18 ديسمبر، 2024 6:40 م

أخيراً… مياه على سطح القمر!

أخيراً… مياه على سطح القمر!

من أهم أخبار هذا الأسبوع التي تفتح النفس وتثير الخيال، بعيداً عن أخبار السياسة المقرفة والحروب وإزهاق الأرواح، الإعلان عن جمع المسبار الفضائي «كازيني»، عيناتٍ من المياه من أعلى سطح المحيط الموجود على القمر الجليدي «إنسيلادوس» التابع لكوكب زحل.

زحل الذي كان يضرب المثل به في العربية بثقل الدم، مع أنه أجمل كوكبٍ في مجرتنا درب التبانة، حيث تحيطه الحلقات الدائرية التي تدور حوله كالهالات، أصبح علماء الفلك يتكلمون اليوم عن احتمال كونه المكان الوحيد في المجموعة الشمسية الذي يصلح للحياة خارج حدود كوكب الأرض. وجاء ذلك بعد رحلة المسبار حول هذا القمر الصغير لمسافة امتدت خمسمئة كيلومتر، وتسجيل التحليل الكيميائي ما ينفثه هذا القمر من أبخرةٍ لسوائل دافئة تشبه إلى حدٍ كبير الأبخرة الموجودة على الأرض، والتي ترتبط بوجود الحياة.

الخبير بمعهد الأبحاث المشارك في تشغيل المسبار هانتر وايت، قال: «إن مجرد وجود نظم مائية حرارية ليس ضماناً لوجود حياة لكائنات على هذا القمر، فربما تكون بيئته غير صالحة للحياة»، لكنه عقب قائلاً: «إن ذلك يعني ضرورة العودة للقمر بمعدات وتكنولوجيا أكثر تطوراً تمكّننا من إعادة جمع عينات من المياه للحصول على أدلة واضحة على أن الحياة البيولوجية موجودة هناك. وأضاف: «متأكدون من وجود كائنات في المحيط الداخلي تحت سطح القمر (إنسيلادوس)، ونحتاج إلى العودة مرةً أخرى للتحقق من ذلك».

الاعتقاد الآن هو أن المحيط الداخلي الذي يجري تحت سطح القمر يقع على عمق عدة كيلومترات، وأن قاعه مكون من صخور الأملاح والسيليكا التي رصد وجودها في الأبخرة المتصاعدة. بل إن وكالة «ناسا» للفضاء، أعلنت أن أحد الأقمار (التي تحيط بكوكب زحل) يتضمن ظروفاً ومواصفات ومعايير يمكن معها أن تكون الحياة ممكنة لمخلوقات وكائنات غريبة من غير الجنس البشري. وهو إعلان يجعل أفكار الخيال العلمي السابقة واحتمالات وجود كائنات حية على كواكب أخرى، أمراً في متناول التحقيق العلمي. وما كان بالأمس خيالاً علمياً قد يتحوّل إلى دائرة التصديق أكثر، ومئات الكتب والأفلام التي كتبت عن وجود كائنات فضائية قد تغزو الأرض في أية لحظة وتدمّر البشر، أصبح سيناريو قابلاً للتصديق… ولكن!

ما يدرينا بنفسية الكائنات الفضائية التي يفترضون أنها ستغزو الأرض؟ هل هي كائناتٌ تتمتع بشيء من الحكمة والعقل بحيث تتجنّب الدمار والصدام بين سكان الكواكب، أم أنهم يفكّرون بطريقة الصدام الحتمي بين الحضارات والكواكب؟ أم أنها مخلوقاتٌ متهورةٌ تفكّر بطريقة كلٍّ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعدوه الكوري اللدود كيم جونغ أون، اللذين صحونا فجأةً – نحن سكان الكوكب البالغ عددنا 7 مليارات بشر – قبل أسبوع وإذا بهما يتعاركان ويهدّدان بعضهما بعضاً باستخدام القنابل النووية، وعليّ وعلى أعدائي؟

الكوكب الذي ضاق بأهله بسبب حماقاتهم وغبائهم الأسطوري، على رغم ما يتوافر لهم اليوم، وأكثر من أي قرن مضى، من طعام وفير وحاجات أساسية وكمالية وسعة في الحال وأجهزة التبريد والتكييف والترفيه، إلا أنهم ظلّوا يتقاتلون ويذبح بعضهم بعضاً لقرون، ويبحثون عن ملجأ على سطح كوكب بعيد، أو قمر تابع لكوكب أصغر. وقد صدق من قال: وبعض الداء ملتمسٌ شفاه… وداء الحمق ليس له شفاء!
نقلا عن الوسط