منذ الاحتلال الأمريكي للعراق ولغاية اليوم أطلق مجاهدو خلق مئات بل آلاف التحذيرات من مخاطر الزحف الإيراني السريع والكثيف على العراق وسيطرة ملالي طهران وعملاؤهم في العراق على جميع مفاصل الدولة العراقية والتحكم بمقدرات البلد وزعزعة أمنه واستقراره ونهب خيراته ، لطالما حذرت المقاومة الإيرانية من مخاطر المد الإيراني طيلة السنوات الماضية ، لكن من أدركوا جدية هذه التحذيرات في بادئ الأمر لم يكونوا كثيرين ، فقط النخب الوطنية وبعض الأكاديميين والمثقفين عرفوا أن مجاهدي خلق صادقون وجادون في تحذيراتهم ، لكن المدّ كان أقوى من أن تقف بوجهه النخبة المثقفة في المجتمع العراقي .
واليوم.. اذا استرجعنا كل المآسي التي تسب بها المد الإيراني للعراق منذ 2003 ولغاية اليوم ، سنرى بوضوح أن كل تكهنات وتحذيرات مجاهدي خلق بهذا الخصوص جاءت مطابقة للواقع ، فملالي إيران زرعوا الطائفية بأبشع صورها في العراق منذ قيام الحرس الثوري بتفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء بحسب ما أعلنه قائد القوات الأمريكية آنذاك ، وباتت الميليشيات المدعومة من إيران تعيث فساداً في البلد وتقتل السنة والشيعة والكرد ، وتغلغلت هذه الميليشيات في الأجهزة الأمنية بمختلف صنوفها ، وفسدت المؤسسة القضائية ، وسيطرت الأحزاب الموالية لإيران على كل موارد البلد وعينت وزراء ومسؤولين فاسدين ، ثم هيأت إيران الأرضية لسقوط الموصل في قبضة داعش عندما أوعزت لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي بإصدار أمر مفاجئ لقواته بالانسحاب من الموصل دون قتال وفسح المجال لدخول داعش ، ثم عملت إيران على دمج كافة الميليشيات الموالية لها في كيان عسكري موحد خارج نطاق الدولة تحت مسمى (الحشد الشعبي) المرتبط بالمرشد علي الخامنئي ، وفي غضون ذلك استمرت التفجيرات في المناطق الشيعية ببغداد والمحافظات والتي معظمها تنفذها الميليشيات التابعة لإيران لإيهام الشارع الشيعي بأن أهل السنة هم من نفذوا هذه التفجيرات ، ثم تعلن قناة (العراقية) الرسمية والقنوات التابعة لإيران بأن (انتحارياً) نفذ التفجير في المنطقة الفلانية بدلاً من أن تقول أن ميليشيات العصائب أو الكتائب أو غيرها نفذت التفجير رغم إلقاء القبض على العديد من الشيعة الذين نفذوا تفجيرات دامية في مناطق شيعية !
وعلى الصعيد الاقتصادي ، أفلست خزينة الدولة بسبب عمليات النهب المستمرة لأموال البلد من قبل المسؤولين الحكوميين الموالين لإيران وتهريبها الى الخارج ، ولم تنقذ اقتصاد البلد المتهالك الواردات النفطية بعد هبوط سعر برميل النفط الى الحضيض ، كما لم تنقذه واردات السياحة الدينية في العتبات المقدسة لأن كل دينار يتبرع به الزائرون لأضرحة الأولياء يذهب إلى إيران لإنقاذ اقتصادها من العقوبات الدولية التي نجحت حكومة طهران في تجنب تداعياتها بفضل ما تحصل عليه من ثروات العراق .
وعلى الصعيد الاجتماعي ، تعرضت المنظومة التربوية والأخلاقية الى هزة عنيفة بسبب تفشي (أخلاق ملالي إيران) في المجتمع ، إذ لم نكن نسمع قبل ذلك بوجود رجل دين يسرق ويقتل ويشرب الخمر ويزني ويصور عمليات الزنا ويحتفظ بفيديوهاته الإباحية ثم يتم تسريبها لتنشر على الملأ ، والطامة الكبرى أن الحكومة العراقية (التي عادة يتم تعيينها ومباركتها من قبل حكومة طهران) جاءت لتحكم البلد بإسم الدين ، والدين منها براء ، واليوم يرفع مئات الآلاف من المتظاهرين شعار (باسم الدين باكونا “سرقونا” الحرامية) .
كما أدخل الإيرانيون المخدرات الى العراق في سابقة لم تحصل من قبل ، وباتت المدن الدينية وأولها كربلاء ساحة ينشط فيها تجار المخدرات الإيرانيون ، فضلاً عن محافظتي البصرة والناصرية اللتين ابتليتا بهذا الوباء الدخيل .
أما على الصعيد الدولي ، فقد نجحت إيران في عزل العراق عن محيطه العربي من خلال جعله حديقة خلفية لها يأتمر بأوامرها ويقيم علاقات مع الدول التي تسمح له إيران بإقامة علاقات معها ، فإذا غضبت إيران على السعودية غضبت الحكومة العراقية أيضاً ، وإذا قبّلت إيران أقدام أمريكا قبّلت الحكومة العراقية أقدامها أيضاً .
وباختصار شديد ، إيران قدمت للعراق : الفقر ، اقتصاد منهار ، أزمات سياسية ، انفلات أمني ، إرهاب ، فساد مالي ، احتلال داعشي ، فتن طائفية ، انهيار في المنظومة الأخلاقية ، تخلف ، جهل ، انعدام الخدمات ، أوبئة وأمراض ، عزلة شبه تامة عن العالم العربي وعزلة عن العالم .
كل هذه المآسي التي تعرض لها العراق على أيدي إيران والملالي الذين يحكموها كانت قد حذرت منها منظمة مجاهدي خلق منذ أكثر من عشر سنوات وأصدرت البيانات تلو البيانات وفضحت المخطط الإيراني للسيطرة على العراق سياسياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً ، واليوم نقولها و في القلوب غصة وأسى : نعم .. لقد صدقتْ كل تحذيرات مجاهدي خلق !