لم يتركا وزيري الدفاع والخارجية الأميركيان خلال الساعات القليلة الماضية، أي مجال للتأويل أو الشك في أن إدارة الرئيس “دونالد ترامب” قد حسمت قرارها بانتقال علاقتها مع إيران إلى مرحلة جديدة من المواجهة، بغض النظر عن مصير الاتفاقية النووية 2015.
واتفقت تصريحات متزامنة للوزيرين على رؤية إطارية ترى أن “الخطر الذي تشكله إيران على دول الجوار في الشرق الأوسط هو خطر على الأمن الأميركي، وأن إيران إن لم يجر كبحها الآن فإنها ستصبح نموذجاً آخر لكوريا الشمالية”.
مخاطر التمدد والتسلل الإيراني..

كان وزير الخارجية الأميركي “ريكس تيليرسون”، قاطعاً في إشارته إلى أن الاتفاقية النووية مع إيران قد بنيت على خطأين في التقييم، “فهي يمكن أن تؤجل امتلاك طهران للسلاح النووي لكنها لا تمنعه. كذلك فإنه كان يتوجب الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الأخرى التي تشكلها إيران على الشرق الأوسط والعالم، وليس فقط الاكتفاء بالجانب النووي”.
وزير الدفاع الأميركي “جيمس ماتيس”، الذي بدأ من السعودية جولة في الشرق الأوسط، تشمل أيضًا مصر وإسرائيل وقطر وجيبوتي، ذهب خطوة أخرى أبعد مما قاله “تيليرسون”، حيث حدد الخطر الإقليمي لإيران بأنه يتمثل في تغلغلها العسكري والسياسي والطائفي في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وكأنه في ذلك يحدد قواعد ومناطق الاشتباك الذي اتخذت واشنطن قرارها فيه، ويقوم “ماتيس” الآن بإبلاغه للدول التي يزورها.
“رؤية ترامب للشرق الأوسط الجديد”: استبعاد إيران تماماً..
حضر كل من وزير الدفاع وزميله وزير الخارجية بالإدارة الأميركية الأسبوع الماضي، مؤتمر اقتصادي سعودي اقيم في “غرفة التجارة الأميركية بواشنطن. في المؤتمر تحدث “تيليرسون” بنفس المفردات، تقريباً، التي سبقه وتحدث بها وزير الدفاع “ماتيس” في الرياض، والتي تؤكد على استعادة الشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين واشنطن والرياض، وهي النقلة الكبيرة التي أنجزها ولي ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” في زيارته لواشنطن، بعد أيام من تولي الرئيس ترامب مهامه الدستورية، وتضمنت ما وصفه “تيليرسون” بأن: “شراكة أميركية حقيقية في رؤية السعودية 2030.. بكل محاورها وطموحاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية”.
ما سمي بـ”استعادة الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن والرياض”، وصفه محرر شؤون الأمن الوطني في صحيفة أميركية كبرى بأنه مسوّدة “رؤية ترامب للشرق الأوسط الجديد”، والذي تكون فيه السعودية حجر الزاوية في الشراكة بمحاربة الإرهاب واستعادة الاستقرار وإعادة البناء. فيما يمكن تسميته لاحقًا “إعلان ترامب”، سيجري تجريد إيران من جميع ما منحاه لها الرئيسان الأميركيان “جورج دبليو بوش” و”باراك أوباما” من سلطة تنفذ وتغلغل سياسي وأمني في العراق وسوريا ولبنان، في مقابل مساعدة إيران للولايات المتحدة في حربها بالعراق وافغانستان.
يجب دحر تأثير إيران داخل اليمن..
اكد وزير الدفاع الأميركي، في الرياض، على أن إيران تلعب دورًا يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، لكن يتعين دحر نفوذها لإنهاء الصراع في اليمن.
وبعد استكمال اجتماعاته مع كبار المسؤولين السعوديين، عاد “ماتيس” وكرر قوله: “في كل مكان حيثما تنظر إذا كانت هناك مشكلة في المنطقة.. فإنك تجد إيران”.
التقديرات الأخيرة داخل واشنطن، تذهب إلى أن “ماتيس” لم يجد صعوبة في الرياض بمطابقة وجهات النظر في الأساسيات والفرعيات للكيفية التي ستتولى فيها الولايات المتحدة إخراج إيران من العراق وسوريا واليمن. لكن الوزير الأميركي سيحتاج في “القاهرة” جهدًا مركّبًا للتوافق التنفيذي على آليات مواجهة إيران في الشرق الأوسط، وكذلك في زيارته لـ”الدوحة”.
وسيكون الأمر أكثر صعوبة في “تل آبيب”، عندما يكرر رئيس الوزراء الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ما سبق وعرضه على الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” من مشاريع، لإشراك إسرائيل بشكل تنفيذي في منظومة إقليمية يراد لها أن تتولى إخراج “إيران وحزب الله” من سوريا، بقدر ما تتولى في نفس الوقت معالجة الملف الفلسطيني ومحاربة الارهاب.