19 سبتمبر، 2024 7:18 م
Search
Close this search box.

رجال الإصلاح/الحلقة الأولى

رجال الإصلاح/الحلقة الأولى

تتصاعد الدعوات الإصلاحية في البلدان في العادة من قبل أحزاب و جمهور المعارضة ، و يتركز عمل هذه الأحزاب على الضغط على الحكومة من آجل أجراء الإصلاحات ، و لذلك نشأت حركات و أحزاب في الكثير من البلدان بهذا الاسم ( التيار الإصلاحي ، حزب الإصلاح ، الاصلاحيون ) ، إلا أن المراقب للأحداث المتسارعة في الأشهر الأخيرة في العراق يُدرك أن هنالك فرقا كبيرا بين المعتاد في البلدان الأخرى و بين ما يجري في العراق ، فمطلب الإصلاح هو مطلب مجلس النواب و مجلس الوزراء و مطلب الجماهير و الرموز الدينية ، أي أنه على مستوى الخطاب مطلب الكل ، و هذه لوحدها تؤشر على أن مرض عضوي يضرب بالعملية السياسية في العراق ، و هو سعي الجميع أن يكون في التشريع و في التنفيذ ، و هو مؤشر على انحراف السياق الديمقراطي في الفعل ، الشيء الاخر هو أن كل ما يقدم لامتصاص غضب الجماهير و لاجراء إصلاحات ، لم يكن مقنعا أو على الاقل لم يكن بحجم المشكلات التي تضرب في عموم مؤسسات الدولة ، و يمكن لنا الذهاب أكثر فإن كل ما سيقدم لن يكن مقنعا و لن يستطيع أن يكون شيئا بحجم التحدي ، ما دام هذه الإصلاحات تنشأ من وسط هذا الواقع المنحرف الذي تعيشه العملية السياسية في العراق ، فلا يمكن بإي حال من الاحوال إعتبارعزل أسماء معينة من مواقع المسؤولية إصلاحا ، كذلك لا يعتبر تقليص النفقات هو الآخر إصلاح بإي شكل من الاشكال
الاصلاح هي عملية إنقلابية بمعنى من المعاني ، فإذا كان الجميع يتفق على أن إصلاحا ينبغي أن يجرى لتغيير هذا الواقع ، فإن هذا الإصلاح لن يتحقق إلَّم يحدث إنقلاب على هذا الواقع السيء ، فهل تعد إستخدام ذات الاليات و الوسائل التي شكلت هذا الواقع حلولا أو أليات للانقلاب و إصلاح هذا الواقع!؟
صحيح أن تغيير بعض المسؤولين السيئين عمل ضروري و جيد ، إلا أنه قد لا يقصد منه التغيير ، و هو كذلك لا يعني الاصلاح وإن كان جزء من العملية الاصلاحية ، فإن لم يتفق رجال الاصلاح على الهوية الوطنية للدولة العراقية و العمل على ترويج هذه الهوية عبر كل وسائل التنشئة من آجل خلق حالة وطنية في كل مناحي الحياة العراقية ، و إعتمادها كمنهج عمل لا يمكن لعملية الاصلاح أن تشق طريقها ، خاصة و أن أسباب كل ما تسبب بالازمات هي المصالح الغير وطنية
و من آجل منهج يُحكم لا بُد من ميثاق بعناوين قانونية مُلزمة ، فالدستور الذي يشكل المصداق الاكبر لهذا الميثاق ، في حالة مثل الحالة العراقية عليه أن يكون ( دستور خاص ) و هكذا القوانين ؛ تتناسب مع الظروف الاستثنائية التي تعيشها الدولة العراقية ، و هنا يطيب لي إستعارة المفهوم القضائي المعتمد في الاحتجاج : ( يقول القضاء في العادة أن العدل بالنسبة له هو تطبيق القانون ) فقد لا يرضي حكم قضائي هذا الطرف أو ذاك إلا أن ذلك لا يعني أن هذا الظلم ، و إذا ما أجمع العقلاء على أن الحكم غير منصف أو عادل ، فإن أمامهم القانون و ليس القاضي ؛ و هذا ما تنادي به السلطة القضائية في العراق عندما طالبها البعض بإصلاح قضائها ، بإن على من يتحمل واجب تشريع القوانين المناسبة للقضاء أن يقوم بعمله من آجل أن يتسلح القضاء العراقي بإداء مهامه التي يضطلع بها وفقا لميثاق الدولة الوطنية و هو ( الدستور و القوانين )

أحدث المقالات

أحدث المقالات