17 نوفمبر، 2024 11:39 م
Search
Close this search box.

وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين…‎

وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين…‎

جاء رسول الله رحمة للعالمين جميعا، ولم يختص ويقتصر على المسلمين فقط، ومن ذلك المنطلق أدعو ممن ينتسبون ويدعون الإنتساب لرسول الرحمة والإنسانية، عليهم أن يثبتوا ذلك الإنتساب بصفاتهم وتصرفاتهم في حياتهم العملية اليومية، وفي عملهم اليومي، كما جاء به ذلك الرسول العظيم الكريم، وليس بالإدعاء والقول بالأفواه ماليس في القلوب،
ومن صفاته التي يجب أن تكون في الذين ينتسبون إليه، أن يصافحوا أحدهم الأخر، وأن يعفوا أحدهم عن الأخر، وأن يتناسوا سوء الفهم والمغالطات التي حدثت سابقا فيما بينهم، ويزيلوا الأحقاد والأضغان من قلوبهم على أحدهم، ولا يعملوا بمبدأ الثارات، ويقابلوا الإساءة والإحسان بالإحسان،
ويحثنا القرآن الكريم على أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وآله في الأسوة الحسنة، حيث كان ذلك الرسول الكريم يصافح كل من يرى في مسيره مهما كان فعله وعمله، ويعفو عما ظلمه ويقبل عذر من أعتذره، ولا يقابل بالإساءة، ويصفح بالصفح الجميل، ويبرز البشاشة والإبتسامة على وجهه، ويمنحهما لمن شاء من الناس بغض النظر عن دينهم ومذهبهم وفرقتهم وديانتهم الدينية،
فتحلوا وأتسموا بالخلق الحميد والأدب الرفيع، وتجنبوا النابي والبذيء والفاحش من اللفظ والكلام وأن ضاق عليكم الجواب، فإن المرء مخبوء تحت لسانه، فإن ((عباد الرحمن يستمعون القول ويتبعون أحسنه)) وليس أفشحه، ومن الإخلاق والآداب الترفع والرقي بالنفس دون مستواها، ذلك الدين القيم الذي يدعو إليه الله تعالى وبلغ به رسوله لدعوة الناس إليه دون إكراه بعد تبيان الرشد من الغي،
إذ يقول ذلك الرسول الأكرم بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وأدبني ربي أربعون سنة حتى قال فيني وإنك لعلى خلق عظيم،
وعلينا أن نبدوا البشاشة والإبتسامة على الوجوه، والطيبة والرقة في القلوب، تلك من الصفات التي جاء بها رحمة العالمين، إذ نبتسم وأن كان القلب يقطر دما، فإن البشاشة والإبتسامة تخترق القلوب والأفئدة وبهما نشق الطريق لا بالسيف والقوة، إذ إنهما جواز مرور إلى القلوب، وهي محط المحبة والمودة التي بنيت عليها الإنسانية، وجاء بها الدين الحنيف الذي يدعو إليه الله تعالى،
إذ علينا أن ننبذ الضغن وسوء الظن وإغتياب الأخرين، وذكر عيوبهم أمام الأخرين والطعن بهم، فلهم رب يحاسبهم، ولكم رب يجازيكم أن كنتم مؤمنين صادقين، فلا ضرر عليكم منهم ولا ضرر عليهم منكم، وكل نفس بما كسبت رهينة، فمن روى رواية عن أخيه أراد بها هدم مروته أمام الأخرين أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان ولم يقبله الشيطان،
فذلك خير دليل وشاهد على إن الدين والتدين هو أخلاق ومعاملات وليس عبادات وتهجد فقط، والمسلم من سلم الناس من يده ولسانه وليس من كثرة صلاته وكثر صيامه، فنحن ليس بمسؤولين عن إخلاق وتصرفات وعادات الأخرين، فمنهم من يتخذ الدين غطاءا ليتستر به للوصول لمآربه، وليس كل من أطال لحيته صار ممثلا للدين، فالحجاج كان تبتل لحيته من البكاء على الحسين وهو قتل ثلث زوار الحسين وذبحهم وشردهم، ولكن النصراني وهب رق قلبه ونصر الحسين يوم عاشوراء،
فإن الدين كاملا ومعتنقوه ليس بكاملين، فإذا كان ذنب مسلم اليوم جهله فما على الإسلام من جهل مسلم؟،  فليس الدين بالأقوال والأفواه والألسن، إنما بالقلوب والأعمال والتصرف العملي الحياتي إذ إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم وعضلاتكم، إنما ينظر إلى قلوبكم، حيث إن معاوية كان يصلي، فلم تنهاه تلك صلاته عن الفحشاء والمنكر، إذ إن صلاته كانت عادة تعود عليها، حيث ((الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر))، فقبل أن نؤدي الصلاة علينا أن نعرضها على تصرفاتنا العملية اليومية، ونرى مدى تأثيرها في حياتنا العملية اليومية، فإن التأثير هو دلالة وعلامة قبولها، فإن قبلت قبل ما سواها وأن ردت رد ما سواها،
فهناك كثير في زماننا الحالي ممن يصلي ويدعي التدين، وأطال لحيته وتختم في اليمين، وأطلق كلمات التدين المصطنعة، ولكن لم تسلم أعراض الناس من ألسنتهم النابية، بل يكون حصاد يومهم الأخباري مس أعراض الناس وذكرهم بسوء وفحشاء أمام الأخرين، وخاصة الذين رفضوا من بعض الفتياة اللواتي رفضن علاقتهم بهن، معتمدين بذلك عن مصادر “السوگ والديوانية”، وهناك كثير ممن يطيل النظر للنساء، مشخصا ومجسما ومفصلا لمفاتنهن وعوراتهن وثيابهن، ويجتمع في الليل مع ممن يصحبوه، كي يتداول معهم أخر تطورات ومستجدات النساء، ثم يقوموا معا كي يتوضأوا ليذكروا الله من بعد ذكرهم لأعراض الناس، فالتدين والحشمه للفتاة هي علاقة ما بينها وبين خالقها وربها حصرا، ولا جواز لأحد التدخل بتلك الخصوصية، وربما قد تتوب في يوم ما، ويتوب الله عليها ويغفر لها، ولكن النظر إليها وذكرها ومسها من قبل المرضى، قد لا يغفر لهم الله إلا برضاها،
وهناك أساليب شيطانية وقبيحة تقودها أنفس إمارة بالسوء وخاصة في بعض الجامعات والكليات أثناء الدراسة، إذ تسولهم تلك أنفسهم الدنيئة بالإنعجاب الشهواني بفتياة ما، مما يصنعوا حيل كالدراسة والاسئلة والأستفهامات، كي يتحدثوا معهن أو يتحدثن معهم بتلك الحجج الواهية، راغبون أو راغبات بذلك سماع صوتهم أو صوتهن، فأولئك ممن في قلوبهم مرض الذين يطمعون بسماع الأصوات، حتى نهى عن تلك الظاهرة الله تعالى بأمره للنساء ((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)) وأن كان سبب نزولها في نساء النبي، ولكن كحكم شرعي عمومي، وأن كان نزولها خاص،
فالتدين هو علاقة خاصة بين العبد وربه، ولا ضرر به ولا نفع للأخرين.
إما الأخلاق فهي علاقة عام بين المرء والمجتمع أو الناس عموما، وفيها ضررا ونفعا للأخرين، منهم سيء الأخلاق يضر الناس ومنهم ذهب الأخلاق ينفع الناس،
وفي الحديث الشريف:عالم كافر عادل خير من عالم مؤمن ظالم.
حيث هنا الفرق بين العدالة والظلم، وهما أخلاق فيهما ضرر ونفع الناس والمجتمع جميعا، إما الكفر والإيمان فهما تدين وعلاقة خاصة بين العبد أو الإنسان وربه، ولا ضرر فيه على الأخرين والمجتمع.
التدين للنفس خالصة وخاصة، والأخلاق مع الناس والمجتمع عامة.
فأعمل لدنياك كإنك تعيش ابداوأعمل لأخرتك كإنك تموت غدا

أحدث المقالات