17 نوفمبر، 2024 11:33 م
Search
Close this search box.

هل سيتقاتل الشيعة فيما بينهم ..؟ 

هل سيتقاتل الشيعة فيما بينهم ..؟ 

قد يتقاتل الشيعة وهم أبناء العذابات القديمة ورهائن السلاطين والحاقدين من الملوك والجبابرة الذين تحالفوا مع جماعات دينية ووعاظ سلاطين لقمعهم وسحق طموحاتهم ومنعهم من التأثير والفعل والوجود . 
إن تاريخ الشيعة حافل بالسجالات والخلافات العميقة والعقيمة ، وشيعة العراق هم من أعنيهم حتماً ، فقد اختلفوا كثيراً حول حلّ مشاكلهم ومع قادتهم وفيما بينهم ، وفي الغالب يكون القادة سبباً في الانكسار والهزيمة ، وكانت معارك الإمام علي بن أبي طالب (ع) مع معاوية وبقية الخصوم تشهد تخاذلاً مريراً من أتباعه ومريديه في مرات عدة ، كان أهمها مع معاوية حين تخلوا عنه ثم تخلوا عن ولده الحسن ولم يتمكنوا من الإيفاء بتعهداتهم للحسين بن علي (ع) في موقعة كربلاء الخالدة ، بينما ظلوا يتباكون فيما بعد ويندبون حظهم ويعتذرون بالبكاء واللطم وبجلد الذات المكلومة مع أن كثيراً من الشيعة هم من المخلصين ويشهد التاريخ بصحة معتقدهم الديني بولاية الإمام علي (ع) وفساد مخالفيهم الذين اختاروا السلطة والمال فكانوا متحالفين من الجماعات القتلة كما حصل في الماضي ويحصل اليوم بتحالفات السعودية وقطر مع القاعدة وداعش وغيرها من حركات قتل وذبح وتهجير وإقصاء لا مثيل لها . 
الشيعة لا يخالفون بعضهم في عقيدتهم ، فهم على دين واحد ومذهب واحد وفكر واحد ويوالون علياً وبنيه ، لكنهم لا يستطيعون أن يكتموا همهم بعد أن صاروا نهباً للأطماع ونوايا الحكم والسلطة التي تأخذهم إلى مواجهات غير متوقعة واحتمالات تتصاعد وتمتد وتثير الريبة ، فنوايا السلطة تخرب النفوس وتهتك الدين وحرمة المذهب ورغبة النهوض بالنفوس والأمم ، حيث يعاني العراق من ويلات الحروب والحصارات والإختلالات والتدخلات الإقليمية والدولية المقيتة التي لم تبق لهذا الوطن سوى الجراح التي أضنت جسده وصار يتوق للتحرر منها ، بينما الشعب لم يعد له من قرار ، فبعد أن كان الشيعة معارضين لنظام القمع البعثي الحليف للمنظومة العربية التقليدية السنية التي لم تكن لتسمح بصعود الشيعة ونهضتهم لا في العراق ولا في غيره ، بل كان العرب سباقين لدعم نظام صدام حسين الذي شن حرباً شريرة على الجارة إيران ثم دعموه بقمع شعبه بعد تحرير الكويت . 
الفرصة التاريخية التي توفرت للشيعة بعد 2003 غير مسبوقة ولا يمكن تعويضها حين تدخلت أمريكا وأسقطت النظام البعثي ، لكن البعثيين والسنة المتطرفين مارسوا دوراً شريراً لمنع قيام دولة مستقرة لكي لا يتم للنظام الشيعي الاستقرار وهو ما حدث بالفعل مع حجم القتل والدمار والفساد وغياب الرؤية . 
وعلى الرغم من أن الشيعة نجحوا الى حد ما في منع انهيار الدولة من خلال الصمود وهزيمة القاعدة وداعش ، إلا أن الانقسام الكبير للفصائل الشيعية التي تشكلت على خلفية مواجهة الاحتلال الأمريكي ثم نشوء مجموعات مسلحة في ظل الحشد الشعبي وعدم رضا قيادات شيعية عن بعضها على المستويين السياسي والديني .
 أدى كل ذلك الى نشوء نوع من المخاوف من صراع شيعي شيعي على السلطة حيث لم يعد لهم سوى ان يتواجهوا مع بعض بطريقة لا يمكن التنبوء بها وبنتائجها.
 المنتظر من القيادات الشيعية الواعية منع هذه المواجهة التي ستتركهم ممزقين فاشلين وعرضة للهزيمة في مواجهة التحديات التي يفرضها الخصوم المتربصون بهم مع إمكانية عودة داعش والقاعدة على وقع الفوضى ، ولهذا لابد من مواجهة الفساد ولابد من الصمود والوحدة ونبذ الخلافات وبناء مؤسسات دولة فاعلة وحقيقية وليست شكلية كما هو حالها اليوم .

[email protected]

أحدث المقالات