شوارع مطلية بالدم، أجساد أرهقها الألم، وفلاح يستجدي التراب، وألوان فقدت تلوينها، كل شيء أصبح بلا طعم ولا رائحة، حتى الحياة أمتلأت بنصف موت، وسكان القصور يتجولون بين أروقة الضحايا، يبحثون عن أخر رمق في هذا الوطن كي يقتلوه.ليتها لم تكن خضراء، وكانت بألوان جدرانها المعتمة، وقلوبهم المسودة، حيث استقر فسادهم، وبانت عوراتهم، وتشضى شرفهم، دعاة الأزمات ومسوقيها، ومحرفي الحقائق ومبدليها.تشهد الساحة العراقية، أزمة مفتعلة حقيقية، تدار بشكل مدروس، وعلى مستوى متطور من الخداع وتشويه وتضليل الرأي العام.. قبل عدة شهور من الآن، أنطلقت مظاهرات مطالبة، بتحسين الخدمات ومن ضمنها الكهرباء، في صيف ملتهب جدا، وهي مطالبة عفوية، غير منظمة من قبل أطراف معينة، إنما وجدّت بسبب تردي ذاك الواقع بشكل كبير.طريقة إدارة الأزمة، وتغيير مسارها، في ما يخدم مصالح حزبية، وجهة سياسية، تحكم سيطرتها على مقدرات الدولة بكل مقوماتها، المتابع للشأن الداخلي، يستطيع أن يرسم مخطط التغيرات، التي مر بها المتظاهرون، كيف تحولت مطالب إصلاحية، في الجانب الخدمي الذي يمس حياة المواطن اليومية، إلى مطالب تغيير وإقالة أعضاء البرلمان ومجالس محافظات ، واليوم تنادي بتغيير حكومي، ووزاري بدعوى(شلع قلع).لا نؤمن بنظرية المؤامرات، لكن الشواهد تفرض الوقوف والتمعن بحقيقة ما يجري، تسويق الأزمة الحالية، بما يتناسب مع مصالح حزبية، تعمل على إدارتها، بشكل يتناغم مع ما يريده البعض، لفرض رؤية جديدة، تصب في مصلحة الفاسدون والمتسلطون، ومن بيدهم دفة الحكم. وقع رئيس الوزراء في شر أعماله، طبقا للمثل السائد( من حفر حفرة لأخيه سقط فيها) بعد محاولته العزف على وتر التغيير الوزاري المزعوم، ثم انتقاله إلى فرضية التكنوقراط، التي أخذت صدى واسع في الأوساط الشعبية، أسقطته في مستنقع التغيير، حتى أُغرق في بحر (الشلع قلع)، دوامات تأخذه يمينا وشمالا، الوسائل التقليدية التي عمل بها نفس الحزب قبل عامين، لم تعد فعالة اليوم، وأدارته للازمة بفكر (أمينها العام)، لم يعد ينفع، فتطور الشعب العراقي السريع، مع قيادات بارزة بخلفية سياسية وإدارية متوارثة، أجهض حلم الدعاة، وباتت أيامهم قليلة.رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء: تقلص أوكسجين الخيارات، ولم يعد هناك وقت كافي، فطاولة الحوار، هي قارب النجاة الوحيد المتبقي، وما عداها غرق لا محال، فألازمه الحالية غير قابلة للتسويف، أو المماطلة، وأفكار حزبك الجبارة، في هذا المجال، لم تعد ناضجة، والفيضان قادم، والشعب صار يقتنع يوما بعد أخر أن (الشلع قلع) منطقية!.