الوزراء يشكلون العمود الفقري للجهاز التنفيذي للدولة. و عندما يكون بعض الوزراء، في حالة من اللامهنية و يبتعدون عن تحمّل مهام المسؤولية، نجدهم ينهارون في اول أزمة تمر بها الحكومة. على عكس ما تفرضه عليهم ضوابط الوظيفة الادارية، التي تضع كل موظف موجود في كيان الدولة، تحت طائلة لوائحها القانونية في ممارسة واجباته، و حدود مسؤولياته، فتحدد ما له و ما عليه.
والوزير كموظف في الدولة، يشغل أرفع مستوى قيادي، على مستوى التنفيذ و الادارة، فلا يحق له أن يغلق مكتبه، على حين غرّة، و يسلّم مفاتيحه الى وكيل الوزرارة، بعدما يكتب استقالته، التي لا تتعدى سطرين من الكلمات، و يرسلها بالبريد الى رئيس مجلس الوزراء. هذه كارثة في العمل السياسي، بكل ما للكلمة من معنى.
عندما يرغب الوزير بالاستقالة، لاسباب تتعلق بعدم قدرته، على قيادة الوزارة، عليه ان يقدم الاستقالة بالطريقة القانونية، و ينتظر ردّ رئيس مجلس الوزراء على طلبه. فربما رئيس الوزراء، غير مهيأ لايجاد البديل عن الوزير المستقيل، الأمر الذي يتطلب بعض التريث لقبول الاستقالة، لتفادي حصول أيّ فراغ فني أو اداري، في بناء الحكومة، فينعكس ذلك سلباً على مصالح الشعب، التي اقسم الوزير أن يكون مخلصاً على صيانتها.
لكن يبدو ان بعض الوزراء، في حكومات العراق الجديد المتعاقبة، لا يضعون لما تقدم اي اعتبار، فالوزير عندما (يزعل) لأمر مّا، فأول عمل يقوم به، كتعبير عن هذا (الزعل)، هو تقديم استقالته و غلق باب مكتبه، و تسليم المفاتيح الى الوكيل، او اي موظف يأتي بعده، وينتهي الموضوع. هذه الحالة تكررت عدة مرات، خلال العقد الماضي من عمر وزارات العراق الجديد.
فعلى ماذا تؤشر هذه الحالة؟. الجواب:
هذا النوع من الوزراء، يعكسون حالة الانتهازية التي يتقمصونها، كما يكشفون للشعب خوفهم من كشف المستور، الذي يتوارى خلف كراسي مسؤولياتهم. و الذين يحسبون ان هذه الاستقالات المفاجئة، ستبعد عنهم تهم الفساد، و ستمنحهم مفازة للخلاص من مسائلة الشعب الغاضب عليهم. هذه التهم التي لا يكاد ان يسلم من دنسها، إلاّ ما رحم ربي من المسؤولين.
فالشعب العراقي يغلي أَلماً، على كل المفسدين الذين سرقوا قوته، و تركوه في مهب الريح. كما ان الشعب العراقي يدرك جيداً، إِنَّ الخروج من صف الحكومة و المفسدين، و محاولة الوقوف في صف الحياد، الاعيب مكشوفة للجميع، و سيكون يوم المظلوم على الظالم، أشد من يوم الظالم على المظلوم، و الله المستعان.