من منا لا يتذكر الفليم العربي المشهور ( الإرهاب والكباب ) الذي مثله الفنان الكبير عادل أمام ، بدور موظف بسيط يروم نقل دراسة ابناءه الى مدرسة قريبة من منطقة سكناه ، والتي تتطلب استحصال موافقة مديرية تربية المنطقة والواقعة في المجمع الحكومي وسط العاصمة المصرية القاهرة ، وبعد عدة مراجعات عانى منها ما عانى سواء في مكان عمله ومديره الذي يرفض بشدة منحه الاجازة الزمنية لإكمال معاملة نقله أو في مصعد بناية المبنى الحكومي الذي يعمل في البناية لذوي الشأن فقط ، أو من الموظف المسئول عن قرار نقل أولاده من عدمه والذي لم يستطع مقابلته رغم مراجعاته المستمرة والبحث عنه حتى في البنايات القريبة ولم يستثن من مهمة البحث عنه حتى في حمامات الجامعة العربية القريبة من المجمع الحكومي ( حيث يفضل الموظف قضاء حاجته فيها ) في تعبير مجازي يؤكد أن الجامعة العربية ما هي إلا مكان ليقضي وزراء الخارجية واعضاء هيئتها حاجتهم فيها ! والعبرة في معنى الشاعر طبعا ..
لا اريد ان اسرد وقائع الفيلم بالكامل ولكن فقط أردت أن اربط هذا الحدث بما أوصل هذا الموظف البسيط ( عادل إمام ) الى أن يكون أرهابيا أمام الحكومة والشعب في غفلة من أحد افراد قوات الأمن الداخلي للمجمع الحكومية الذي ترك بندقيقته التي دخل فيها في مقاومة مع ( إمام ) لتطلق رشاشته عدة إطلاقات في الهواء وتثير الرعب في البناية بوجود إرهابيين في البناية ، ليجد الموظف البسيط نفسه وجها لوجه أمام مجموعة من المراجعين والموظفين العاملين في البناية وفي يده سلاح الشرطي ، وهو في لحظة ذهول امام توسلاتهم التي تطالبه بعدم قتلهم كونهم أصحاب عوائل أو ربات بيوت ! وبالتالي أصبح الموظف البسيط أمام لحظة ذهول ، اما ان يتقمص دور الارهابي وبالتالي سيتعرض للمسائلة القانونية والتي عادة ماتكون تطبيق أشد المواد القانونية بحقه ، أو أن يسلم السلاح ويعرب عن ندمه لمقاومة الشرطة اثناء تأدية واجبه ، وفي هذه الحالة ستطبق بحقه أيضا اشد العقوبات ، ما دعاه لأختيار الفرضية الأولى التي فتحت له ابواب الوزير الذي حضر هو بنفسه لتلبية مطالب الارهابيين ( اصبح عددهم كبير بحسب المصادر الرسمية ) فكان أول طلبات الموظف المغلوب على أمره هو توفير ( الكباب
والكفتة ) لجميع المختطفين وسط دهشة العالم الذي يترقب مطالب تبعد كل البعد عن الأكلات التي يصعب على الموظف البسيط طلبها حتى في بيته لأنها تحتوي على ( اللحمة ) .
ولعلكم تستغربون لما طرحته وتودون معرفة ماهية العلاقة الجدلية مابين إرهاب ( عادل أمام ) وكبابه في فيلمه وبين عملية أختطاف الطائرة المصرية من قبل ( سيف الدين مصطفى ) ، مدرس مادة التاريخ ، والذي بات في ليلة وضحاها مختل عقليا ، فما بين الفيلم والحقيقة هناك حقيقة واحدة ، هي أن ، الاخير إيضا ( سيف الدين ) لا يختلف عن سابقه من كونه مواطنا بسيطا شريفا ، يحب العيش ( جنب الحيط ) ، ، ومن أمثالهم الكثير في مصر ، ممن يعانون العوز والفقر والفاقة ، ومنهم من يتذمر من الحكومة واجراءاتها البيروقراطية في دوائرها ، أو جراء إصابتهم بظلم من قبلها .. ومثل هذه الشريحة يسهل اصطيادها وتوريطها في أعمال إجرامية من قبل المتصيدين سواء في الداخل أو في الخارج وتوريطهم في أعمال إجرامية هم أنفسهم لا يعرفون عواقبها مقابل أموال أو الوعود بتقديم لهم تسهيلات العيش الرغيد .
وامام المشهد السياسي الذي تعيشه مصر الان ، فإن مثل هؤلاء ( المتصيدين ) لاسقاط النظام السياسي فيها كثر ، ويحاولون بكل السبل الإيقاع بها خصوصا في المجال الإقتصادي لتركيع الحكومة المصرية ونظام الرئيس ( السيسي ) ، فسقوط الطائرة الروسية في مصر لم يكن مجرد حادث قامت به مجموعة إرهابية ، بل هو موجه بشكل خاص لضرب السياحة المصرية في عمق دارها خصوصا وإن عام 2014 شهد تدفق 3.3 مليون سائح روسي الى مصر ، ونشر الذعر والخوف من القدوم اليها ، وبالتالي ضرب جانب مهم من ركائز الإقتصاد المصري ، وهذا ما حصل بالضبط ، حيث بعد ذلك ، عانى هذا القطاع ما كان مخطط له من الخارج .
أما حادثة أختطاف الطائرة ، فنحن على يقين بأنها لم تخرج عن إطار ضرب الإقتصاد المصري ، فبعد الأنباء والإتفاقات المصرية الروسية على إعادة الرحلات الجوية والسياح الى مصر ، نشطت الأيادي الخفية الرافضة لهذا التوجه ، خصوصا تلك الأيادي التي ترفق التصفيق لمثل هكذا تقارب ، ونشطت محاولاتها الخبيثة لتعطيل هذه الخطوة والتفكير بخطوة أخرى مضادة يراد لها أن تكون الضربة القاضية القاسمة لضهر الاقتصاد الروسي ، لتضاف الى عوامل تراجع الإقتصاد المصري وتهاوي سعر صرف الجنيه امام العملات الدولية الأخرى والتي وصل اليوم الى أكثر من 10 جنيهات مقابل الدولار الواحد ، والعمل على عدم السماح لمصر بتحقيق أي تقدم أقتصادي في هذا المجال أو ذاك .
وعلى مايبدو فإن الرياح أحيانا تأتي بما لايشتهي المعادين لمصر ، ف( سيف الدين مصطفى ) الذي حاول تقمص دور الفنان الكبير ( عادل أمام ) في فيلم الإرهاب والكباب ، وأن يطعم مختطفي الطائرة المصرية الكباب التركي باشكاله ( الأورفلي ، والمارديني ، والأدني ، والأسطنبلي ) بعد أن طالب بتغيير إتجاه الطائرة الى أسطنبول ، وأن يعيش هو بعدها بالقرب من قصر مهند ، الذي بات مقصدا لكل العاشقين ، ويجاور قصر السلطان عبد الحميد .
هبوط الطائرة المصرية في مطار ( لارنكا ) ايقضت ( سيف ) من أحلامه ، والوعود التي حصل عليها لتنفيذ مثل هكذا عملية ( وإن حققت بعض من اهدافها في تعطيل الإتفاق الروسي المصري وليس الغاءه كما اعلنت السلطات الروسية ) ففضل أن يكون مختلا عقليا وأن يطلق سراح جميع ركاب الطائرة وطاقمها ، وتسليم نفسه للسلطات القبصرية ، وبالتالي ضيع على نفسه فرصة الإختفاء والتمويه بين ركاب الطائرة ، وكما فعل بطل فيلم الإرهاب والكباب الذي ضمه المختطفين في المجمع الحكومي بين صفوفهم عند تحريرهم !!! ، لحبهم له وكونه لامس قضاياهم التي يعانون منها يوميا ، لتنتهي عملية أختطافهم وتصفية ( الإرهابيين ) بحسب البيانات الحكومية ! ! ، ما اوقع سيف في قضية ارهاب ولم يذق الكباب المصري ولا الاسطنبولي ولا حتى القبرصي !!!