لم يشهد تأريخ إمرأة عراقية معاصرة ،عملت في سلك السياسة بعد عام 2003 أن تثير جدلا يحتدم حولها في أروقة السياسة بهذا المستوى الذي حظيت به النائبة حنان الفتلاوي، الإمرأة الأكثر إثارة وصخبا في عالم السياسة وعلى مستوى الإعلام ، ربما أوصلتها تلك الجرأة الى أكثر النساء شهرة ، سواء ماحظيت به من حضور متميز أو في حجم (الاتهامات) التي تعرضت لها، وقد نالها من خصومها الكثير ، حتى من أقرب مقربيها، لكنها لن تتوقف عن مواجهة كل تلك الحملات، وبقيت (حاملة سيفها) تشهر به لتقاتل في كل ساحة او (منازلة) دون خشية من أحد ، بقلب جلد وملكة كلامية أهلتها للتبوأ للصعود على المسرح السياسي كأكثر النساء إثارة للجدل!!
ولو تمعنا في الجوانب الشخصية والنفسية لتاريخ ومسبرة تلك الإمرأة ، لوجدنا ان هناك جملة سمات يمكن ان توصف بها ، وهي تشكل معالم وسمات تلك الشخصية للنائبة حنان الفتلاوي ، وكالآتي:
قوة الشخصية:
يلاحظ المتتبع لمسيرة النائبة حنان الفتلاوي انها تمتلك قدرة لايستهان بها من قوة الشخصية أهلتها للصعود الى أعلى المواقع ، وقد إستطاعت فرض وجودها سواء بقدرتها على امتلاك اللغة المتمكنة من نفسها او عرض وجهات نظرها ، أو عند تقييمها للآخرين ، وتوجيهها للاتهامات لهم ، وهي بالرغم من انها عانت انها قد تعرضت لأقسى الكلمات النابية في حملات كثيرة استهدفتها، لكنها بقيت صلبة تقف غير آبهة لكل ما يوجه لها من اتهامات وما يحاول آخرون الصاق تهم بها ، حتى ان بعض تلك الاتهامات ربما دخلت في جانب القدح، لكنها لم تلتفت الى الوراء كثيرا، وبقيت كثيرة الحضور ، واذا ماتحدثت ينصت اليها الآخرون ويتابعون كل كلمة تقولها، وربما يرفع ( البعض) لها رؤوسهم إعجابا بها ، والبعض الآخر يبحث عن اية (مثلبة) ليكيلها لتلك المرأة عله يكون بمقدوره ان يصيبها بسهامه، لكنها تخرج في كل مرة سالمة من غير تردد او خشية ، لأنها كما يبدو (واثقة) من نفسها ومن قدرتها على (المواجهة) وعلى إجادة الدور الذي ترغب أن تظهر عليه، وهي تفرض وجودها شاء الآخرون أم أبوا، لكنها تبقى تحصد من علامات الاعجاب لبعض انصارها ومريديها، في وقت ينزل بها آخرون الى الدرك الأسفل من الاتهامات التي لاتعد ولا تحصى!!
القدرة على الاقناع والتأثير:
الدكتورة حنان الفتلاوي تمتلك قدرات رهيبة على فرض الوجود ، متحدثة لبقة تختار كلماتها بعناية ودقة وبترتيب وتناسق فريدين ، تظهر دهاءها وقدرتها على ان ينصت الطرف الآخر لها سواء من كان مناصرا لها او معارضا لتوجهاتها، وكلماتها مرتبة في تناسق كلامي لاتجد بين مفرداتها الا سبكا للغة بتناسق فريدـ حتى وان القت ( قنابل ) صوتية في مناسبات كثيرة لتظهر قدرتها على (المواجهة) أو إبراز الدور، حيث عرفت بميلها لتأجيج (الفتن الطائفية) وكانت اكثر الاتهامات التي تم توجيهها للنائبة حنان الفتلاوي انها صاحبة ( نظرية 7 × 7 ) وما الى ذلك من الاتهامات، وهي قد كانت تتحدث عن ( التوازن الوطني ) او تحاول أن تسخر منه ، لكن (البعض) الآخر لم يفهم ربما مقاصدها، بالرغم من ان الطائفية اصبحت منهجا للكثيرين للصعود على المسرح السياسي لكن النائبة حنان الفتلاوي استهدفت حتى أقرب المقربين من طائفتها، ما يعني انها تدخل سوح المعارك على الجميع، اذا ما وجدت ان المصلحة إثارة الرأي العام ضد هذه الشخصية أو تلك بغض النظر عن انتمائها الطائفي!!
القدرة على الحضور والتطور:
إمتلكت النائبة حنان الفتلاوي قدرة على الحضور في جلسات البرلمان وفي الاعلام، وتبدو انها أغلب ما تعرضه من طروحات انها (مقنعة) الى حد ما، وتستخدم لغة تعبير لغوي لايشوبها الاضطراب ولا التردد، وهي تمسك بلغتها بطريقة تثير الفضول، وهي تعرف كيف تختار الكلمات المؤثرة بسرعة كلام قلما تجيدها إمرأة آخرى دخلت دهاليز السياسة في العراق، ويبقى لحضورها قوة وتأثيرا، وقد طورت هذا الحضور خلال الحوارات التلفزيونية الأخيرة وسعت للابتعاد عن (الإثارات) غير المرغوبة أو التي يشم منها (رائحة الطائفية) وراحت تطرح قضايا ساخنة ومحل اهتمام الرأي العام ، وهاجمت أعلى رأس السلطة دون خشية من أحد ، وتجد في الطروحات التي تدلي بها في تلك اللقاءات انها تمتلك القدرة على الاقناع وانها (واقعية) ولم تتحدث من على كوكب آخر، بل أن الارض التي تقف عليها صلبة، واثقة من نفسها ومن ( مشروعية ) طروحاتها في الفترة الأخيرة، وهي كمن يطلق عليها ( واثق الخطوة يمشي ملكا ) وهي عندما تتحدث تعرف كيف تختار كلماتها وتعبر عن المنهج الذي تريد ايصاله للمتلقي ، وهو لاتسبح في فضاءات فارغة ، بل تريد ايصال رسائل انها باقية الحضور، وتفرض هذا الحضور بكل قوة، ولم يكن بمقدور خصومها الان (مواجهة) حملاتها الصاخبة في الإثارة، لانها تمتلك (معلومات) إضافة الى قدرتها على جعل الآخرين يقتنعون بصحة ما تطرحه من وجهات نظر قوية ولها من الحظوة والمكانة ، فملاحظاتها دقيقة ومؤثرة وقادرة على ايصال الرسالة التي تود ايصالها، باطلالة تفرض الحضور اينما كانت داخل البرلمان او عند الحضور في المقابلات التلفزيونية ، حتى انها راحت تضاهي ساسة مخضرمين من حيث الحضور الفاعل في الوسط الاجتماعي والسياسي.
أراد البعض ان يستغل تاريخها قبل اعوام 2003 ليوجه لها مختلف الاتهامات ، لكنها لم تأبه كثيرا مثل تلك الاتهامات، ان لم تضف الى شخصيتها معالم قوة ، بدل ان يحاول الآخرون ان يجعلوا منها (مثلبة ) على المرأة ، التي يغار منها الكثيرون، ووجهوا لها مختلف الاتهامات، لكنها لم تعط من وقتها الكثير وهي تسير في الدرب غير آبهة لكل تلك الحملات، وقد أدارت لها ظهرها، وبقيت محافظة على توازنها وحضورها اللافت، وقد برعت في الحضور الدائم المتيز ايما براعة!!
ربما ظلمها الآخرون ، أو ربما غار منها الكثيرون ، ساسة وشخصيات اجتماعية أرادت ان تنافسهم، وقد هال عليهم ان يجدوا إمرأة قوية الحضور وتمتلك القدرة على فرض الوجود المؤثر والفاعل في الوسط السياسي، لهذا نافسها الكثيرون ، لكنها تبقى (المنافسة الأكثر حضورا) ولن يكون بمقدور الكثيرين إزاحتها عن الساحة كما يتصورون!!
ربما كانت جرأة النائبة حنان الفتلاوي المفرطة وثقتها العالية بنفسها ، هي من تثير (شبهات) الآخرين ليجدوا فيها مادة للايقاع بها ، لكنهم لم يدركوا ان النائبة المتمكنة من نفسها ومن قدراتها، قد وقفت بوجه كل هؤلاء، وهي أكثر حضورا وأكثر قدرة على طرح الحقيقة حتى وان كانت (مرة) او لاتعجب الكثيرين من بني أقرانها من الساسة!!
لم التق بالنائبة حنان الفتلاوي في يوم ما ، ولا تعرف عني شيئا ربما ولم يكلفني أحد بالكتابة عنها، لكن كل هذه الايماءات تشكلت لدي من خلال استخدام مبدأ (تحليل الشخصية) الذي وهبنا الله القدرة على خوض غماره منذ بداية الثمانينات، وقد وجدت انه من المناسب كـ (باحث إعلامي) ان (انصف) المرأة في تلك المرحلة العصيبة التي نحن أحوج الى من يصعد السلالم ويتبوأ المكانة بقدرات ذاتية وبملكة لغوية وفكرية سليمة وبطروحات (واقعية)، وحبذا لو تصعد سلالم السياسة (آخريات) من مثيلاتها من (الجنس الآخر) ويكون لديهن مثل هذه القدرة اللافتة في الحضورالايجابي، وان بمقدور أية شخصية ان تعيد ترتيب لغتها وطروحاتها لتحظى بالقبول، ويبدو ان النائبة حنان الفتلاوي تجيد مثل هذا الدور الان، وهو ما يؤهلها لمرحلة مقبلة في المسرح السياسي، تحصل منها على ماتبتغيه من المكانة حتى وان لم تتقلد أي (منصب سياسي رفيع) في المستقبل ، لكن (حضورها المتميز) يبقى لافتا في كل الأحوال!!
قد لايعجب هذا الكلام الكثيرون وقد يلوموني( البعض) على تناول شخصية من هذا النوع ، لكنني اقتنعت منذ فترة بأن الكتابة عنها يمكن أن يشجع آخريات على ولوج عالم السياسة والحضور الفاعل، وكم تمنيت في فترات سابقة وعبر مقالات كتبتها في أكثر من موقع ان تصعد (إمرأة عراقية) الى أعلى سلطة في العراق كـ (رئيسة وزراء ) ففي العراق طاقات نسوية، يستحق ان يتقلدن أرفع المناصب، وهن يتفوقن على كثير من رجالات السياسة في حضورهن اللافت المؤثر الذي يمكن ان يكون (انتقالة نوعية) في مسار ومستقبل السياسة في هذا البلد بعد ان (تخلى) كثير من الرجال عن (شرف المسؤولية) حتى راح يسقط كثيرون في مهاوي الفساد والرذيلة، وقد (صخموا) وجوههم امام شعبهم، حتى أوصلوه الى الحالة التي لاتليق بشعب العراق أن يصل اليها..نحن فعلا بحاجة الى إمرة متمكنة من نفسها تقود البلد ، قد لاتكون ( الفتلاوي ) من بينهن ، لكن هناك ( خلف الواجهة ) نساء يمتلكن المكانة وقوة الشخصية لأن يتبوأن المركز الأول في السلطة ، عن إستحقاق وجدارة، علهن ينتشلن البلد من ركام الحطام الذي جثم على صدر العراق طويلا ، ويعدن له المكانة التي فقد بريقها، بعد ان خيب الرجال ظن شعبهم بهم، حتى أصبح العراق يضرب به المثل ، لدى كل دول العالم على انه البلد الأسوأ في كل شيء، وقد تدحرجت سمعته الى الحضيض، وهو بحاجة الى (منقذ من الضلال) ان وجد من يمكن ان يقوده الى شاطيء الأمان..وبإمكان إمرأة عراقية لديها ضمير حي ، ان تقود البلد الى شاطيء الأمان، وتعيد له اعتباره الذي افتقده منذ سنوات!!