يستمر مؤيدو وأتباع التيار الصدري بمظاهراتهم وإعتصاماتهم المليونية في العاصمة بغداد، طالبين الحكومة المركزية بإصلاحات حقيقية وجوهرية بمبدأ التكنوقراط بعيدة عن المحاصصة الحزبية، حيث سبق وأن دعا زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر أتباعه بالتظاهر السلمي في الجمعتين السابقتين، كانت الأولى منها في ساحة التحرير، التي حضر فيها السيد مقتدى الصدر وأعتلى منصة الخطاب، ووجه منها خطابا ثوريا كانت مفرداته مزدوجة بين الفصحى والعامية وبلهجات شديدة، أشارة فيه إنهم اليوم على أسوار الخضراء وغدا فيها، فيما كانت الجمعة الثانية هي تظاهرات سلمية من الملايين من أتباع التيار الصدري عند مداخل المنطقة الخضراء التي وصفوها بالحمراء وفق بيان السيد الصدر، فيما كانت الجمعة الثالثة هي إعتصاما مفتوحا في ساحة التحرير طاعة لتوجيهات السيد الصدر في بيانه الموجه لأتباعه وأنصاره، لحين إستجابة الحكومة للمطاليب الشرعية للشعب العراقي ومنها الإصلاح الجوهري والجذري للحكومة الحالية، وقد وجه السيد الصدر خطابا في حينها، دعا فيه لتنظيم شؤون المعتصمين والمتظاهرين، لعدم حدوث ثغرة للمخربين والمندسين الذين يرغبون بإسقاط العملية السياسية، ودعا فيه أن يكون الإعتصام سلميا ومفتوحا وعدم رفع غير العلم العراقي والهتاف للعراق فقط.
إجتماع كربلاء:
أجتمع قادة ومسؤولون التحالف الوطني في كربلاء المقدسة، أجتماعا ضم جميع قادة الكتل السياسية داخل التحالف الوطني، وبحضور رئيس الوزراء الدكتور العبادي، والسيدان عمار الحكيم ومقتدى الصدر، ووزيري الخارجية الجعفري والتعليم الشهرستاني والنائب علي العلاق، وتداولة وسائل الإعلام عن غضب السيد مقتدى الصدر في الإجتماع، وعدم توصله لنتائج مقنعه مع القادة السياسيين من خلال الإجتماع، مما أتخذ على أثره قرار الإنسحاب فورا من الإجتماع، ليترك القادة ويخرج منه قاعة الإجتماع بحاله، مما أصدر بيان رسمي خرح عن مكتبه الخاص في النجف الأشرف، يدعو فيه أنصاره وأتباعه ومؤيديه للإعتصام المفتوح في ساحة التحرير، والإنتقال من شلع إلى شلع قلع.
بيان إئتلاف دولة القانون:على أثر دعوة السيد الصدر للأعتصام المفتوح، أجتمع الخميس قبل جمعة الإعتصام، قادة وأعضاء ونواب أئتلاف دولة القانون، وعلى رأسهم زعيم الأئتلاف نوري المالكي ورئيس كتلة الدعوة النيابية علي الأديب، ووجه الإئتلاف بكلمة ألقاها زعيمه نوري المالكي من خلال الإجتماع بيانا للشعب العراقي، وقد وجاء في مضمون البيان التحذير من الإعتصام المفتوح الذي دعا إليه السيد الصدر، محذرين من الثغرات التي ستحدث بسبب هذا الإعتصام مما يتخذها الدواعش والبعثيين فرصة لدخول بغداد وإسقاط العملية السياسية، وداعين به إلى إجراء الحوار بدلا من الإعتصامات المفتوحة والتظاهرات التي تخلل الوضع الأمني في البلاد، مما يشغل ذلك القوات الأمنية عن واجبهم المكلفين به ضد الدواعش وسطواتهم المحتملة على بغداد.
التيار الصدري:تأسس التيار الصدري بعد أحتلال العراق في 2003، وهو تيار سياسي ديني يمتد لنهح الإمام الراحل السيد محمد الصدر الذي أبدأ رأيه بولاية الفقيه بإنها ليست مطلقة وإنما محدودة على منطقة معينة، وهذا ما يجعل التيار الصدري بخلاف مع قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويتبع التيار وأتباعه زعيمه السيد مقتدى الصدر بالتوجيهات والإرشادات والإشراف المباشر من سماحته، وللتيار الصدري حاضنة شعبية كبيرة في العراق وخاصة من مقلدي السيد محمد الصدر، على رغم من الإنشقاقات السياسية والدينية التي حدثت داخل هذا التيار، التي لم تؤثر فيه ولا بقواعده الشعبية وجمهوره وأتباعه، وأنحدرت من التيار الصدري وأنشقت منه كثير من الفصائل العسكرية المسلحة، ومنها عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي ومحمد الطباطبائي، وحركتي النجباء بقيادة أكرم الكعبي والأوفياء ولواء أبي الفضل العباس بقيادة أوس الخفاجي، وشكل التيار الصدري له جناحا عسكريا أسماه بجيش المهدي، الذي خاض معارك شرسه ضد القوات الأميركية، وخاصة في النجف الأشرف بمقبرة وادي السلام في العام 2004-2005 على أثر إغلاق صحيفة الحوزة من قبل القوات الأميركية وأدى لإعتقال القيادي البارز في التيار الصدري مصطفى اليعقوبي من قبل القوات الأميركية في غوانتانامو، ويعتبر التيار الصدري رئيس الوزراء السابق نوري المالكي العدو اللدود له، وذلك على أثر العمليات العسكرية وحملات الإعتقالات التي نفذها المالكي ضد أتباع التيار الصدري في جنوب العراق، التي سميت بعمليات صولة الفرسان وبشائر السلام، والتي كان الغرض من تلك العمليات فرض القانون كما سماها المالكي، بعد أن سيطرت المليشيات وفرق مسلحة على كثير من مدن جنوب العراق، مما صاروا يشرفون على الحريات الشخصية للمواطنين، مما تعرضن كثير من طالبات الجامعات لمضايقات بسبب الحجاب من تلك المليشيات، وتعرض كثير من الشباب للمضايقات من تلك المليشيات، بسبب إطالة الشعر وفق الأستايل والموديل الشبابي كما يعتقدوه شباب اليوم، وقد أجبر السيد مقتدى الصدر مكرها على التصويت لصالح المالكي بإنتخابات 2010 ليكون رئيسا للوزراء لدورة ثانية، بعد أن لبث في إيران لغرض إكمال الدراسة الدينية في قم المقدسة، ثم أمر السيد الصدر بتجميد العمل العسكري لجيش المهدي، وبعدها أمر بتشكيل لواء الموعود ليكون قوة ومقاومة ضد قوات الإحتلال الأميركي ورفض وجودهم في العراق، وبعد تعرض العراق للهجمة الشرسة من قبل أرهابي داعش وبدعم وتمويل خليحي – عربي، وبعد فتوى المرجعية الدينية في النجف الأشرف، التي دعت فيها بتأسيس حشد شعبي من المؤمنين لتصدي التوغل الإرهابي، بعد إنهيار المؤسسة العسكرية العراقية وسقوط أغلب مدن العراق وصار الخطر يقترب من بغداد وأماكن الأضرحة المقدسة، دعا السيد مقتدى الصدر إلى تشكيل سرايا السلام أحدى فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي لمقاتلة الإرهابيين الدواعش، داعيا أن يكون عمل السرايا مستقلا عن جميع الفصاىل الأخرى، وأن يكونوا تحت إشراف الحكومة العراقية، موصيا إياهم بعدم الإعتداء على منازل المدن المحررة والتحلي بالأخلاق الحسنة، وتسليم المدن لأهلها بعد تحريرها والخروج منها فورا، وعدم نحر والتمثيل بجثث الدواعش والإرهابيين عند قتلهم، ويعرف عن التيار الصدري بإستقلاليته الكاملة، ولم يخضع إلى أي دولة، ولم يتلقى الدعم من أي جهة خارجية أو داخلية، وهو قيادة عراقية بحته لها نفوذها وشعبيتها الكبيرة وثقلها في الشارع العراقي متمثلة بالسيد مقتدى الصدر.
كتلة الأحرار النيابية:تمثل كتلة الأحرار النيابية الهيئة السياسية للتيار الصدري برئاسة المتهم بهاء الأعرجي، وقد فازت الكتلة في الإنتخابات التشريعية الأخيرة ب34 مقعدا، فضلا عن ثلاث حقائب وزارية وهي الصناعة والأعمار والأسكان والموارد المائية، وتنفذ الكتلة جميع أوامر وتوجيهات زعيم تيارها السيد مقتدى الصدر، حيث وجه السيد الصدر مؤخرا بإجراء إصلاحات وتغييرات جوهرية برئاسة الدكتور العبادي، وأمهل الحكومة الحالية خمسة وأربعون يوما لتنفيذ تلك الإصلاحات داعيا أن تكون ملموسة وليس شكلية كما الحال مع الإصلاحات السابقة التي كانت مجردا كلمات طلقت كما يعتبرها الصدر، ودعا مؤخرا لإحتجاز المتهم بهاء الأعرجي لمدة تسعون يوما في الحنانة، داعيا المواطنين الذين يمتلكون عليه ملفات تؤكد تورطه بالفساد ونهب المال العام أن يحضروا للحنانة لتقديمها كي يتم الأقتصاص منه.
نقطة نظام:إن التيار الصدري هو جزء من العملية السياسية الحالية التي بنيت على المحاصصة والحزبية، وهو من الموافقين على حكومة المحاصصة والحزبية، حيث إن جميع الوزراء الحاليين هم بموافقة وتصويت نواب البرلمان جميعهم، ومنهم 34 نائبا عن كتلة الأحرار، واليوم نرى إن التيار الصدري قد خرج بمظاهرات وأعتصامات مليونية ضد حكومة هو فيها وجزء منها، ويستلم منها نوابه ووزراءه مخصصات وإمتيازات، فضلا عن حضورهم لجلساتها المنعقدة، نوابه، والمشاركة بثلاث حقائب وزارية فيها، ويتمتعون نوابه ووزراءه بمخصصات وإمتيازات برلمانية ووزارية وتعلن الحكومة للشعب إنها تمر بحالة من حالات التقشف المالي والإقتصادي، وكان من الأجدر على نواب ووزراء التيار الصدري مقاطعة جلسات مجلس الوزراء ومجلس النواب والإنسحاب من الحكومة الحالية، والعمل مع كتل سياسية أخرى داخل البرلمان، لتشكيل كتلة أغلبية كبيرة مع الأخرين لسحب الثقة من الوزراء الحاليين، وتشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة الدكتور العبادي، فإن للتيار ثقله في الشارع وأغلبية عدد أعضاءه في البرلمان، الذي يؤهل لتشكيل حكومة أغلبية تكنوقراط كما يدعون بمظاهراتهم ومطاليبهم وإعتصاماتهم الإصلاحية، فإن التظاهرات والإعتصامات في الشوارع لا تغير من الواقع شيئا، ولا تحرك ساكنا مالم يتم قلب العملية السياسية تماما، وتغيير قانون الإنتخابات وإعادة كتابة الدستور من جديد.
الإصلاح:إن التظاهرات والإعتصامات لا تؤدي إلا لحدوث فوضى عارمة في البلاد، وإحلال العمل بالقوانين والأحكام العرفية وحكومة طوارئ بقيادة الشعب كالفوضى، ومما سينتج عن سيطرة الشعب على الشارع ورفضهم لكل سياسي، ويصعب مص غضب الشعب وإحتواءهم إذا ثار وأنتفض في حال سيطرتهم على الشارع وإسقاط العملية السياسية الحالية، حيث يؤدي إسقاط العملية السياسية لفسح المجال للمخربين والمندسين بالعبث وتدمير ممتلكات الدولة وتعطليل الوزرات مما ستتوقف وتتعطل أمور وشؤون الناس العملية المتعلقة بدوائر الدولة وتعاد كرة عامي 2003 و 2004 مرة أخرى، وقد يتاح للمخربين والمندسين الفرصة بالنهب والسلب، وقد تتمكن الخلايا النائمة من البعثيين والدواعش من الإنخراط مع المعتصمين والمتظاهرين ويستغلوا فرصة ثورة الشعب، مما يؤهل ذلك تماما لدخول داعش ومن معها من إجندات ودعم وسيطرتهم على البلاد، وبتأييد ودعم خليجي – عربي الذين يسعون بجميع المساعي لحدوث الفوضى وإسقاط العملية السياسية، كما يعملون الآن على طوابير قنواتهم وإعلامهم بإدوات بعثية لتحقيق مآربهم وأهدافهم المشؤومة،
ولا يتم الإصلاح إلا ببعد جميع السياسيين الذين تم تجربتهم منذ 2006 الحكومة المنتخبة الأولى حتى الآن في الحكومة الثالثة المنتخبة بقوانين ودستور لا بفوضى وعنف، فقد فشلوا جميعهم في إدارة مهام وشؤون البلد حتى أوصلوه لهذا الحال الذي نحن عليه بأزمات مالية وإقتصادية تنشر الرعب والخوف في قلوب كثير من العوائل، ويكون إبعادهم وفقا لقاعدة المجرب لا يجرب، ويجب أن يبعدوا هؤلاء السياسيين جميعهم من الإنتخابات التشريعية، وتغيير الوجوه السياسية جذريا، ومنح لأخرين تكنوقراط التجربة السياسية لإدارة مهام وشؤون البلد، وتشريع قانون من أين لك هذا، مع تجميد أرصدة جميع السياسيين الذين أتوا بعد عام 2003،
وعليه فإن الإصلاح الذي يرغب به الكثير ويأمل منه الخير يكون هكذا:
1- ألغاء العملية السياسية الحالية وتغيير سلطة القضاء.
2- إقالة أعضاء البرلمان جميعهم، مع ألغاء جميع رواتبهم التقاعدية، وتجميد أرصدة حساباتهم المالية، وإجراء التحقيق اللازم معهم بقانون من أين لك هذا.
3- إقالة الوزراء جميعهم، مع ألغاء جميع رواتبهم التقاعدية، وتجميد أرصدة حساباتهم المالية، والتحقيق معهم بقانون من أين لك هذا.
4- تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة الدكتور العبادي، بوزراء مهنيين لمدة 6 أشهر، لتسيير شؤون وأمور الناس العملية تمهيدا لإنتخابات مبكرة.
5- تغيير قانون الإنتخابات جذريا، وكتابة قوانين جديدة وبإشراف دولي أممي.
6- إعادة كتابة الدستور وبإشراف دولي أممي.
7- إبعاد المحاصصة والطائفية والحزبية مع توزيع الحقائب الوزارية.
8- تقليص عدد النواب إلى 50 نائبا، مع مساواة الرواتب، وألغاء المخصصات والإمتيازات والحمايات.
9- تقليص عدد الوزراء إلى 15 وزيرا، مع مساواة الرواتب، وألغاء المخصصات والإمتيازات والحمايات.
10- إجراء إنتخابات مبكرة بمرشحين تكنوقراط، و يمنع مشاركة السياسيين السابقين الذين خاضوا التجربة السياسية بإدارة البلد من بعد 2003 حتى الآن.