لا يخفى على الجميع مدى الدور الذي تلعبه إيران في العراق ومدى تأثير هذا الدور على العملية السياسية والأمنية, فهي من يتحكم بالقرارات السياسية ويتلاعب بالواقع السياسي بصورة مباشرة وما تشهده قبة البرلمان من أزمة حالية خير شاهد, فبعدما أحست إيران أن الرئاسات الثلاث في العراق – الجمهورية, الوزراء, البرلمان – تحاول أن تتفلت من قبضتها وتظهر شيئاً من الركون للجانب الأميركي, خصوصاً بعدما أبدت أميركا دعمها القوي للعبادي, وحذرت الكتل السياسية من مغبة سحب الثقة عنه وإلا أنها سترفع الدعم المادي والعسكري عن العراق في محاربة داعش, وهذا ما جعل إيران تتحرك بقوة, فهي تريد أن تجعل من العراق خالصاً لها بدون أي منافس وبالخصوص أميركا, لذا جاء التحرك البرلماني المطالب بتغيير الرئاسات الثلاث, حيث إستطاعات إيران أن تحرك البرلمانيين المرتبطين معها بالإتجاه الذي تريده.
وبما أن هذا التكتل البرلماني غير كافي لتحقيق ما تصبو إليه إيران فهي الآن تسعى إلى التقريب بين المتخاصمين في داخل ما يسمى البيت الشيعي ” الإيراني ” أي زعماء التحالف الوطني, فقد أًصدرت إيران أمراً مباشراً ومن خلال قاسم سليماني إلى ولدها المطيع السفاح المالكي بالذهاب إلى لبنان وعلى طائرة إيرانية من أجل اللقاء مع السيد مقتدى الصدر, حاملاً معه خارطة طريق إيرانية من أجل إنقاذ التحالف الشيعي ” الإيراني ” في العراق من التشرذم وتوحيد الصف من أجل سحب الثقة عن العبادي وإعادة الأمور في داخل الأروقة السياسية إلى سابق عهدها, أي إيجاد رئيس وزراء يكون ولائه مطلق لإيران كما فعل الطاغية المالكي أيام حكمه الطائفي الدموي.
فالإعتصامات التي نظمها البرلمانيون العراقيون في داخل قبة البرلمان لم تكن من أجل مصلحة العراق وشعبه وإنما هي جاءت خدمة للمشروع الإيراني, ومن أجل إعادة الحكم في العراق إلى أحضان إيران بشكل مضمون دون الركون إلى منافسي إيران في العراق وبالتحديد أميركا, فهذه الإعتصامات الحاصلة وما سبقها من تظاهرات وإعتصامات على أسوار المنطقة الخضراء والتي نظمتها الكتل والأحزاب السياسية هي من أجل التغرير والتخدير والإلتفاف على الشعب كما يقول المرجع العراقي الصرخي في استفتاء ” اعتصام وإصلاح….تغرير وتخدير وتبادل أدوار ” …
{{… أدنى التفاتة من أبسط إنسان تجعله يتيقّن أنه لا يوجد أمل في أيِّ إصلاح لأن كل المتخالفين المتنافسين المتصارعين قد اتّفقوا على نفس التهديد والتصعيد وهو سحب الثقة من رئيس الحكومة وحكومته!!! وهذا التهديد ونتيجته الهزلية يعني وبكل وضوح الرجوع إلى المربّع الأوّل في تشكيل حكومة جديدة حسب الدستور الفاشل وتوافقات الكتل السياسية نفسها والدول المحرّكة لها،
ـ وعليه ينكشف أن الإصلاح ليس بإصلاح بل لعبة للضغط والكسب أو للتغرير والتخدير وتبادل الأدوار قد أذنت به أميركا وإيران !! …}}.
فما يقوم به أعضاء البرلمان المعتصمون هو من أجل الضغط على العبادي وعلى باقي الرئاسات من أجل إجبارهم على الركون إلى إيران وترك الولاء والتعامل مع دول أخرى, وهذا ما سبب ويسبب تلك الأزمات المتلاحقة في البلد, هذا على المستوى السياسي, أما على المستوى الأمني فلا يخفى على أي إنسان منصف كيف كان ولا زال لإيران الدور الفاعل في خلق الأزمات الأمنية ومن بينها تسليم محافظة الموصل إلى تنظيم داعش وما نتج عن ذلك من أزمات أمنية متعاقبة من أجل تمرير مشروعها في العراق, لذلك ومن أجل الحصول على نوع من الإستقرار الأمني والسياسي في العراق يجب أن تخرج إيران من اللعبة في العراق, وإلا فإن الوضع سيئول إلى الأسوأ, وخروج إيران من العراق لا يمكن إلا بتطبيق مشروع خلاص الذي طرحه المرجع العراقي الصرخي والذي دعا فيه إلى تدويل قضية العراق وأن يكون تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة وبالتعاون مع الدول العربية, وتوجيه قرار شديد اللهجة لمطالبة إيران ومليشياتها بالخروج من العراق, وكذلك حل الحكومة والبرلمان الحاليين وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد ويكون أعضاء هذه الحكومة من العراقيين الشرفاء غير المرتبطين بأجندة أو دول خارجية, فتخيلوا عراقاً خالياً من الهيمنة الإيرانية كيف يكون حاله ووضعه الأمني والإقتصادي ؟!