5 نوفمبر، 2024 11:27 ص
Search
Close this search box.

غاب الدنيا!!

غاب الدنيا!!

الدنيا غاب فسيح تتسيّد فيه الأسود على الغزلان والخرفان والثيران والحمير , ومن حولهما بنات آوى والضباع التي تماري وتُحايل لكي تسلم على حياتها وتقتات على فضلات طعام.
وهذا قانون الدنيا الفاعل الحاكم المارد المفترس المُقيم!!
وما خرجت الدنيا من هذه الدوامة الغابية وما عرفت غيرها سبيلا للحياة , وحاولت الأجيال تلو الجيال , ومنذ فجر الحضارات أن تجد مخرجا منها لكنها فشلت , وتكرر فشلها بعدد تكرار الأنبياء والرسل والمفكرين والمُصلحين من أبناء البشرية جمعاء.
وفي القرن العشرين الذي أزهق أرواح الملايين وخرّب المدن وإستباح المحذورات , وبعد أن ألقت الحرب العالمية الثانية مراسيها , إجتمعت الدول المنتصرة فيها , ووضعت لوائحَ وفعّلت منظمات عالمية هدفها الحفاظ على السلام والتدرّع ضد الحروب , بمعاهدات ومواثيق ومعايير أخلاقية تؤمن بأن للإنسان حقوق وقيمة.
لكنها أبقت على قوانين القوة المتمثلة , بحق الفيتو للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن , وأن أي قرار لا يخدم مصالحها ونزعاتها التسلطية المحكمة على مصير الآخرين لا يمكنه أن يمّر , ونجم عن ذلك تعبيرات غابية متوحشة بأساليب قانونية معاصرة.
ومع ما يسعى له البشر في أروقة الأمم المتحدة للتأكيد على السلام العالمي , لكن ذلك أشبه بالسراب , لأن إرادة الغاب هي الغالبة والمهيمنة على تفاصيل السلوك المتواصل ما بين الدول , ذلك أن معظم ميزانياتها مخصصة للحروب وشراء الأسلحة وأن نسبة قليلة منها لغير ذلك , أي أن ميزانيات الدول كافة رهينة الموت وعدوة الحياة.
فالدول النووية لا تتجاوز العشرة , وهي تحتكر هذه القدرة التدميرية وتتسابق في تطويرها , حتى أنها لتملك ما يفني الوجود الأرضي عن بكرة أبيه , وهي التي تنقض على أية دولة أخرى إذا فكرت بإمتلاك سلاح كسلاحها , فالدول الصناعية الكبرى عمود إقتصادها بيع السلاح للدول التي تعجز عن صناعته , وهي بهذا السلوك تقبض على مصير الذي يشتري سلاحها.
ولهذا فأن القول يصح أن الدول الكبرى تتحكم بمصير الدول الصغرى , التي لا تصنع سلاحها وتعتمد على غيرها في الدفاع عن وجودها في مملكة الغاب الشرسة , وأن الأسود لا تزال تزأر في الغاب , وأنها القوية العادلة مهما إرتكبت من جرائم ومَظالم , والثعالب تصفق لها , والضباع تحاوطها , والماء يجري والحياة تتواصل مهما كانت التفاعلات السائدة فيها.
وتلك رؤية ذات أدلة دامغة لا تنتصر عليها أساطين الأكاذيب الفتاكة , وإن تمادت بزئيرها , وعدوانها على شمس الحقيقة والبرهان!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات