اخذت اغلب الكتل السياسية تلقي الكرة في ملعب رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد دعوته الأخيرة للتعديل الوزاري واجراء إصلاحات شاملة فمشاركة السيد مقتدى الصدر في التظاهرة المليونية التي دعا اليها شخصيا والدعوة الى التظاهر كل يوم جمعة رسالة قوية وواضحة للحكومة وبما لا يقبل الشك ان التغيير قادم وبقوة وبخاصة بعدما ترك وزراء وبرلماني كتلته وراء ظهره وجعل مصالح الشعب في مقدمتهم بعد كلام سماحته عندما قال: “ان أي أحد من افراد الحكومة لا يمثلني على الاطلاق بل يمثل نفسه، وإن انتمى اليّ وإن تعاطف معنا او انتمى الينا “
وهذا الكلام أحرج الكتل الأخرى امام الشعب المطالب بالإصلاح الجذري وبخاصة المنضوية تحت لواء التحالف الوطني التي بات عليها الإسراع بإعلان موقفها من التغيير لكي ، لا تركب موجة ” رِجل بالحكومة ورِجل بالمعارضة ” لان الشعب بدأ يعرف تلك الألاعيب وبعد ” ما تعبر عليه ” وبالتالي تخسر “الاكو والماكو ” رافق دعوة السيد مقتدى الصدر ما أشارت اليه المرجعية الرشيدة من خلال خطب الجمعة الأخيرة وبإشارات واضحة تظهر عدم الرضا على أداء الحكومة حيث انها وضعت النقاط على الحروف من خلال إشارات بليغة” إياكِ أعني واسمعي يا جارة ” وهي رسالة تحذير وانذار من خلال طرحها لما جاء بوصية الامام علي عليه السلام الى مالك الأشتر، والتي فيها الكثير من الدروس والعبر ومنها قوله (عليه السلام): (أَنْصِفِ اللَّهَ وأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ ومِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ ومَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى مِنْ رَعِيَّتِكَ، فَإِنَّكَ إِلاَّ تَفْعَلْ تَظْلِمْ، ومَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ).
وتعني الالتزام باحترام حقوق الاخرين وعدم التمييز بين القريب منك والبعيد عنك فهل نجد ابلغ من هذا القول، وهي إشارة واضحة الى الغبن وعدم المساواة بين طبقات المجتمع في كل شيء خاصة بعد حزمة الإصلاحات التي أطلقها رئيس الوزراء وطالت قوت الفقراء من خلال تخفيض الرواتب من باب التقشف ناهيك على فرض رسومات على الخدمات الصحية وغيرها ولعل القادم اسوء بكثير، فيما تركت الكبار الذين باتوا يمتلكون احياء في الدول الاوربية ” مفرّهدي البلد” يسرحون ويمرحون
وبعد كل هذه الدعوات بدأ السيد العبادي في الترويج لإصلاحاته وفي مقدمتها التعديل الوزاري على الرغم من انه يعلم سلفا ان المهمة صعبة جدا وهذا ما أكده في معرض كلمته بمؤتمر للمصالحة المجتمعية حينما قال “لا يمكن اصلاح المجتمع والاحزاب المتنفذة غير صالحة ولا يمكن ان نعمق مفهوم الديمقراطية وهذه الاحزاب غير ديمقراطية” ، وبكلامه هذا فقد قضى على كل احلام الشعب المطالب بالتغيير بمعنى الجماعة ” نايمين على كلوبنا ” ناهيك عن دعوته الى الكتل السياسية لتقديم مرشحيها من ” التكنوقراط ” وبالتالي ستفرض تلك الكتل مرشحيها وكأن التغيير هو تبادل الاخوان للأدوار فيما بينهم بعدما تعبوا من عد المنح والهبات والرواتب الخيالية وكأن العراق خالي من الكفاءات ، خاصة وان اغلبهم كان قد جرب حظه العاثر ضمن وزارات أخرى ولم يفلح ..؟؟
نحن نعتقد ان العبادي لن ينجح في تشكيل حكومة تكنوقراط الا في حال قرر هو الاخر ان يخلع عباءة حزبه، وبالفعل فقد دعته اغلب الكتل لذلك وإذا ما ظل يماطل مثلما فعلها في اول مرة عندما وقف الجميع معه وفي مقدمتهم المرجعية الرشيدة من اجل اجراء إصلاحات جوهرية فأنه سيضع نفسه هذه المرة في موقف لا يحسد عليه..!!
وختام القول ان الشعب لا يمكنه ان يضمن نجاح عملية اختيار حكومة تكنوقراط لأنه مدرك تماما ماهي نوايا الكتل السياسية وأنها مجرد محاولات لتغطية فشلها في إنعاش اقتصاد البلد واخراجه من محنته التي وضعته فيها، وبالتالي ستدور الدوائر عليك بالآخر، لان ما نسمعه من تصريحات وتسريبات حول أسماء المرشحين كالمثل القائل ” الحچي ما كله الثور” والله من وراء القصد ..!!!