السياسي القواد
ازعم انني ممن يمتلك القدرة على صياغة مفاهيم عالمية ومحلية جديدة،نابعة من الاحساس العميق بحجم المعاناة والمأساة والكوارث الوطنية والانسانية،وهي بالطبع قد تكون موهبة او ممارسة او محض صدفة،لكنها تعني شيئا مهما لابد ان تعرفه وتقف عنده طويلا المجتمعات والشعوب والمهتمين بالقضايا والاحداث السياسية التاريخية والمصيرية،اذ اننا لانجد اي حرج من ذكر ووصف الحقائق والاحداث بما يليق بها وفقا لنتائجها وتأثيراتها الخطرة في المجتمعات والشعوب.
عبارة القواد تشتهر في المجتمعات وكذلك في تعريفات المعاجم العربية بأنها كلمة سيئة للاشخاص الذين يتاجرون بشرفهم اي اعراضهم او بشرف الاخرين،عبر ادارة شبكات او مجمعات او بيوت للدعارة(ادارة سمسرة للمنحرفين بين الرجل والمرأة )،ولهذا يتجنب العرب في جمع كلمة قائد ان يلفظ عبارة قواد لعدم ظهور الضمة دائما فوق حرف القاف، فتجمع قادة او القيادة،الا انني هنا ابتكر تسمية حديثة لمهنة وضيعة للسياسي المنحرف، الذي يتاجر بشرفه،وبأرضه ،وتاريخ وحضارة شعبه وامته ووطنه، وحتى بالملة او الطائفة التي ينتمي اليها،لكن لماذا لم نقل (عنهم خونة) عنه خائن، لانه ليس جاسوس او متخاذل او جبان منهزم اثناء المعركة فحسب،انما هو ايضا سياسي منبطح يذهب متطوعا او منكسرا الى اعداء الامة لتقديم التنازلات ، حتى وان تسبب هذا الفعل والتصرف الدنيء بتسليم شرفه لهم(كما فعل الخليفة العباسي المستعصم الذي سلم بغداد للمغول ١٢٥٨ )،بل ان العديد من اللاجئين في اوربا وبقية الدول الغربية سمعوا العنصريين كيف يصفون حملة بوش الابن على افغانستان والعراق “بأنه سيدنس شرف المسلمين في هذه الحرب”(في تاريخ الاستعمار القديم والحديث كانت دائما تحصل قصص اغتصاب وتدنيس لشرف الدول المحتلة،وتظهر بعض الاعمال المشينة للقوادين من ابناء البلد المتعاونين مع المستعمر)…
نعتقد ان السياسي الفاسد الذي يبيع شرفة لاسباب شخصية او مادية هو لايختلف لقبه عن من يوصف في عرف بائعي الهوى بالقواد…
اول قواد في هذا العالم ممن ينتسب للعرب هو المقبور صدام ،الذي دفع لمحاربة ايران عام١٩٨٠،وتسبب بمجيء الاساطيل والبوارج الحربية الامريكية والبريطانية الى منطقة الخليج،وانتهت في عهده الحرب الباردة١٩٩٠،ثم توالت مهنة القوادة لبعض السياسيين والحكام في المنطقة العربية،الذين تاجروا في الدين والارض والعرض،بأيجادهم الارهاب الوهابي الداعشي بغية تدمير العراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا ،واستباحة الاعراض حتى في دولهم نفسها،فالابله والمعتوه الذي يقرب النار الى بيته لايكترث للنتاىج(للعلم ان العديد من الفتيات العربيات هاجرن من بلدانهن الى مناطق داعش للدعارة الجهادية).
هناك قواد سياسي دولي،واقليمي، وعربي ومحلي،
فالقواد السياسي الدولي:هو الذي يتطوع بالذهاب ذليلا الى القوى العظمى عارضا خدماته في سبيل حماية نفسه وامواله او كرسي حكمه ،غير مكترث لاحتمالية سقوط عائلته وعشيرته في شباك دعارته تلك…
واما القواد الاقليمي: فمعروف من هم هؤلاء المنحطين، ومن بين الامثلة الجلية الوضوح عليهم زمرة القوادين من داعمي وممولي داعش ،المبادرين بتقديم فروض الطاعة لاسيادهم، فهم لايعيرون اي اهتمام للنتائج والانتكاسات وكثرة الضحايا ،بما فيهم الذين يسقطون في ارضهم جراء سمسرتهم القبيحة تلك، بل يساهمون في دفع ابناءهم ورعيتهم الى دعارة الارهاب الوسخ، بتشجيع حالات الفسق والفجور في جهاد النكاح الجماعي،وذهابهم في التحالف مع من يغتصب ارضهم منذ عقود لمحاربة شرفاء الامة العربية والاسلامية..
بالنسبة للقواد العربي والمحلي: فخير مانراه مثلا لذلك ماحصل بعد٢٠٠٣ في العراق(وكذلك تكررت الحالة في سوريا واليمن) من قبل بعض السياسيين الانتهازيين العرب السنة والشيعة وكذلك الاكراد ،هؤلاء المنافقين تجدهم دائما لديهم القدرة على التكييف مع اي نظام سياسي حاكم،ليس لديهم حدود اوخطوط حمر في مسألة بيع الشرف في سبيل المصالح والمنفعة الشخصية،
فالقواد السياسي الشيعي هو الذي بات يعرف في الشارع بالانبطاحي الوسخ،هؤلاء زمرة لاغيرة ولاشرف ولاضمير ولادين عندهم، يرفعون ايديهم بتأييد اية اتفاقات مشبوهة او قرارات تبرئ الارهابيين وجلاوزة نظام صدام والفاسدين من تهمة قتل الابرياء وسرقة ثروات الشعب،ويتعمد بعضهم تجاهل حقوق ابناء طائفته واقرانه من معارضي نظام البعث البائد(من المهاجرين في ايران وسوريا وبقية الدول)وضحايا الجرائم الارهابية،خوفا على مصالحه الذاتية التي حصل عليها بالتوافق وبيع الذمم مع السياسيين الفاسدين الاخرين..
اما القواد السياسي العربي السني: فهؤلاء هم الكارثة واصحاب الانبطاح الاكبر،هم من باع شرفه وارضه وكل شيء من اجل اسياده او بعض رؤساء القوادة العربية،وقصة دعمهم للارهاب الداعشي، والتسبب بمقتل واعاقة اكثر من مليون عراقي وسوري لاتخفى على احد،هرب اغلبهم من امام داعش،بعد ان كانوا يدعمونهم ويدعونهم بالمجيء الى مناطقهم ومدنهم وقراهم لكي يحكومنها بدلا من الصفويين الروافض كما يعتقدون،وقد بايع الارهابيين حفنة من انجاس تلك المدن، ومنهم من اهدى عرضه وشرفه ارضه لامراء الارهاب…
وبالنسبة الى صفة القواد السياسي الكردي فهو الذي يريد تقسيم العراق بأية طريقة او وسيلة ،حتى وان تطلب ذلك ان يتفق المنحرفين منهم مع الشيطان في سبيل تحقيق حلم التخريب المنظم للدولة،دون النظر الى تبعات هذا المنحدر الاخلاقي الخطير….
بعض من هذه الزمر العفنة يعمل في الواجهة، ومنهم من يعمل في الظل …
ان عملية ردع وصد الهجمات والازمات الوطنية العنيفة،التي تكون نتائجها كارثية ،بحيث يسقط جراءها الالاف من الضحايا،وتهدد مصائر الاوطان والمجتمعات ووحدتها،لايمكن التغافل عنها مطلقا،او اعتبارها مجرد احداث وازمات عابرة،بل هي جرائم مخلة بالشرف، تهدد اعراض الشعوب والامم، وتمس شرفهم المعنوي وتعرضه للانتهاك او الاغتصاب والتدنيس المباشر احيانا،لهذا نقول ان السياسي المسؤول او الحاكم الفعلي المتاجر بشرف وطنه وامته وشعبه او حتى ملته وطائفته وقوميته هو قواد سياسي،لايستحق ان يتجاهل افعاله المجتمع والتاريخ،اذ لابد ان يتبرء منه الجميع بما فيهم اهله وعشيرته،
اذ لم يكن معروفا في تاريخنا العربي القديم والمعاصر(مابعد فترة الاستعمار) ان يركع وينبطح الحكام والسياسيين للاعداء بهذه الطرق المشينة عبر الاساليب الداعشية الرخيصة،من خلال بيع بعضهم وطنه وشعبه وارضه وارثه التاريخي بثمن بخس،
صحيح ان سماسرة السياسة الانبطاحية الفاسدين لم يستطيعوا ان يمرروا مؤامرات اسيادهم في بعض بلداننا العربية الصابرة،وذلك يرجع الى الصمود الاسطوري الذي سجلته المواقف الشجاعة للشعوب والسياسيين الشرفاء والمقاومة الشعبية في تلك البلدان،الا ان اذى المنافقين وقوادي السياسة لايمكن التكهن بمداه وخطورته في المستقبل القريب..
نصيحتنا لمن غرر به وازله الشيطان وجنوده بالسير في طريق البيع المخزي للشرف الوطني،ان يتراجع عن اكمال مشوار السقوط في وحل الدعارة السياسية،وان يفهم جيدا ان الشرف لايختص بما يدنس من جسد المرأة فقط،انما كل فعل ناقص يعرض تراب وارث الوطن القومي والتاريخي وامن المجتمع وشرفهم الى الخطر امام الاعداء، هذة مقومات وعناصر الشرف الوطني لايمكن اخضاعها للمتاجرة الرخيصة. ابدا.