أشرتُ في الجزء الأول من مقالي المعنون ( التيار الصدري مخالف للواقع ) الى بعض حقائق الأمور المتعلقة باعادة بناء العراق في مؤسساته التشريعية والتنفيذية والقضائية والتي تحولت الى جريمتين بات العراق من خلالهما مهددا بالانهيار، تلكما الفسادين المالي والاداري والارهاب. جميع الكيانات السياسية تشترك في هاتين الجريمتين. وأخذت عيٌنة منهم ( التيار الصدري ) وتناقضات مواقفه وخطورتها على المشهد العام ، وفقا لرسائل الكترونية بعثتها الى زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر. اليوم وبعد انطلاق حركة المعارضة الوطنية في واحدة من تطبيقاتها العملية حيث حركة الاحتجاجات السلمية لمن يُطلقون على أنفسهم بالتيار المدني نجد تحولاً خطيرا في المواجهة بين الوطنيين الأحرار وبين جماعات انتهازية أو مجموعات فاشلة جزء من فشل قياداتهم من خلال ماتُعرف باعتصامات أعضاء مجلس النوٌاب وتصويتهم على اقالة رئيسهم د.سليم الجبوري. أسميها بالمواجهة لأن في حركة الثورة التصحيحية السلمية ينبري الانتهازي او تتسلل جماعات تحاول الالتفاف حول حركة الوطنيين الاحرار ممن لاينتمون الا لوطنهم وشعبهم. التيار الصدري يمثل رقما مهما وخطيرا على الشارع والمشهد السياسي ولابد من التعامل معه برؤية وطنية عادلة ، لايهمني ردود أفعالهم على رأيي الشخصي بقائدهم السيد مقتدى الصدر وأجد لهم العذر في مواقفهم معه وفاء منهم للشهيد آية الله السيد محمد صادق الصدر ، ولأنهم عانوا الكثير من الحكومات المتعاقبة ولم يروا قيادة وطنية تتفهم حجم تضحياتهم وعطاءهم . لذلك وجدوا في شخصية السيد مقتدى ضالتهم خصوصا أنه يرفع شعارات تنسجم ووضعهم الاجتماعي والثقافي كذلك. الشعب الذي يعاني من سياسات متعاقبة في التجهيل المتعمد والمبرمج حتى من قبل مؤسساتهم الدينية والطائفية طبيعي يُنتجُ لنا شريحة كبيرة تختزل الجميع بشخص واحد ويمارسون نفس النهج الديكتاتوري أو الاستبدادي وعدم الاعتراف بحرية التعبير عن الرأي ويضعون له قدسية وخطوطا حمراء. وحين يُسأل هذا الصنف من الناس عن شرعية مواقفهم لاتجد من أجوبتهم مايمثل رأيا منطقيا فهم جزء من اللامنطق في بلد يعاني من الفوضى ولهذا أصبح العراق مسرحا لعبثية قيادات فاشلة سواء من السنة أو الشيعة على حد سواء.
التيار الصدري بحاجة الى قيادة واعية تستغل اندفاعهم وعفويتهم نحو إعادة بناء العقل العراقي وثقافته ، فهم أخوتنا وأبناء عمومتنا بل أكثر من ذلك أقول واستمرارا لمقال سابق كنت قد كتبته صيف العام المنصرم تحت عنوان ( الحركة الإسلامية في العراق بين خيارين ) منطلقا من تفهمي لحركة الشارع الجنوبي الذي يخرج بالملايين في حركة تعبيرية عن الولاء الى أئمة مذهبهم أيام عاشوراء وقدٌموا كواكب من أبناءهم شهداء وضحايا النظام السابق ومابعده في عمليات العنف الطائفي . هناك فرق بين أن اتعامل مع الواقع كجزء من المشهد وبين أن أمارس واقعي الشخصي كجزء من ثقافتي وأكتب وفق القواسم المشتركة، أقول ناصحا الأخوة في التيار الصدري أن يتحركوا وفق حركة الحياة وأن يكونوا بمستوى اهتمامنا بالحركة الإسلامية التي هم جزء مهم منها وقد استغلٌتهم أكثر الأحزاب او الكيانات الشيعية كالدعوة والمجلس في تحالفات فاشلة . المعارضة الوطنية ستكون عنصر قوة معنوية متبادلة مع الأخوة في التيار الصدري بعد أن ينأوا بأنفسهم من بعض القيادات المحسوبة عليهم وكذلك يعاد النظر بقيادة السيد مقتدى الصدر بل أجد أن السيد جعفر محمد باقر الصدر هو الأرجح لتولي القيادة السياسية للتيار الصدري كما أن حزب الدعوة عليهم إعادة النظر بقياداتهم الفاشلة والمجلس الأعلى كذلك . انني هنا أكتب مخلصاً للأخوة في التيار الصدري راجياً ان يتأملوا فيما كتبت بعيدا عن المزاجية والعبودية أو التأليه الغير متعمد منهم لشخص قائدهم فقد آن الأوان لطرح مواضيع جريئة تخص واقعهم وان يطرحوا أسئلة تتعلق بمواصفات القيادة ومدى انطباقها على شخصية السيد مقتدى الصدر. هنا أنقل الى السادة القراء مقتطفا من الرسالة الثالثة والأخيرة للسيد مقتدى بتاريخ الثاني والعشرين من الشهر المنصرم وهي تأكيد على النصح والمشورة له عسى أن تنفع //
(رسالتي هذه تحمل الكثير من الهواجس والملاحظات التي تخص واقع العراق ومحيطه الإقليمي والدولي.
انتم في التيار الصدري تحتاجون الى رؤية واقعية للمتغيرات الإقليمية والدولية دون المساس بالثوابت الوطنية لاسيما حقوق الشعب العراقي. وفي رأيي تحتاجون الى إعادة تقويم للمرحلة السابقة من وجود الشهيد المرجع والدكم العزيز رحمه الله وطيب ثراه. فيما يخص بالقيادات العلمية والإدارية الناجحة للتيار الصدري. وكثيرا ماكنت أقول أن الاخوة في التيار الصدري لديهم حسن نوايا ولكنهم استُغلوا من الانتهازيين ممن انتموا اليه او من المتحالفين في التحالف الوطني السيء. فالشهيد الصدر الثاني حين رحل من الحياة الدنيا لم يترك ارثا قياديا علميا يتناسب وتوجيهاته للأمة ومواقفه الوطنية المخلصة. باستثناء الولاء والحماس لأتباع التيار الصدري. لكنكم تحتاجون الى خطين متوازيين من القيادة هما القيادة الشبابية والقيادة التوجيهية لمن يمثلون خبرة تراكمية في العمل السياسي والإداري وببرنامج وأهداف محددة وواضحة ) يُفهم مما طرحت أن التعامل مع التيار الصدري يجب أن يرتكز على عدة أمور تخص حركتهم في المجتمع والأدوار المتبادلة والمكملة مع التيار المدني الداعي الى بناء دولة تفصل بين الدين والسياسة.
وعليهم الابتعاد عن الممارسات الاستفزازية او الارتجالية كما هي قرارات زعيمهم والا فانهم سيكونون جزءاً من المخاطر التي تهدد وحدة وكيان الدولة ، وعليهم الانفتاح على الآراء النقدية التي تصب في مصلحة تيارهم والذي لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا للشعب والوطن . شيعة العراق عليهم أن يفهموا حركة الحياة ومفهوم الدولة بعيدا عن تناقضات المؤسسات الدينية التي أساءت كثيرا الى تاريخ من ينتمون لهم في الولاء العقائدي كما يدٌعون. سارعوا الى وحدة الصفوف وتقوية خط المعارضة السلمية من اجل انقاذ الوطن . مجموعة أفكار طرحتها لا تتعلق بالتيار الصدري ولاتشكل تحريضا داخل التيار ضد قائدهم بقدر ما تشكل دعوة لإعادة تقييم المسار الذي ساروا عليه خلال المرحلة السابقة .