23 ديسمبر، 2024 6:33 م

156  شخصية عراقية متورطة بنهب المال العام

156  شخصية عراقية متورطة بنهب المال العام

عندما نتحدث عن مكافحة الفساد نتحدث عن الشفافية والمساءلة والمحاسبة وعن حماية المال العام بتشريعات تفتح الباب على مصراعيه  لكشف ملفات خطيرة  قد تقلب موازين  القوى خاصة وان المتهمين بها يحتلون مراكز مهمة  في قيادة العملية السياسية في العراق.
. إذن لا يستقيم القول بحماية المال العام من الهدر من دون مكافحة الفساد  ومن دون تطبيق التشريعات استناداً إلى مبدأ المساواة امام القانون .. وفي ضوء ذلك فأن التصرف في المال العام جمرة حارقة لايمكن اطفاءها ..  فالمال العام امانة في اعناق من كلف بحملها او ادائها .. وسرقة المال العام ظاهرة انتشرت في العراق وتفاقمت بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003   .. وربما يظن الفاسدون والسارقون ان الموضوع هين لان المال المسروق ملك للدولة وليس لاشخاص لكن الحقيقة ان سرقة المال العام هي اشد تأثيرا من سرقة المال الخاص لان المال العام هو ملك الشعب  وليس ملك شخص وسرقته حتما سيؤدي الى موت  مواطنين ابرياء  بحاجة الى ادوية وخدمات .. وسراق المال هم قتلة ومجرمون اشد خطرا من  الارهابيين وعملية  الابلاغ عنهم  ووضعهم تحت المساءلة القانونية عملية وطنية  تتطلب تظافر كل الجهود للقضاء على المفسدين ويا مكثرهم في العراق  حيث تؤكد تقارير وزارة الخزانة الامريكية  وجود 156  اسما من الشخصيات العراقية التي تبوأت مناصب عليا  ووسطية تورطت بنهب المال العام  وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي  قد  وجه  بتشكيل لجنة مشتركة تضم عددا من العسكريين ورجال أمن من ذوي الخبرة مهمتها مراقبة اداء الدوائر الرقابية لكشف اللصوص واستحصال الموافقات بالقبض عليهم واحالتهم للقضاء وان الحكومة بانتظار قوائم اخرى من الجانب الامريكي ويقال ان خلايا تشكلت لجمع المعلومات عن هذه الشخصيات لمنع سفرها واحتجازها  وان معظم المتورطين بالسرقات هم قادة كتل سياسية ومسؤولين كبار في الدولة  العراقية .. لكن هذه اللجان  لم تكشف لحد الان نتائج التحقيقات واسماء الشخصيات المتهمة بالاختلاسات والاجراءات المتخذه بحقهم مما يؤشر وجود خلل كبير في تشكيلة هذه اللجان التي ربما تكون قد تعرضت لضغوطات من شخصيات نافذه لحفظ التحقيق .. ومهما تكن طبيعة عمل هذه اللجان  فانها  تؤشر وجود خلل  في بنية النظام الحكومي القائم على المجاملات  والعلاقات المشبوهة والعمل  وفق مبدأ ” طمطملي و طمطملك ”  كما تؤشر وجود خلل في تركيبة  وبنية المجتمع العراقي والانظمة المتعاقبة على حكم العراق بعد سقوط النظام الملكي الذي كان زعماءه يتحلون بصفات وقيم نبيلة مازال الموطن العراقي الذي عاصر تلك الفترة   يتذكرها  بشيء من الفخر والاعتزاز برموزها حيث كانوا يشكلون في تصرفاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية مع افراد الشعب تمازج جميل يدلل على بساطتهم .. ومن  الاحداث  التي تدلل على نزاهة وبساطة العائلة المالكة وبالاخص الملك الراحل غازي حيث كان يعيش عيشة بعيدة كل البعد من كونه ملكا منذ فترة شبابه حتى مقتله عام 1939  .. فقد ظل  هذا الملك بسيطا نزيها لم تتلوث يداه  بسرقة المال العام .. ويقول احد المقربين من الملك ” فوآد عارف”  ..  في يوم من ايام  صيف بغداد كنا انا وجلالة الملك غازي وحدنا في سيارته كنت جالسا بجواره وهو يقود السيارة لاحرس ولا حماية فجأة وقبل وصولنا الى بناية اورزدي باك الحالية في شارع الرشيد توقف وقا ل ” كاكه فوآد روح اسأل صاحب الشركة عن سعر تلك السيارة المعروضة ” فعلا كانت هناك سيارة في الجامخانة حمراء سبورت من دون سقف ” سيارة شبابية ” معروضة للبيع .. ترجلت من السيارة وظل الملك وحده في سيارته ينتظرني   استقبلني صاحب الشركة او وكيل الشركة قدمت نفسي وقال ” اعرفك استاذ لماذا لايتفضل جلالة الملك ويتناول  شيء ” .. وجرى بيننا حديث عن سعر السيارة  فقال ” ان سعرها 1550 دينار بس لجلالة الملك اقل بجم دينار 10 او 20  شكرته وعدت الى جلالته واخبرته بالموضوع صمت قليلا وقال ” كاكه فوأد شكد عندك فلوس ” فقلت له ” مولانا ماعندي غير 150 دينار جمعتهن من رواتبي لسنوات”
 وقال فوآد عارف ” عدت الى البيت وجمعت من الوالدة والخالات والعمات مبلغ 350  دينار زائدا تحويشتي  فاصبح لدينا خمسمائة دينار وبعد نحتاج الى الف دينار ” واخبرت الملك بذلك وظل الملك حائرا وقال ” كيف سنرتب الباقي ونشتري السيارة ” .. في الحقيقة تعجبت وحينها طرحت عليه ان يطلب المبلغ من وزير المالية وينتهي الامر فطلب مني ان اتصل بوزير المالية وانقل له رغبة الملك بمقابلته مساءا في القصر .. في المساء حضر الوزير بالملابس الرسمية وبعد ان جلس وتناول شيء ثم نظر الىٌ الملك نظرة افتهمت يريد ان افتح الموضوع مع الوزير حينها   دار بيني وبين الوزير  حديث حيث قلت له ” معالي الوزير مولانا طلبكم لامر ” فقال وزير المالية ” انا بخدمة مولانا ” فاخذت احكي له قصة السيارة .. سكت الوزير برهة وقال ” وفق اي قانون اصرف المبلغ .. قانونا ميجوز لان مولانا عنده سيارتين وحدة رسمية والاخرى  شخصية الا اذا اراد مولانا  ان اخرج عن القانون .. وكتها كل الخزينة تحت تصرفه بس مولانا علمنا الالتزام بالقوانين وهو ابو القانون ” كان كلام الوزير كالقنبلة ساد بعدها  صمت رهيب  حيث لم نتوقع ان يكون هكذا رد الوزير وبعد فترة من الصمت نطق  الملك  بالاستجابة لطلب الوزير بالرفض وبدأ يعتذر من الوزير واوصله الى باب الغرفة .. ثم عاتبني بشدة وقال ” الصوج منك كاكه فوآد الوزير على حق ” .. انتهت القصة .. وبعد اسبوع كنا سوية انا والملك  واذا بنا نشاهد نفس السيارة يقودها احد اثرياء مدينة السليمانية المدعو عبد الله لطفي .. اسرع الملك وطلب مني ان اسأله بكم اشتراها .. فسبقناه واشرت له بالتوقف وترجل من سيارته وجاء وسلم على الملك سألته عن السعر الذي دفعه من اجل شراء السيارة فقال ”  اشتريتها بالامس بمبلغ 1550  دينار نقدا .. وعندما عرف سبب سوآلي الح ان يهديها الى الملك لكن  الملك رفض بشدة رغم محاولات مالك السيارة .. هكذا كانت اخلاق الملوك   فهل نتعض ونقتدي باخلاقهم ونزاهتهم .. فيا قادة الكتل والمسؤولين كونوا بسطاء سمحين في اعمالكم  وحافظوا على المال العام .. فليس الصلف ولا القسوة ولا التعالي على القوانين  من دلائل النجاح وعلو الهمة .. فاعظم الناس وانجح الناس هم اكثرهم بساطة وليونة ورحمة .. وليكن قدوتكم من سبقكم من الملوك والامراء والرؤساء ..