الرأي والتعبير
وإذا كان المبدأ الاساسي الذي يحكم حرية ممارسة الحق في الرأي والتعبير هو مبدأ “عدم الاضرار بالغير” فإن مفهموم عدم الحاق الضرر بالاخرين يختلف من مجتمع لاخر. ولعل من شروط ممارسة ذلك التعبير الحر ما يمكن إيجازه في :
أولا : الحرية في اختيار المواقف و القناعات الشخصية يجب أن تنبع من ذلك الحق الطبيعي في إطار الثقافة والمكتسبات الفردية وليس إملاء من الأخرين أو بناء على آراء وأفكار مسبقة.
ثانيا : الإقتناع بأنه ليس حقا مطلقا، أي أنه تسري عليه القاعدة المنطبقة على باقي الحقوق في اعتبار أن “حق الفرد ينتهي حيث يبدأ حق الآخرين””…و بالتالي احترام حقوق الآخرين” .
ثالثا : عدم استغلال هذه الحرية في:
* القذف )الإفتراء، الطعن( أوالتشهير: من خلال نشر حقائق مزعومة ولكنها غير صحيحة للإساءة لسمعة شخص آخر.
* إثارة الهلع : وهو مقيد بالمعرفة المسبقة بتأثير رأيه المحتمل .
* كلمات الشتائم أوالتجريح: ويقصد بها الكلمات التي يؤدي مجرد لفظيا اساءة للطرف الآخر.
* التحريض على الجريمة .
* الإخلال بالآداب العامة أوالإضرار بالآخرين بأية صورة من الأذى المادي أو المعنوي.
* عدم الإخلال بالأمن القومي والنظام العام أو الصحة العامة أو الإضرار باحترام حقوق الآخرين أو الدعوة إلى التمييز العنصري أو الكراهية واثارة الفتنة.
وبالرغم من أن المعايير الدولية تجيز للدول فرض قيود على حرية التعبير من أجل حماية مصالح عامة وحقوق خاصة، إلا أن هذه المعايير تتطلب، ان أي قيد على حرية التعبير يجب أن يراعي ثلاثة متطلبات حتى يكون مقبولا وهي:-
(1) أن يكون محددا بالقانون،
(2) أن يهدف إلى تحقيق مصلحة مشروعة وملحة،
(3) أن يكون ضروريا لتحقيق المصلحة المشروعة والملحة التي تدعي الدولة حمايتها.
وهذه المتطلبات الثلاثة أكدتها كل من لجنة حقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في العديد من القرارات.حرية التّعبير هي حق إنساني رئيسي. انه ليس فقط قيمة إنسانية أساسية بحد ذاته، ولكنه أيضا يوفر دعامة رئيسية أيضا للدّيمقراطية حيث لا يمكن قيام ديمقراطية إذا لم الناس أحرارا في أن يقولوا ما يريدون واذا ما آانوا غير قادرين على تلقي معلومات كافية للادلاء بأصوات مطلّعة – وهو أيضا مفصلي في فرض حقوق أخرى. لقد تم الاعتراف بهذا الحق في المحكم والمحافل الدّولية العالمية. ومن المهم أن نستذكر أن الجمعية العامة للامم المتحدة في اول دورة انعقاد لها في عام 1946 اعتمدت القرار رقم 59 والذي يشير الى الحق في “حرية التعبير” بمعناه الواسع آواحد من حقوق الانسان الاساسية و….. هو المعيار الذي تقاس به جميع الحريات التي تكرس الامم المتحد جهودها لحمايتها .ومع ذلك، فما زالت الدول تفرض قيودا كثيرة على الحق في حرية الرأي والتعبير بشتى صورها واشكالها منها : وقف أو تعطيل خدمة الانترنيت، وقف بعض القنوات الفضائية من العمل، وهذا ماحدث لقناة الجزيرة والمنار والبغدادية وغيرها. منع المراسلين الصحفيين من الوصول الى المعلومة والتضييق على حريتهم أو اعتقالهم أو تعرضهم للقتل في أحيان أخرى.ووفقا لمجموعة الوصول الى الحقوق الرقمية فان خمسة عشر موقعا على الاقل اغلقت في 2015 حول العالم، فيما زادت النسبة الى عشرين موقعا على الاقل حتى الآن في 2016. ولقد غدت وسائل التواصل الاجتماعي سلاحا فعالا في يد الجماهير التي استخدمته بشكل فعال في التغير المنشود في مجتمعات كثيرة . وأصبح تويتر ، لاسيما بعد حركة الاحتجاجات الشعبية في إيران عام 2009 ، وعقب وأثناء الثورات العربية التي أحسنت استخدامه لنشر الأخبار والنصائح و التعليقات السياسية ، أحد أهم شبكات التواصل الاجتماعي ، إن لم يكن أهمها بالفعل.ولقد غدت التغريدات ” التويتات” سببا في الملاحقات القانونية لكثير من المغردين في العديد من الدول العربية .فإن كانت الإحصائيات تشير وحتى شهر نوفمبر 2013 ، إلى أن السعودية قد تكون الدولة الأولى في العالم استخداما لموقع تويتر في العالم طبقا لنسبة مستخدميه إلى مستخدمي الإنترنت بنسبة تبلغ نحو 40% من مستخدمي الانترنت ، بل وأيضا قد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم مغرد بسبب “ريتويت وفيفوريت” لبعض التغريدات ، فإن الكويت أصبحت الدولة الأولى في العالم في ملاحقة المغردين على تويتر بمزاعم إهانة الذات الأميرية ، والبحرين التي عاقبت مغرد بالسجن بنفس عقوبة ضباط متهمين بالتعذيب !فقط في الاسبوع الاخير فقد قامت تركيا باغلاق وخنق عدد من مواقع التواصل الاجتماعي بعد هجمات مطار اسطنبول الارهابية، وقد تم اغلاق الانترنت في الهواتف الخلوية في مملكة البحرين والهند عقب مظاهرات منددة، كما اغلقت الجزائر عددا من مواقع التواصل الاجتماعي لوقف عمليات الغش في امتحانات طلبة المدارس. كما اغلق العراق خدمة الانترنيت اثناء الامتحانات الثانوية العامة يوم25/5/2016، حيث أوقفت وزارة الاتصالات العراقية خدمة الإنترنت في العراق، الخميس، بحجة منع ظاهرة الغش خلال فترة امتحانات مراحل الابتدائية والثانوية والمعاهد والجامعات العراقية كافة. وبحسب شركات تزويد الخدمة في البلاد، فقد أصدرت الوزارة أمس الخميس تعليمات بقطع الخدمة قبل بدء الامتحانات بساعة، وخلال فترة الامتحانات التي تستمر ثلاث ساعات. واذا كان لتلك الحالة مايبررها، فأن حجب خدمة الانترنيت يوم التظاهرة في 15/7/2016، ليس له مايبرره.ولكن الحكومات لاتدرك أهمية الوصول للانترنيت وتتعامل مع الموضوع بإزدواجية رغم إنه قد يكون منقذا لها في الاوقات الحرجة. وأقرب مثل على ذلك هو منع الدخول لخدمات فايسبوك وتويتر ويوتيوب في تركيا عام 2015، في حين ان 12 ثانية من خدمة الانترنيت على فيس تايم أنقذت حكومة تركيا من الانقلاب العسكري في 16 تموز 2016.
– ضمانات حرية الراي والتعبير في الامم المتحدةفي عام 1993، أنشأت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ولاية المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير. وقرر مجلس حقوق الإنسان، بعد أن حل محل لجنة حقوق الإنسان، تمديد الولاية لمدة ثلاث سنوات أخرى في القرار 7/36 الذي أصدره في آذار/مارس 2008. وتم تمديد الولاية مرة أخرى في آذار/مارس 2011 لمدة ثلاث سنوات أخرى (القرار 16/4.وفي 27 آذار/مارس 2014، مَدَد مجلس حقوق الإنسان ولاية المقرر الخاص لمدة ثلاث سنوات أخرى القرار 25/2. وعُين ديفيد كاي في منصب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير في آب/أغسطس .2014الولايةالمقرر الخاص مكلف بموجب القرار 7/36 بولاية القيام بما يلي: (أ) جمع كل ما يتوافر من معلومات مناسبة تتصل بانتهاكات الحق في حرية الرأي والتعبير، أو بحالات التمييز أو التهديد بالعنف أو استعماله أو المضايقة أو الاضطهاد أو الترهيب، التي تُمارس ضد الأشخاص الذين يسعَون إلى ممارسة أو تعزيز ممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك، كأولوية قصوى، تلك التي تُمارس ضد الصحفيين أو غيرهم من المهنيين في ميدان الإعلام؛ (ب) إلتماس وتلقِّي المعلومات الجديرة بالتصديق والثقة من الحكومات والمنظمات غير الحكومية ومن أي أطرافٍ أخرى على علمٍ بهذه الحالات، والرد على هذه المعلومات؛(ج) إعداد توصياتٍ وتقديم مقترحاتٍ عن السبل والوسائل الكفيلة بتحسين تعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير بكل مظاهره؛(د) الإسهام فيما تضطلع به مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان من تقديم للمساعدة التقنية والخدمات الاستشارية لتحسين تعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير. أساليب العمليقوم المقرر لخاص في أدائه لمهام ولايته بما يلي:(أ) إحالة النداءات العاجلة ورسائل الادعاء المتعلقة بانتهاكات مدعاة للحق في حرية الرأي والتعبير إلى الدول الأعضاء. ويلخص المقرر الخاص هذه البلاغات والردود المتلقاة من الحكومات في تقرير سنوي يُقدَم إلى مجلس حقوق الإنسان (انظر الشكاوى الفردية. (ب) إجراء زيارات قطرية لتقصي الحقائق.
(ج) تقديم تقارير سنوية تغطي الأنشطة المتعلقة بالولاية إلى مجلس حقوق الإنسان وإلى الجمعية العامة ابتداء من عام 2010 فيما يتعلق بالجمعية العامة.وقد قدم المقرر الخاص 24 تقريرا لمجلس حقوق الانسان ابتداءً من عام 1994 وحتى الان.
تشتمل التوصيات الـ 88، التي قدمها المقرر الخاص والمتعلقة بتعزيز وحماية الحق في حرية التعبير والرأي والتي سردها في تقرير صدر في مايو عام 2011 وقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على العديد من التوصيات التي تؤثر على موضوع الوصول إلى شبكة الإنترنت:
67. بخلاف أي وسيطة أخرى، تتيح شبكة الإنترنت للشخص القدرة على البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها والتعرف عليها من كل الأنواع بشكل فوري وبدون تكلفة وبما يتجاوز الحدود الوطنية. ومن خلال توسيع قدرات الأفراد بشدة للاستمتاع بحقوقهم في حرية الرأي والتعبير، والتي تعد “أحد عوامل التمكين” للبشر الآخرين، فإن شبكة الإنترنت تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما أنها تساهم كذلك في تطوير البشرية ككل. وفي هذا الخصوص، يشجع المقرر الخاص المفوضين الآخرين بتنفيذ إجراءات خاصة بالمشاركة في موضوع شبكة الإنترنت فيما يتعلق بالتفويضات الخاصة بهم.
78. في حين أن الدول اتخذت إجراءات للمنع وللترشيح تمنع وصول المستخدمين إلى محتويات بعينها على شبكة الإنترنت، إلا أن بعض الدول قد اتخذت كذلك إجراءات لقطع الوصول إلى شبكة الإنترنت بمجملها. ويرى المفوض الخاص أن قطع شبكة الإنترنت عن مستخدميها، بغض النظر عن التبريرات التي يتم توفيرها، بما في ذلك أسس انتهاك قوانين حقوق الملكية الفكرية، أمر غير مناسب، وبالتالي فإنه يعد بمثابة انتهاك للبند التاسع عشر، الفقرة الثالثة من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية.
79. يدعو المقرر الخاص كل الدول إلى ضمان توفير الوصول إلى شبكة الإنترنت بصفة دائمة، بما في ذلك فترات الاضطرابات السياسية.
85. عندما نأخذ في الاعتبار أن شبكة الإنترنت قد أصبحت أداة لا غنى عنها لتوفير مجموعة من حقوق الإنسان ومكافحة عدم المساواة وتسريع التنمية والتطور البشري، يجب أن نضمن أن يكون الوصول العالمي إلى شبكة الإنترنت أولوية لكل الدول. وبالتالي، يجب أن تقوم كل دولة بتطوير سياسة راسخة وفعالة، بالتشاور مع الأفراد من كل قطاعات المجتمع، بما في ذلك القطاع الخاص ووزراء الحكومة ذوي الصلة، من أجل إتاحة شبكة الإنترنت وتسهيل الوصول لها على نطاق واسع، بالإضافة إلى جعلها متاحة لكل قطاعات المجتمع.
– قرار تاريخي
وفي 1 تموز 2016 أصدر مجلس حقوق الانسان في دورته الثانية والثلاثون القرار A/HRC/32 بعنوان ( تعزيز وحماية حقوق الانسان على الانترنت والتمتع بها). دعمت هذا القرار 53 دولة، لم يكن العراق من بينها.
وقد أكد القرار المذكور في الفقرة 1 منه على مايلي : ” يؤكد ان الحقوق ذاتها التي يتمتع بها الاشخاص خارج الانترنت يجب ان تحظى بالحماية ايضا على الانترنت، لاسيما الحق في حرية التعبير، التي تنطبق دونما اعتبار للحدود وعلى اي واسطة من وسائل الاعلام يختارها الفرد، وفقا للمادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية “.
وفي المادة 10 من القرار ادان جميع محاولات وقف الانترنت أو تعطيله، حيث نصت على مايلي: “يدين بشكل قاطع التدابير المتخذة قصد منع أو تعطيل الوصول الى المعلومات أونشرها على الانترنت، في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الانسان،ويدعو الدول الى الامتناع عن هذه التدابير ووقفها.
قرار الامم المتحدة يستهدف تلك الدول والحكومات التي تغلق الانترنت وبدأت باستخدام هذه الوسيلة لإغلاق الانترنت، او مراقبة المواطنين كما لو انها قضية بسيطة.
وقد رحبت “منظمة المادة 19” باعتماد مجلس حقوق الانسان هذا القرا الذي وصفته بالتاريخي، وقال المدير التنفيذي للمنظمة توماس هيوز ان القرار يأتي استجابة مع ازدياد الحاجة اليه، وبسبب ازدياد الضغوطات على حرية التعبير على الانترنت في جميع انحاء العالم، واضاف ان على الحكومات ان تتحرك لتأكيد التزاماتها الدولية لناحية حماية حرية التعبير وحقوق الانسان على الانترنت.
وقد يشكل هذا القرار خطوة كبيرة نحو حرية عالمية للانترنت من حيث المعلومات والوصول اليها.
لذا فإن العراق ملزم بموجب هذا القرار الى عدم وقف خدمة الانترنيت أو تعطيلها والتي تعد انتهاكا لحقوق الانسان في الوصول الى المعلومة ونشرها تطبيقا لحرية الرأي والتعبير. وإن ما قام به العراق في 15 تموز 2016 يعد انتهاكا لقرار مجلس حقوق الانسان المشار اليه أعلاه باعتباره دولة غير عضو في هذا المجلس. ومن حق أصحاب المصلحة المتضررين من العراقيين يومذاك اللجوء الى المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير.
– مشروع قانون جرائم المعلوماتية في أيلول عام 2011 ، ورداً على حركة الاحتجاجات والتظاهرات التي انطلقت في العراق في حزيران من ذلك العام، وتلافيا لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في إحداث الثورة على غرار بعض الدول العربية الاخرى، فقد أعد مجلس النواب العراقي في عام 2012 مشروع قانون يقيد الوصول الى المعلومة واستخدامها وتدفقها، سمي مشروع جرائم المعلوماتية. وكان مجلس النواب قد انهى في جلسته الـ29 التي عقدت في (16 نيسان 2015) القراءة الأولى لمشروع قانون جرائم المعلوماتية، ثم ادرجه على جدول اعماله يوم 16/7/2016 وهو من القوانين التي تثار حولها خلافات. ويلاحظ على هذا المشروع مايلي:-
(1) ان مشروع القانون هو من القوانين الجزائية.
(2) يتكون من 31 مادة صيغت بشكل غير قانوني، ومخالف لابسط قواعد الصياغة القانونية، وغلب عليها الطابع الفني المتشدد للموضوع. وعلى سبيل المثال لم يتضمن القانون تعريفا للجريمة الالكترونية التي تعرف بانها” هي كل سلوك غير قانوني يتم باستخدام الاجهزة الالكترونية ، ينتج عنها حصول المجرم على فوائد مادية او معنوية مع تحميل الضحية خسارة مقابلة وغالبا ما يكون هدف هذه الجرائم هو القرصنة من اجل سرقة او اتلاف المعلومات “.
(3) ان روح المشروع تتعارض مع دستور العراق لعام 2005 النافذ. وقال القاضي سالم روضان إن القانون يعد مخالفا للدستور العراقي، والنقاط الواردة فيه تبدو كأنها كتبت من قبل جهات أمنية وعسكرية، ولم يستشر فيه أصحاب الاختصاص بالأمر، ويسعى لأجل فرض سيطرة ديكتاتورية جديدة شبكة الإنترنت والأجهزة التي تستعمل فيها حتى تلك التي يستخدمها المواطن البسيط في بيته.
لذا ذهبت د. فائزة باباخان الى :” ولكون مشروع قانون الجريمة المعلوماتية هذا قد افتقر للكثير من اسس التشريع السليم وهي :
1. مراعاة المعايير الدولية المصادق عليها من قبل العراق .
2. مراعاة الدستور العراقي وعدم تعارضه مع بنوده .
3. مراعاة مباديء حقوق الا نسان ، حرية الرأي وحرية الصحافة وحق الحصول على المعلومة .4. مراعاة تخصص القانون.
5. مراعاة الصياغة اللغوية والخبرة القانونية بمعية الخبرة الخاصة بأمن المعلوماتية
6. مراعاة مقتضيات تسبق تشريع القانون .
7. مراعاة تسمية القانون .
8. مراعاة الطبيعة الخاصة بالجريمة المعلوماتية .
(4) على الرغم من أن المادة 1 من المشروع قد تضمنت تعاريف ل (16) تعبيراً في المشروع ، الا انها خلت من تعريف بعض المصطلحات والتعاربير الواردة فيه مثل ( الشبكات الحرجة للدولة).
(5) إن الغرض منه هو معاقبة تدفق المعلومات أكثر من معاقبة جرائم الانترنيت. ينبغي ان يتضمن مسودة القانون أمثلة أيجابية لدور التكنولوجيا في تعزيز التمتع بحقوق الانسان الاساسية.
(6) بعض العناوين الرئيسية للفصول جاءت غريبة ومبهمة ، مثل عنوان الفصل الثاني من المشروع ” الجرائم ( من الاتفاقية العربية وقانون جرائم الامريكية واتفاقية بودابست والاتحاد الدولي للاتصالات) ، ولاندري هل هذا عنوان فصل أم تعداد لمصادر الجرائم التي تضمنها هذا الفصل؟
(7) جهة التحقيق، حيث انيطت مهمة التحقيق بهذا النوع من الحرائم بجهاز الامن الوطني.
(8) الاختصاص المكاني مشّوه في المشروع حيث حصر بمحاكمالرصافة بما قيّد الاختصاص المكاني لباقي المحاكم العراقية طيلة ثلاث سنوات. إن المحكمة المختصة للنظر في تلك الجرائم هي محكمة جنح أو جنايات مما يدل على ان مثل هذه الجرائم لاتحدث في اي مكان أخر من العراق غير جانب الرصافة من بغداد العاصمة ، ولايفترض حدوثا حتى في جانب الكرخ منها.(9) لم ترد اية احكام عقابية في المسودّة المعدلة الغير مكتملة، وترك الموضوع للقانونيين لاحقاً بعد ان تضمنت مسودة القانون قبل تعديلها عقوبة تصل الى السجن المؤبد غرامة مالية لاتقل عن 25 مليون دينار ولاتزيد عن خمسين مليون دينار. وكما ذهب القاضي العراقي كاظم عبد جاسم من “ان هناك اتجاها تشريعيا لتشريع قانون الجرائم المعلوماتية ولابد من اعادة النظر في العقوبات المنصوص عليها في مسودة قانون الجرائم المعلوماتية الموجودة في مجلس النواب لانها مبالغ في بعضها”.
ومما يذكر أن منظمة مراقبة حقوق الإنسان هيومان رايتس ووتش سبق أن حذرت في تقريرها السنوي الذي صدر في 22 يناير (كانون الثاني) 2012، من احتمال تحول العراق إلى دولة استبدادية من جديد على الرغم من التحولات الديمقراطية التي تشهدها المنطقة منذ مطلع عام 2011، وفيما انتقدت واشنطن لتركها نظاما يقمع الحريات بعد انسحاب قواتها، أكدت أن العراق لا يزال بعيدا عن طموحاتهم في ما يتعلق بحرية الصحافة والحق في الحصول على المعلومة.
وقد أوردت منظمة المادة 19 المعنية بحرية التعبير ملاحظاتها على المشروع في موجز تنفيذي بقولها:-
في اكتوبر 2011, قات المادة 19 بتحليل مسودة قانون الجرائم المعلوماتية ِالعراقي (مسودة القانون) الذي يقيم امتثال مشروع القانون مع التزامات العراق لقانون الدولي للحقوق الانسان.المادة 19 وجدت ان مسودة القانون معيبة على نحو جوهري من منظور حرية التعبير: و اذا ما تم تبناه, فانه سوف يقوض من الحق في حرية التعبير و حرية الحصول على المعلومات في البلد.المادة 19 توصي مجلس نواب العراقي برفض مسودة القانون في مجملها.
مسودة القانون بحد ذاتها مشكلة منذ بدايتها: ان الغرض من مسودة القانون هو بيان عدة عواقب سلبية في ” الثورة المعلوماتية” دون أشارة الى الدور الايجابي أداء التكنولوجي في مجتمعنا اليوم، وليس اقلها في تعزيز التمتع بالحقوق الانسان الاساسية.مسودة القانون لا يتوفر فيه ضمانة حرية التعبير و حرية المعلومات.
المادة 19 تعتقد بأن مسودة القانون بشكل أساسي يشوه أسس القانونية بغرض فرض قيود على حق حرية التعبير و حق حرية وصول الى معلومات. كل حكم ينتهج عدة اهداف غير مرتبطة و غير معرفة بشكل جيد، بعضها ليس لها خلفية القانونية لقيد حق حرية التعبير و البعض الاخر منها واسعة للغاية.
على سبيل المثال المادة (3) من مسودة القانون يحرم أستخدام الحاسوب ( كومبيوتر) الذي يساوم على استقلالية الدولة ووحدتها، ونزاهتها،وسلامتها، اواي من مصالحها الاقتصادية،السياسية،الاجتماعية،الامنية والعسكرية العليا. بالاساس هذا يمنح نفاذ القانون قوة واسعة لا يمكن فهمها لسيطرة وفرض الرقابة على اي تعبير الكتروني تراه ضرورياً..مادة(3) من بين عدد من ألاحكام التي تحمل حد الاقصى من عقوبة سجن مدى الحياة(سجن مؤبد).
فقرة(4) من مادة(6) من مسودة القانون تظهر بأنها تحرم النشر و أذاعة أخطاء أو حقائق مضللة بقصد أضعاف الثقة بتجارة ألاكترونية و النظام المالي. هذا عملياً يتضمن اي تعبير يهدف الى تشجيع نقاش ناقد لهذه النظم و هي محاولة صارخة للحد من حق المواطن العراقي للانخرط في النقاش السياسي (الحديث السياسي).
أكثر من هذا، الحكومة العراقية ترمي على أن تمنح نفسها السلطة القانونية لفرض أخلاقها على سكان العراق. أذاعة هذه القيود، مادة (21) قفرة(ب) ، يفرض حراسة شديدة و عقوبات المالية ” على كل من يخالف المبادئ و القيم الدينية، الاخلاقية، الاسرة من خلال شبكات المعلومات و أجهزة الكومبيوتر” مرة اخرى هذا —– القيد المبني على اساس واسع من تقيد الذي يستهدف طائفة من الابرياء و غير الضارين من المعبرين و التي للدولة لا مصلحة في تنظيمها.مسودة القانون يؤدي الي تأكل مزيد من حقوق كحرية التعبير و حرية المعلومات و ذلك بتجريم التشهير الالكتروني ( مادة 22/ فقرة3) و كذلك الفشل في حماية حقوق الصحفيين لحماية مصادرهم (مادة 13/ فقرة 1) .لهذه الاسباب، مادة (19) تطلب من مجلس النواب العراقي رفض مسودة القانون بأجماع. في ضوء النقد الوارد و تحاليل السابقة لتشريعات المتعلقة بحرية التعبير، مادة (19) تطلب من الحكومة العراقية الانخراط الشامل في أصلاحات قانونية لحماية حقوق الانسان وتبني التشريعات التي تعزز وتحمي الحقوق بدلا من قمعها.
مازال الصراع قائما بين الحد من حرية النعبير وبين تقييد الحق في الانترنيت، لاسيما بعد ان اعتبرت الامم المتحدة هذا الحق من حقوق الانسان. وبالتالي فإن انتهاك هذا الحق هو انتهاك لحق حقوق الانسان. وإن حظر الانترنيت اشبه بحظر أي سكين لاحتمال استخدامها في القتل.
المصادر1. الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة عام 1948.
2. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966.
3. مسودة مشروع قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2012.
4. موسوعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ج ٢، بيروت١٩٨١.
5. قرار مجلس حقوق الانسان A/HRC/32/L.20.
6. الموقع الالكتروني للمفوض السامي لحقوق الانسان.
7. الموقع الالكتروني للمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير.
8. حقوق رقمية، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
9. الجريمة الالكترونية، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
10. تويتر والقانون، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان في 7 يناير 2014.
11. القاضي كاضم عبد جاسم، مكافحة الجرائم المعلوماتية في التشريع العراقي، موقع السلطة القضائية الاتحادية العراقي في 15/10/2012.
12. الباحثة د. فائزة باباخان، قال أنه … قانون جرائم المعلوماتية العراقي ، موقع العدل نيوز في 22/12/2012.
13. مشروع قانون جرائم المعلوماتية.. ومخاوف من خنق الحريات في العراق، شبكة الشرق الاوسط.
14. مستخدمو الانترنيت العرب لايشعرون بأمان، محمد طه، موقع بي بي سي عربي في 29 حزيران 2013.
15. اعرف حقوقك على الانترنت، حملة من أجل الحقوق الرقمية في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، موقع Global voices ، في 14 ابريل/نيسان 2014.
16. مجلس حقوق الانسان يقرر ان الوصزل الى الانترنيت حق من حقوق الانسان، موقع euronews في 6/7/2016.