من أولى مهام وزارة الكهرباء ، تجهيز منازل المواطنين بالطاقة ، وقد أخلّت بواجبها بصورة مزمنة من 13 عام ، وبعد أجراآت من الحلول الترقيعية التي لا تغني من حر ولا تطعم من جوع ، بشكل أرهق ميزانية الدولة بدون طائل ، وأهدرت ما يكفي من الاموال لبناء عشرات المحطات النووية ! ، وصل تجهيز المواطن بالطاقة الكهربائية الى 30% من اليوم في موسم الجحيم هذا ، هكذا وضعتنا الدولة تحت رحمة أصحاب المولدات الذين يحددون سعر الأمبير وساعات التشغيل حسب أهوائهم وبالأتفاق مع بعضهم البعض وكأنهم عصابات بلا حسيب ولا رقيب ، في دولة تسودها الفوضى وفقدان هيبة فرض القانون .
أقول ما دامت وزارة الكهرباء هي المسؤولة عن قطاع الطاقة المتدهور ، مما أضطرها الى اعطاء الضوء الأخضر للمولدات الأهلية لأكمال النقص ، الأجدر بها مراقبة مصادر الطاقة البديلة تلك بأعتباره من صلب أختصاصها ، وتفتيشها دوريا ، وقياس مستوى الفولتية ، وقيمة الذبذبة وحالة المولدة ومقدار الحمل ، وأنشاء خط ساخن للمخالفين ، وبذلك (تكفّر) بشي عن تقصيرها ، ففي مناطقنا مولدات من فئة (150 KVA) ، تُحمّل ما مقداره (200 KVA) ، بحيث أن شدة أحمرار أنابيب (العادم) والشاحن التوربيني (Turbo Charger) تنير الشارع ! عدا خروج الشرر منه وكأنه ألعاب نارية ، لأنها تًحمّل أكبر من طاقتها بكثير ، لهذا يقوم (بتجفيت) المحرك مرة واحدة كل شهر ! والمواطن هو الوحيد من يدفع الثمن بسبب التوقف لعدة أيام كل شهر ، لعدم وجود مولدة أحتياطية !.
لا يصل الأمر بنا الى مطالبتها بفحص عوامل الأمان والتلوّث البيئي !، ففي ذلك ترفٌ لا نحلم به ! ، رغم أن اسلوب نقل الطاقة غير علمي أصلا ، لكون الطاقة تصل للمنزل عن طريق سلك مفرد (الحار) ، اما البارد فيأتي من الأرضي ، وليس المتعادل (Neutral) ، ما يسبب تأرجح الطاقة خصوصا بالنسبة للأنارة التي تبدو وكأنها أحد طرق التعذيب ! ، عدا آلاف حالات الموت صعقا لشباب بعمر الورود ، في بلد العجائب والموت المجاني والذي فيه (مَن لم يمت أشلاءً بمفخخة ، مات صعقا بالكهرباء) !.
نفضنا يدنا من المجالس البلدية ، بسبب عدم حياديتها ، وبسبب المنسوبية ، ثم عدم فهمها ما معنى الذبذبة ، وما معنى مقدار الفولتية ، لأن هذا المجال بعيد عن أختصاصها ، فالى من نلجأ ؟! ، خصوصا وأن مشغلي المولدات ليسوا من الفنيين أصلا ، وحتى لو كان كذلك ، سيدّعي ( ويخش بعيني) ، من أن الذبذبة لا تؤثر على الأحمال ! ، وفي أحد المرات ، وجدت أن الفولتية عند المولد لا تتجاوز 180 فولت لأنه تلاعب (بالكارت) ! ، وبهذا سيرتاح الأفندي من (لغوة) الثلاجات لأن أجهزة الحماية ستفصل التيار عنها ، وعندما سألته عن السبب قال لي (كم تريدها أذن) !؟ ، هكذا وصل مقدار الفولتية عند المنازل بسبب طول الأسلاك وما يترتب عليه من هبوط الفولتية (Voltage Drop) الى 150 فولت ! ، وفي هذه الحالة لا تعمل حتى معدلات الفولتية (Voltage Stabilizer) ، من أيصالها للقيمة اللازمة !.أن أنخفاض الذبذبة الذي وصل لدينا الى (40Hz) خطير جدا ويؤذي الأحمال ، وهذه حقيقة يعرفها المهندسون جيدا ، خصوصا الأحمال ذات المحولات الصغيرة والمحركات (الثلاجات والمبردات) ، فالعبارة (50Hz) التي توضع ضمن مواصفات الأحمال ليست أعتباطية ، والمصنّع ليس غبيا كما يعتقد أصحاب المولدات ! ، وانخفاضها من 50 الى 40 يعني ما مقداره 20% ، هذا يعني تباطؤ هذه المحركات بمقدار 20% من سرعة دورانها ، وضياع 20% من الطاقة على هيئة حرارة (لا تنقصنا قطعا ) ! ، ونعلم جيدا أن للذبذبة علاقة مباشرة بسرعة دوران المحرك (وليس الكارت كما يدّعي صاحب المولدة العبقري) والبالغة 1500 دورة /دقيقة ، فيقوم بخفض عدد دورات المحرك أعتقادا منه انه سيقتصد بالوقود ، وسيساهم في تبريد المحرك ، وهذا خطأ شائع ، اذ أن ذلك سيزيد من العزم المسلط على محور الدوران ، وستعود عليه هذه التصرفات سلبا ، والمواطن أيضا هو من يدفع الثمن ، وتتضرر أجهزته بأستمرار ، وهو يعرف جيدا (الكهرباء مو زينة) ، ولم يعد يشكو لأنه أدمَنَ الضيم والأعباء التي تضعها دولة لا تستحي ! ، وهو يرى أصحاب الشأن من عمال الكهرباء ، يعالجون الرقعة برقعة أوهن (بالبلايس) ! ، ولن يتحركوا مترا واحدا دون (أكرامية) !.
السيد العبادي وهو المهندس اللامع خريج الجامعة التكنولوجية ، والحاصل على الدكتوراه من جامعة (مانتشستر) في الهندسة الكهربائية ، وهي من أرقى الجامعات ، لم نسمع عن نشاطاته وتوجيهاته وأقتراحاته في هذا المجال الحيوي ، الذي يشكل صلب أختصاصه .
لقد بلغ اليأس بالمواطن مبلغه من دعم الدولة له على الأقل قانونيا وأخلاقيا وأجتماعيا ، وهذه ظاهرة خطيرة تدفع المواطن الى التمرد وعدم مراعاة قوانينها لأنه يشعر أن الدولة ظالمة له ، وأنها تجبي منه الضرائب تحت شتى المسميات والمناسبات دون أي مقابل ! ، يراها منهمكة بشؤونها الخاصة وعلى حسابه الى درجة الحرمان على الأقل معيشيا ! ، كيف لا وهو يعيش ازدواجية الجحيم ، البلد الأشد حرا في العالم ، وقطاع الكهرباء ، الأسوأ في العالم ، فمتى يطمئن المواطن أن ثمة (دولة) ، تكترث له ؟!. Majid Al-Khafaji / Electrical & Electronic Engineer