زيارة الحكيم للقاهرة .. خطوة في مشوار نحو العرب وابتعاد عن طربق إيران الشائك

زيارة الحكيم للقاهرة .. خطوة في مشوار نحو العرب وابتعاد عن طربق إيران الشائك

كتب – رضا خليل :

قام رئيس التحالف الوطنى في البرلمان العراقى، “عمار الحكيم”، بزيارة لمصر في 18 نيسان/ابريل الجاري، عقد خلالها عدد من اللقاءات مع الرئيس “عبد الفتاح السيسي” ووزير الخارجية “سامح شكري” والإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور “أحمد الطيب” ومفتي الجمهورية، بحث خلالها عدد من الملفات الهامة في الساحة العراقية ولاسيما مبادرة التسوية التاريخية التي طرحها “الحكيم” لمرحلة “ما بعد تنظيم داعش”.

كما اقترح ائتلاف “التحالف الوطني العراقي” على مصر عقد مؤتمر إقليمي بشأن حوار تشارك فيه القوى المحورية بالمنطقة، ويشمل بالإضافة لمصر كلاً من “السعودية وتركيا وإيران”.

الحكيم في الاردن

فيما لفت الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” إلى العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين، مؤكدًا على حرص مصر على الوقوف بجانب العراق ودعمها لوحدته وسيادته على كامل أراضيه، ومساندتها لكافة الجهود الرامية إلى استعادة الأمن والاستقرار في هذا البلد العربي الشقيق.

وأشار الرئيس المصري إلى أهمية تجاوز الخلافات بين مختلف الكتل السياسية والحيلولة دون محاولات إشعال الفتنة والانقسام المذهبي والطائفي. مؤكدًا على ضرورة تكاتف كافة طوائف المجتمع العراقي لتحقيق مصالحة وطنية تساهم في تعزيز وحدة النسيج الوطني وقطع الطريق على محاولات بث الفرقة.

الإنفتاح على العرب بديل العلاقات الإيرانية..

أعتبر عدد من المراقبين أن الزيارة تأتي ضمن مساعي العراق للعودة للساحة العربية واستبدال علاقتها بإيران بتوثيق علاقتها مع الأشقاء العرب، خاصة في ظل المتغيرات الدولية بعد تولي “دونالد ترامب” الرئاسة الأميركية وتصعيد لهجته ضد إيران، خاصة أن رئيس الوزراء  العراقى “حيدر العبادي”، كان قد حذر قبل شهر من تحويل العراق لساحة صراع بين أميركا وإيران، بالاضافة إلى أن المراقبين رأوها محاولة لتهدئة الصراعات الطائفية التي تعصف بالمنطقة وبالعراق بشكل خاص في ظل انتشار التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة.

فى البداية يشير مساعد وزير الخارجية المصري السابق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير “رخا أحمد حسن”، في حديثه لـ(كتابات)، إلى أن أهمية هذه الزيارة تنبع من كون “عمار الحكيم” من القيادات الهامة في العراق، ويرأس أحد أهم الفصائل السياسية والدينية  النافذة داخله، والتي لها دور مهم في الحياة السياسية خلال المرحلة الراهنة، ومن المتوقع أن يستمر خلال المرحلة المهمة التي يقبل عليها العراق.

مضيفاً “رخا”، أن العراق مقبل على مرحلة مهمة في تاريخه، وهي مرحلة إعاد بناءه سياسيًا واقتصاديًا، خاصة فيما يتعلق بعملية المصالحة الوطنية التي هو بأمس الحاجة إليها، ولأن مصر  تؤيد العراق تأييدًا بلا أية تحفظات، بهدف التخلص من “تنظيم داعش”، فمصر تريد التخلص من هذا التنظيم بغض النظر عن الاتجاه الديني الذي  ينتمي إليه داعش.

كما أن مصر يهمها عودة الاستقرار للعراق، وعودة بلاد الرافدين إلى العمل العربي المشترك. وقد لوحظ ذلك منذ العام الماضي، حيث كان هناك تقاربًا كبيراً بين القيادات العراقية وبين القاهرة على الصعيد الاقتصادي، خاصة في “قطاع النفط” وكذلك على “الصعيد العسكرى” فيما يتعلق بالتدريب.

ويؤكد رخا، على أن “ما يهم مصر بالدرجة الأساسية هو العراق ككل بغض النظر عن الطائفة التي تنتمي إليها الحكومة، سواء كانت كردية أو سنية أو شيعية، حيث تنظر مصر إلى العراق بإعتباره البوابة الشرقية للأمن القومى العربي، لذا فلابد من استعادة دوره والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، وتقوية تلك الوحدة لن تتم إلا من خلال المصالحة الوطنية الشاملة”.

ملمحاً رخا، إلى أنه بجانب أن الزيارة تأتي لتقوية العلاقات والتفاهمات بين البلدين، غير أنها أيضًا تعد إشارة على أن مصر تقف على مسافة واحدة من “السنة” و”الشيعة” في العراق، خاصة أن الزيارة تأتي في ظل استمرار الحرب في مدينة الموصل ضد “تنظيم داعش”، وهو ما يؤكد على أن الزيارة آثارت تساؤلات حول الوجهة القادمة للتنظيم الذى يضم نحو 15 – 20 ألف مقاتل بعد هزيمته في العراق.

مصر.. طرف غير متورط في العراق مثل غيره..

بينما ارجع مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير “هاني شاش”، في تعليقه لـ(كتابات)، تلك الزيارة إلى العلاقات التاريخية بين مصر والعراق، “كما تبرهن أيضًا على أن مصر تتميز بأنها ليست طرف متورط في تأييد أي من أطراف الصراع في العراق، لذلك يتمتع الموقف المصري بإستقلالية بعكس غيره من القوى الأقليمية في المنطقة”.

مضيفاً “شاش”، أن “هناك محاولات محمودة نمر بها حاليًا لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة أن مصر تستقبل كافة التيارات السياسية في العراق، وأن الكل حينما يتوجه للقاهرة يعلم أن موقفها يختلف عن موقف قوى اقليمية آخرى لها مصالح وأهداف داخل بغداد.

ملفتاً إلى أن “هناك هدف مشترك للقاهرة وبغداد، وهو القضاء على تنظيم داعش بإعتباره أكبر مصدر إرهابي  يهدد الأمن والاستقرار في البلدين، إذ أن القوات العراقية تخوض حربًا واسعة  ضد داعش، وكما نحن نعرف فإن “داعش” لا يتكون من خلايا عنقودية، لكنه يتشكل عبر الافكار التي ينشرها على “شبكة الإنترنت”، لذلك فإن هزيمة داعش في الموصل سيكون لها آثارًا على  ما يعرف بـ”تنظيم ولاية سيناء”، الذى يحاربه الجيش المصري، حتى وإن كان التنظيمين غير متصلين عضويًا ببعضهما البعض”.

 اهمية الزيارة تنبع من رؤية الإئتلاف الذي يمثله “الحكيم”..

كما يؤكد نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية “مختار غباشي”، لـ(كتابات)، على أن دلالات اللقاءات المتعددة لـ”عمار الحكيم” في القاهرة، تأتي  لكون الحكيم أحد الأقطاب المهمة في الساحة العراقية، وأنه من المعروف أن الساحة السياسية في بلاد الرافدين باتت عبارة عن تكتلات سياسية ومرجعيات دينية، والحكيم واحداً منها، إذ أن له ائتلاف مهم جداً داخل البرلمان.

مشيراً “غباشي”، إلى أن “هذه الزيارة مهمة للغاية كونها تضع الآليات الخاصة بعودة العلاقات المصرية العراقية، وكما أنها تأتي في إطار التوجه الجديد لصناع السياسة العراقية، في أن تكون “القاهرة والرياض” بديلاً للعلاقات مع “إيران”.

ويلفت غباشي، إلى أن الزيارة تكشف عدد من الحقائق، “أولاً حقيقة علاقة العراق بإيران على حساب الدول العربية، وكذلك حقيقة رؤية العلاقات العربية العراقية ورؤية الائتلاف الذي يمثله الحكيم في العلاقة بين السنة والشيعة خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن هناك شرخ كبير في هذه العلاقة صنعه الاحتلال الأميركى، بل جعل هذا الصراع ضمن الدستور العراقي نفسه والذي هو ملئ بالفخاخ في هذا الشأن”.

وتابع أن “الزيارة تأتي أيضًا في ظل حقيقة تقسيم العراق ومطالبة “أقليم كردستان” بالانفصال، وحقائق المشاكل في “كركوك والموصل”، وكذلك سيناريو تقسيم نينوى، خاصة أن الشأن العراقي مهم للغاية لمصر لاسيما أن مصر ترفض رفضًا قاطعًا فكرة تقسيم العراق.

زيارة الحكيم لها جوانبها السياسية والاقليمية الهامة للغاية..

من جانبه أكد الإعلامي والأكاديمي العراقي الدكتور “فاضل البدراني”، لـ(كتابات)، أن دلالات هذه الزيارة السياسية تكمن في كونها رسالة لتطبيع العلاقات العراقية مع الأشقاء العرب. لافتًا إلى أن “الحكيم” شخصية سياسية ذكية، “فهو يدرك أن المتغيرات الدولية في المرحلة الحالية، ومرحلة ما بعد داعش تتطلب تطبيع العلاقات مع الدول العربية، وبما أن مصر هي الباب الكبير لأي علاقة فيجب البدأ منها.

الحكيم وايران

وأضاف “البدراني”، أن “هناك أمر آخر يتعلق بالزيارة حيث أن هناك مهمة لعمار الحكيم خاصة  بإيران، كونه يعرف أنه يُنظر إلى تياره أنه على مقربة من القرار السياسي الإيراني، وانهم متعاونون مع إيران على حساب العرب، لذلك يبدو أنه قرأ التغيرات الدولية جيدًا خاصة فيما يتعلق بموقف الادارة الأميركية الجديدة برئاسة ترامب والتهديدات التى يرسلها من وقت لآخر لإيران، والتي أعتبرت بمثابة رسائل للسياسين العراقيين بأن يخففوا من علاقتهم  مع  إيران”.

ولفت إلى أنه “من المرجح أن الإئتلاف سار على تلك المعطيات، لذلك حاول أن يعطي انطباع  أن التحالف الوطني العراقي، والحكومة العراقية التي انبثقت عنه والمتهمة بأنها قريبة من إيران، فهى أيضًا نفس الحكومة التي هي حاضرة في العواصم العربية الآن بدليل أنها تتواجد فى أكبر بلد عربي سني وهي مصر”.

والزيارة بقدر ما تحمل من دلالات سياسية، فهي تحمل دلالات اقليمية وطائفية، خاصة فيما يتعلق بزيارة “الازهر الشريف” و”الكاتدرائية المرقسية”، وذلك في محاولة لتهدئة الشحن الطائفي الحاصل في المنطقة والعراق على وجه الخصوص.

ويشير “البدراني” إلى أن “هذه الزيارة كان من المقرر أن تتم فى كانون أول/ديسمبر الماضي،  وخلال هذه الفترة بالطبع فإن ملفات الزيارة قد تغيرت نظراً لكون الأوضاع في المنطقة العربية  كالرمال المتحركة، إذ تتغير بشكل دراماتيكي، خاصة فيما يتعلق بالحرب على داعش الذي كان يسيطر على 30% من مساحة العراق، بينما بات اليوم محاصر في كلاً من المساحات الضيقة التي يتواجد فيها في الموصل وكذلك في محافظة الانبار، وعلى صعيد الأوضاع الداخلية في العراق، فإن هناك قدرة للقوات الأمنية على المناورة مع التنظيم كما أن هناك نوعاً من التلاحم بين الشعب وقوات الجيش، لذلك هناك أمل في ان تسير الآمور نحو الأفضل”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة