23 نوفمبر، 2024 6:13 ص
Search
Close this search box.

 متلازمة ستوكهولم اصابة  المجتمع العراقي

 متلازمة ستوكهولم اصابة  المجتمع العراقي

حادثة حدثت في ستوكهولم _ السويد حيث سطا مجموعة من اللصوص على بنك هناك في عام 1973، واتخذوا بعضاً من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، وقاموا بالدفاع عنهم  ,علماء  النفس حللوا ذلك وقالوا ان الضحايا  كانوا  تحت ضغط نفسي كبير، فأن النفس  تبدأ لا إرادياً بصنع آلية نفسية للدفاع عن النفس لكي تحافظ على حياتها وهذه الحالة النفسية تبقى ملازمة للمريض لفترة من الزمن قد تطول حتى لو زال التهديد المباشر لها ويمكن معالجتها نفسياً.
فترة حكم صدام استمرت تقريبا اربعين عام مورس فيها شتى انواع الترهيب والترغيب ناهيك عن القتل والاعدامات فأن المواطن العراقي ارتبطت حياته بالمؤسسة الامنية الصدامية , المواطن لايستطيع ان يدرس الاختصاص الذي يريده الا اذا كان مؤيد لحزب البعث , ولايستطيع الحصول على فرصة عمل اذا كان مؤيد لنظام الحكم ولايترفع في منصبه الا اذا كان مخلصا لصدام حسين , لقد حكم صدام الشعب تحت تهديد السلاح , اي بمعنى اخر ان الجماهير كانت مختطفة , لذلك فأنها صنعت آلية نفسية للدفاع عن حياتها هذه الالية هي النفاق والتصنع والمجاملة وراحت تدافع عن النظام لان الدفاع عن النظام مرتبط ببقائها على قيد الحياة وهذا امتياز مهم , وعندما  تمت الاطاحة بصدام  شاهدنا كيف انقلبت الجماهير من حال الى اخر .
ماحدث بعد 2003 لن يختلف كثيرا عما حدث في عهد صدام , الاحزاب الحاكمة لجئت لنفس اسلوب النظام القديم , كل من اخرط بحزبهم او تنظيمهم له الاولوية بالعمل وله حصة الاسد بالمغانم , تم اغتيال المعارضين وتم اهمال كل من لم ينخرط بتنظيماتهم , وزادوا على ذلك انهم اتهموا كل معارض لهم بالزندقة والالحاد .
قد يتسائل البعض , وهذا ماحدث فعلا , لماذا المتظاهرون في ساحة التحرير كبار بالسن ولايوجد شباب , وهذه الظاهرة كانت موجودة بساحة التحرير قبل التظاهرات الاخيرة في تموز من العام الماضي , نقول ان كبار السن هؤلاء هم الذين حافظوا على انفسهم من النفاق والمجاملة وانهم تخلوا عن كل الامتيازات التي كان يعرضها لهم صدام , فكان الاستاذ الذي يتعرض للضغط والتهديد يترك مكان عمله ويتخلى عن وظيفته من اجل يربح نفسه ويحافظ على فكره وشخصيته وكذلك فعل الكثير من الفئات المثقفة والواعية , فلم يتلوثوا ولم يتأثروا بهذه المتلازمة النفسية لانهم فضلوا مبادئهم على تلك الامتيازات , والقصص كثيرة , منهم من اشتغل سائق تاكس , ومنهم من اصبح بائع جنبر في الطرقات ومنهم من فضل الهجرة والابتعاد عن الضغط والاضطهاد والاذلال . ونفس الشيء حدث معهم بعد 2003 , وهذا واضح من استبعاد الكفاءات والعناصر النزيهة المعروفة  اذ تم اقصائهم وتجاهلهم , هؤلاء كبار السن هم  من ايقظ روح المواطنة ,  هم من اعادوا  للذاكرة  القيم والمبادئ , على الرغم من قلة عددهم الا انهم النوعية اللازمة لايقاظ شعب بأكمله من غفوته .
نعم ان الشعب مخطوف وما  ان يتم تحريره من خاطفيه سيلتحق بالجماهير المنتفضة على ابواب الخضراء , على ابواب بؤر الخراب . نعم الشعب يحتاج للوقت والعلاج من هذه المتلازمة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات