كيف نفهم سيد الكظم اﻹمام الكاظم (ع) في ذكرى شهادته؟ هنالك من يفهمه وفق سرادق يقيمها ليقيم العزاء فيها ,وآخر يعبر عن فهمه بالمشي نحو مقامه المكرم ,لكن علينا الولوج لحياته ومعرفة عمق صبره وتحمله للوجع واﻷلم الذي لحق به وهو ثابت الموقف والصلابة بوجه مستبد يخاطب الغمام بأن خراجها عائداً له أينما حلت ووطأت،لم يكن لديه جيش وسلطة وعصابات تقتل وتسرق وأبواق تزمر ,إنما كان لديه مشروع نهضوي أصلاحي بأن تعيش اﻷمة بكرامة دون أن يسيرها أقزام القوم وسفهائهم وهذا لن يتحقق الا بإصلاح النفس أولا ,ومن ثم تغيير ما حولنا ،لم يتنازل الإمام عن مبادئه وثوابته التي تشكل هويته وعدم التنازل عنها ,هو درس يعطيه لنا في الصمود وعدم الخنوع والانحناء لمتغطرس يريد الاستحواذ على مقدرات الرعية,وأن يكون لدينا مواقف واضحة بأتجاه الحق ليس فيها لبس وغموض ومهادنة أو مساومة مقابل شيء ,وتركنا للمظلومين يستصرخون وجعاً دون أن نحرك ساكن لهم,في السكوت الحصول على امتيازات وغنائم ومغانم ,كان يحث محبيه على حب الخير للناس بقدر ما يحبه المرء لنفسه ،ومساعدتهم في قضاء حوائجهم وأنصافهم من ذوي السطوة والقوة وقوله :{ عَوْنُكَ لِلضَّعِيفِ مِنْ أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ},ويؤكد لبشر الحافي أن العبد عندما يكون صالحا يشعر ويفهم معنى العبودية لله ،عندئذ ستمنح العبودية لله الإنسان الى القوة والعزيمة والإصرار في الخوض مع الظالم ،علينا تثقيف الناس بأن ذكرى استشهاده هي تجديد للقيم الصادقة النزيه ,والعمل كما يريدون أئمتنا منا بحسن المعاملة مع المجتمع وبكل ألوانه وهوياته ومسمياته أن نكون صادقين بسطاء غير متكبرين متواضعين نسعى في خدمة حوائج الفقراء ,خطابنا الذاتي يكون كفعلنا الصادق ,لا نضمر شيء ونفعل شيء آخر , لا نحيك المؤامرات والدسائس ونضع العصي في عجلة أرزاق الناس ثم نبوب هذا الفعل تحت عنوان المصلحة ,لكن الحقيقة هي إسقاطات ذاتية يعيشها المسيء يريد منها مشاركة الآخرين معه وفق أهوائه التي ابتلينا بها ,سيدي يا من تركت فينا مناراً ونبراساً من ألق وهج فكرك النير المستنير ،سنبقى نحمل مبادئك بسلوك حسن يسر الناظر ويريح القلب ﻷننا عرفناك فكراً ومنهجاً,حسن العاقبة كانت بلا منازع لك أنت الذي قدمت ما
تملكه أحياءاً لرسالة السماء التي جاءت رحمةً للإنسانية ,فطاغيتك وجلادك وسجانك ومن تعاون معهم لم يجدوا لهم مكاناً في سجل التاريخ سوى في صفحاتها السوداء التي تشير من بعيد للتعريف بحجم الرذيلة .