ربما الكثير لم يطلعوا على حياة السيد عبد العزيز الحكيم؛ سوى اطلاعهم على ملامح تحركه السياسي بعد التغيير عام 2003, لان تاريخ العراق كان وما زال يكتب بنرجسية يسارية, ويدون بأقلام انتهازية, ويفهم بأمزجة متقلبة.
وهنا نحتاج أن نوقف عجلة الزمن قليلاً, لنسطر على عقاربه احداث مهمة لم تُسلط عليها الاضواء, لان السنوات العشر بين (1970_ 1980) كانت أشد بلاء على العراقيين, والحوزة العلمية بشكل خاص, لاسيما بعد وفاة مرجع الطائفة الإمام الحكيم, ومحافظة الإمام الخوئي على جوهرها التقليدي الاصيل.
لذا بادر السيد محمد باقر الصدر الى طرح مشروعه الاصلاحي داخل المؤسسة الدينية, فاقترح تشكيل (لجنة المشورة) التي ضمت عزيز العراق, فضلاً عن شهيد المحراب وكاظم الحائري ومحمود الهاشمي, وكان الهدف منها تنظيم الحوزة العلمية, وإرجاعها الى سابق عهدها, بعدما بدأت يد النظام تتغلغل فيها.
وبعد أن ضيق النظام أذرعه على رموز الحوزة العلمية, والشخصيات الفاعلة في أوساطها, وهجرة من هاجر, ومراقبة الاخرين, تولى عزيز العراق دور الاتصال بين السيد الصدر والسيد مهدي الحكيم, فقد سافر الى الكويت بإسم مستعار متخفياً عن الاجهزة الامنية, حاملاً رسالة المرجع الصدر الى المهدي الحكيم, والتي تضمنت تداعيات الوضع السياسي في العراق, وضرورة انفتاح الشخصيات المعارضة على المدن الاوربية لكسب الدعم لقضية الشعب العراقي.
فيما حمل عزيز العراق الرسالة الثانية من الصدر الى الحكيم, حيث كان السيد مهدي متخذاً من دبي مستقرا له, وجاء فيها شرح للوضع السياسي الداخلي, وتأثير قيام الثورة الاسلامية في إيران على الوضع العراقي, وأهمية نقل ملف العراق, ومعاناة شعبه الى الدوائر المؤثرة في العالم.
بينما كانت الرسالة الثالثة, التي حملها عزيز العراق موجه من السيد الصدر الى رموز المعارضة الاسلامية في الخارج, حيث كان الصدر يرى (إن المرجعية الدينية بالوقت الحالي؛ هي امتداد شرعي للنبوة والامامة, وأن العمل معها هو تطبيق عملي للمنهج المتفق عليه في القرآن والسنة الشريفة).
وبعد استشهاد الصدر, وما أعقبها من أحداث أضطر عزيز العراق لمغادرة البلاد, ولضرورة تعبئة الساحة الجهادية, شكل مع نخبة من أقطاب المعارضة, ومنهم الشيخ المولى وباقر الزبيدي (حركة المجاهدين العراقيين) والتي قامت بالعديد من العمليات ضد النظام السابق, وكان أهمها عملية تفجير مجمع الاسلحة في أبو غريب, والتي (أبكت الطاغية صدام) الذي كان يخطط لترأس قمة دول عدم الانحياز المزمع انعقادها في بغداد عام 1981.
ومن خلال ذلك يتبين؛ إن عزيز العراق قام بدور (السفارة) بين المرجع السيد محمد باقر الصدر وشخصيات التحرك الاسلامي في الخارج, وتوجت بالعمل الجهادي, الذي أسس فيما بعد لتشكيل اكبر قوة مسلحة دكت مضاجع النظام.